قبل سنوات قليلة، لم يكن حضور الابتكارات والاختراعات كما هي الحال الآن، إذ بدا كأنه ترف لا طائل منه، ما دام المأوى والمأكل متوافرَين. عبارة مثل «الله لا يغير علينا» كانت نموذجاً للنسق الاجتماعي العام، من دون أن يعني ذلك أنه لم يكن من وجود للقدرات والمواهب، لكن البيئات الحاضنة لها والداعمة لها اختلفت اختلافاً جذرياً بحيث يكاد لا يمر فصل أكاديمي بلا أخبار عن ابتكارات جديدة، خصوصاً أن الابتعاث ضخ عدداً من المبتكرين وصلوا إلى العالمية بإبداعاتهم. من تلك الحاضنات المشجعة للابتكار «مؤسسة الملك عبدالعزيز» للموهبة والإبداع، التي ترعى الموهوبين وتطور قدراتهم، وكذلك برنامج «بادر» لحاضنات التقنية. ليست «مؤسسة الملك عبدالعزيز» المعنية بالابتكار فحسب، إذ تأتي مبادرة «سابك» التنموية التي أطلقتها في الرياض بعنوان: «موطن الابتكار»، مجسدة ل «رؤية 2030»، التي تستند إلى محاور ومرتكزات عدة، منها تنويع الاقتصاد السعودي وخلق فرص للاستثمار والابتكار والإبداع، ومنح الفرص للشباب لإطلاق طاقاتهم، والعمل وفق أقصى إمكاناتهم. وهناك أمثلة كثيرة عن كل هذه الأعمال التي تقوم بها «سابك»، سواء في مجال البحث العلمي أم تطوير الأعمال، ووضع الصناعة السعودية في الريادة على مستوى العالم. كما يعد برنامج «بادر» لحاضنات ومسرعات التقنية الذي تم تأسيسه عام 2007 أحد برامج مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهو برنامج وطني شامل يسعى لتفعيل وتطوير حاضنات الأعمال التقنية لتسريع ونمو الأعمال التقنية الناشئة في المملكة، والإسهام في دعم الاقتصاد السعودي وتلبية حاجات المجتمع في المجال التقني، من خلال دعم ريادة الأعمال والابتكار وحاضنات التقنية، وتوفير بيئة مناسبة لنمو المؤسسات التقنية الناشئة، تقوم على مبدأ تقليل الأخطار والتركيز على تطوير الأعمال التقنية لبناء مجتمع واقتصاد قائمَين على المعرفة في المملكة. وأوضح قائد فريق التسويق الرقمي في وحدة دعم ريادة الأعمال في «بادر» مهند الفايز أن عدد حاضنات برنامج «بادر» خمس، ثلاث منها في الرياض وواحدة في جدة وأخرى في الطائف، وأشار إلى أن عدد المشاريع المحتضنة حالياً 92 من أصل 172 مشروعاً، فيما بلغت عدد المشاريع المتخرجة 16 مشروعاً حتى الآن. وعن أبرز المشاريع المحتضنة، قال الفايز: في مجال تقنية المعلومات والاتصالات تم احتضان مشروع «مرني»، وهو منصة إلكترونية تفاعلية لحظية تقدم خدمات المساعدة على الطريق في السعودية عبر تطبيق مخصص للهواتف الذكية، وتقوم بتوفير خدمات النقل للأفراد والمؤسسات، كذلك مشروع «مود كلاود» وهي خدمة تساعد المطور في تسريع خطوات تطوير تطبيقاته من طريق توحيد إعدادات خادم التطوير والإنتاج، و «فودكس» وهي شركة سعودية متخصصة في دعم قطاع الأغذية بالتكنولوجيا الحديثة التي تعمل على تحسين وتعزيز أعمالهم في مجال المبيعات والعمليات التشغيلية، وهو نظام متكامل لإدارة المطاعم. وأضاف الفايز في حديثه ل «الحياة» أن «بادر» احتضن أيضاً في إطار التصنيع المتقدم الإلكترونيات المعقدة، منصة سحابية متقدمة تتحكم بالأجهزة بطريقة تفاعلية ذكية، تسمح للعملاء بتبني أنظمة التحكم المنزلي بجزء بسيط من كلفة المنتجات المشابهة، إلى جانب مشروع «الساقية» الذي يقوم على تقديم آلة للري بطريقة مبتكرة. ويتميز المشروع بترشيد استهلاك مياه الري في المزارع، فضلاً على توزيعها بكميات متساوية على النخيل، وفي حال وجود أي خلل في النظام يقوم بالتنبيه. وأشار قائد فريق التسويق الرقمي إلى أن «شركة المسند للبحوث السريرية» تمت رعايتها في مسار حاضنة التقنية الحيوية، لافتاً إلى أن المركز من أوائل المنظمات في البحوث السريرية المرخصة في السعودية تقديماً للخدمات الأساسية لمراحل الدراسات الإكلينيكة، ولديها وجود قوي في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، كما توفر الشركة التطوير السريري الكامل والخدمات التنظيمية لعملائها الذين تمكنهم من تسريع عملية الانتهاء من تطوير العقاقير. وفي المعايير العضوية كشف الفايز أن «بادر» يحتضن مصنعاً متكاملاً لإنتاج مختلف أنواع منتجات الأسمدة والمخصبات الطبيعية، وسيكون في منطقة الرياض. وسيقسم المشروع إلى مراحل عدة، ويتم تخصيص كل مرحلة من مراحله لإنتاج منتج طبيعي معين، إضافة إلى برنامج «بادر» للفاعليات ومشاركته في برامج على مستوى مناطق المملكة.