تترقب أوساط ألعاب القوى متى "يطفئ" الأميركي ديفيد أوليفر الرقم العالمي في سباق ال110 أمتار حواجز. ويرى خبراء أن الرقم الجديد في قدميه، وأن الأمر مسألة وقت قصير لا أكثر استناداً إلى مؤشرات النتائج الفنية ودلائلها الأخيرة. وكاد أوليفر "يفعلها" ويحطّم رقم الكوبي دايرون روبلز ( 12.87 ثانية) في لقاء باريس الدولي قبل نحو عشرة أيام، حين سجل زمناً مقداره 12.89ثانية. وهو أفضل رقم عالمي هذا الموسم وثالث أفضل رقم في التاريخ، علماً أن المضمار السريع في ستاد دو فرانس (ضاحية سان دوني الباريسية) شهد عام 2008 تسجيل روبلز 12.88ث. وفي غضون عامين، تمكن "العملاق" أوليفر من كسر حاجز ال13 ثانية ست مرات (منها أربع مرات هذا الموسم وهو الوحيد الذي إخترق هذا الحاجز). وواصل تألقه الخميس الماضي وحقق فوزه الرابع في الدوري الماسي، مسجلاً 13.01 ث خلال لقاء موناكو الدولي، متقدماً على مواطنه ريان ويلسون (13.13 ث) والجامايكي دوايت توماس (13.29ث). كانت كرة القدم الأميركية الرياضة الأساس بالنسبة لأوليفر. وقد زاولها على مستوى متقدّم ضمن البطولة الوطنية مع فريق جامعة واشنطن. وساعدته بنيته القوية وقامته الممشوقة على البروز علماً أنه لم يعتنِ بها ويصقل عضلاتها، لكنه يبدو أن إستمد بالوراثة ميزة القوة رياضياً من والدته برندا تشامبرز عداءة ال400م حواجز وعضو المنتخب الأميركي عام 1981. واللافت أن أوليفر لم يطلِع على تاريخ والدته الرياضي قبل سن الحادية عشرة، كما أنها لم تحضه على مزاولة الجري! ويكشف "البطل الواعد" أن معلوماته الفنية كانت ضعيفة، فمثلاً عرف متأخراً أن أقصر مسافة رسمية على المضمار المكشوف هي ال100م. وهو سباق لم يجذبه، بخلاف ال110 أمتار حواجز الذي وجد في نفسه القدرة على خوضه والتميّز فيه. ويذكر أوليفر أنه إهتم كثيراً بمتابعة سباق ال110 أمتار حواجز ونتائج مواطنه ألن جونسون خلال دورة سيدني الأولمبية عام 2000. في المقابل، كان بالكاد يعرف مواطنيه البطلين مايكل جونسون (400م) وماريون جونز (100 و200م والوثب الطويل). جهد أوليفر (28 سنة) طويلاً مع مدربه بروكس جونسون منذ عام 2005 ليحقق مراده. وسجل أخيراً تقدماً مضطرداً على رغم إصابة أخّرت إعداده العام الماضي. ويعتبر أنه بلغ نضوجاً بدنياً وتقنية ممتازة في تناسق حركات الفخذين خلال الجري وتجاوز الحواجز. كما يلفت إلى أن "المدرسة الأميركية" تخرّج دائماً أبطالاً يعمّرون ويبرزون في سن متقدمة أمثال جونسون وترانس تراميل، وهو يسير على خطاهم. عام 2007، وضع أوليفر نصب عينيه تحقيق 12.87ث باعتبار أن الرقم العالمي الذي سجله الصيني ليو تشيانغ بلغ 12.88ث، علماً أنه كان "يساوي" 13.20 ث. ولا يغالي القول حين يفصح ان بلوغ 12.85ث هو هدفه المقبل، ليتجاوز رقم روبلز العالمي (12.87ث) الذي سجله عام 2008.وفي مستهل الموسم الحالي، أعلن أوليفر أنه يتطلع إلى تحقيق 12.95ث، لكنه تخطى توقعاته محققاً 12.93ث في بطولة الولاياتالمتحدة أواخر حزيران (يونيو) الماضي، ثم 12.90ث في لقاء أوجين (3 تموز/يوليو). الآن، بات أوليفر ينتظر الوقت المناسب لبلوغ مراده، وتحديداً متى تضافرت عوامل عدة مناسبة. وهو أسف لغياب روبلز عن لقاء باريس بداعي الإصابة، إذ ينشد منافسة حامية وسباقات مثيرة تسرّع تحطيم الرقم العالمي. وفي إطار ما حققه الجامايكي أوساين بولت على مسافتي ال100 وال200م في العامين الماضيين متخطياً "حدود المعقول" في تحطيم الأرقام القياسية، بات يُنظر إلى أبعاد جديدة في إختصاص ال110 أمتار حواجز، وذلك على رغم صعوبة تقنية سباقات الحواجز واتباع ايقاع الخطوات الثلاث بين القفزة والأخرى. وفي ضوء ما تقدّم، استعاد خبراء تحليلاً فنياً أعده الأميركي ويلبور روس عام 1970 اعتبر حينها غير واقعي، إذ توقع أن يبلغ الرقم القياسي العالمي يوماً حدود ال12.75ث. وتولى روس تدريب أبطال كبار من حملة الأرقام العالمية أمثال رينالدو نيهيميا (12.93ث) وغريغ فوستر (13.03ث) وطوني ديز (13.05ث). واليوم يفصل أقل من 20 سنتيمتراً أي نحو جزءين في المئة من الثانية بين رقمي أوليفر وروبلز.