أعادت صفقات الطيران الخليجية التي أُعلنت خلال معرض فارنبورو في بريطانيا قطاع النقل الخليجي إلى صدارة القطاعات الاقتصادية بصفته أحد أهم هذه القطاعات التي لا تزال تحقق معدلات نمو وتظهر مستويات تطور على رغم الركود الاقتصادي العالمي. وبيّن التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» أن عدد الصفقات التي أُعلنت خلال المعرض وحجمها يشيران إلى مدى الاهتمام بتطوير القطاع على المستوى الخليجي، إذ أعلنت «شركة طيران الإمارات» شراء 30 طائرة من «بوينغ» بقيمة تسعة بلايين دولار، إضافة إلى صفقة محركات وخدمات طيران بقيمة 4.8 بليون دولار. وقبل ذلك بشهر أعلنت «طيران الإمارات» عن صفقة مماثلة مع «آرباص» خلال معرض برلين اشترت بموجبها طائرات جديدة من «آرباص 380» العملاقة بقيمة 11 بليون دولار. وتقدّر المؤسسات الدولية حاجة المنطقة إلى نحو 1710 طائرات جديدة بين عامي 2009 و2028، بتكلفة 300 بليون دولار، من أصل 29 ألف طائرة تحتاجها أساطيل النقل الجوي في العالم بتكلفة 3.2 تريليون دولار. وتوقعت «المزايا» التي تتخذ من دبي مقراً أن يعزز النمو الكبير في قطاع النقل من خلال الاستثمارات في المطارات وخطوط الطيران والقطارات والسكك الحديد والطرق من مساهمة قطاع الطيران والنقل في الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي بصفته أحد القطاعات غير النفطية التي تعوّل عليها هذه الدول لتنويع مصادر الدخل بعيداً من الاعتماد المطلق على عوائد النفط. ونقلت عن «التقرير السنوي لمناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2009» الذي أطلقته «المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات»، أن قطاع النقل الجوي يقوم بدور محوري في التنمية الاقتصادية في المنطقة العربية عموماً، وفي استقطاب الاستثمارات المباشرة الخاصة المحلية والأجنبية خصوصاً، إذ بلغ حجم الاستثمارات التراكمية في قطاع البنية الأساسية للنقل الجوي داخل المنطقة العربية ما يزيد على تريليون دولار، مع توقعات ببلوغه ثلاثة تريليونات دولار، مع تنفيذ كثير من المشاريع الضخمة داخل القطاع والقطاعات المرتبطة به في شكل مباشر وغير مباشر. وأضاف تقرير المؤسسة في محور خاص بعنوان «النقل الجوي العربي: الآفاق المستقبلية في ضوء الأداء الراهن»، «أن هذا القطاع على المستوى العالمي، يساهم في شكل مباشر وغير مباشر بما يعادل نحو 7.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وعلى المستوى العربي، يساهم قطاع النقل الجوي بأكثر من 75 بليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط بحصة تبلغ اثنين في المئة من مجمل مساهمة القطاع العالمي في الناتج العالمي. ويؤمّن القطاع نحو 1.1 مليون وظيفة في المنطقة، كما تضم الأساطيل الإقليمية حالياً أكثر من 700 طائرة، ويُتوقع أن تتضاعف أهمية هذا القطاع في المنطقة مع النمو المتوقع في أحجام الأساطيل لتضم أكثر من 1200 طائرة خلال السنوات ال 15 المقبلة، فضلاً عن وجود نحو 200 مطار ومطارين، منها 91 مطاراً دولياً، مع خطط توسع وتطوير تزيد قيمتها على 105 بلايين دولار، منها 78.6 بليون دولار في 10 مطارات من كبرى مطارات المنطقة العربية، وذلك لإضافة قدرات استيعابية جديدة إلى منشآتها بحلول عام 2012، بما يتيح سعة لنحو 318 مليون راكب إضافي سنوياً، أي بزيادة مقدارها 292 في المئة عن المعدلات الحالية، ما سيرفع إجمالي معدلات السعة في هذه المطارات إلى 400 مليون راكب تقريباً». وعلى رغم الأزمة، شهدت مختلف مؤشرات قطاع الطيران نمواً عام 2008، وفقاً لتقرير «المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات»، إذ ارتفع عدد الركاب في المطارات العربية بنسبة 11.2 في المئة إلى 184 مليون راكب، فيما نما حجم نشاطات الشحن بنسبة ثمانية في المئة إلى 4.7 مليون طن، وازدادت حركة الطائرات المغادرة بنسبة 6.7 في المئة لتصل إلى 1.6 مليون طائرة. ورصد تقرير «المزايا» عدداً من مشاريع تطوير المطارات العملاقة في المنطقة حيث يجري على قدم وساق تشييد مطار الدوحة الجديد بتكلفة تزيد عن 14 بليون دولار. وسيستوعب المطار الجديد نحو 28 مليون مسافر سنوياً لدى افتتاح المرحلة الأولى، و50 مليوناً عند اكتمال كل مراحل البناء عام 2015، وهو ما يعادل الطاقة الاستيعابية لمطارات فرانكفورت في ألمانيا وشارل ديغول في باريس وفورت ورث في دالاس. وسيضم المطار الجديد مباني ضخمة جديدة لخدمات الشحن بطاقة استيعاب تبلغ مليوني طن في السنة، كما سيضم حظائر للطائرات ومنشآت ومباني تابعة ل «الخطوط الجوية القطرية»، إضافة إلى ثلاثة فنادق فاخرة. يُذكر أن لدى «الخطوط القطرية» التي تملك حالياً نحو 83 طائرة متنوعة تصل إلى 89 وجهة حول العالم، ما يزيد على 200 طائرة تحت الطلب تفوق قيمتها 40 بليون دولار. ولفتت «المزايا» إلى وجود حركة نابضة في مجال الطيران الخاص على رغم ما أصاب القطاع على المستوى العالمي من الأزمة المالية والركود الاقتصادي. ويصل عدد أسطول الطائرات الخاصة التي تحلق في سماء منطقة الخليج حالياً إلى نحو 500 طائرة، تملكها جهات حكومية وخاصة وشخصيات شهيرة ورجال أعمال، وتستحوذ السعودية على 50 في المئة من هذه الطائرات، تليها الإمارات بنسبة تصل إلى 35 في المئة، فيما يُتوقع ارتفاع عدد الطائرات الخاصة إلى نحو 1350 طائرة في غضون السنوات العشر المقبلة. وأشارت إلى أن خبراء قدّروا حجم استثمارات هذا القطاع على مستوى المنطقة بنحو أربعة بلايين دولار، بيد أن حجم العوائد السنوية التي يدرّها الطيران الخاص في مجال التأجير قد يصل إلى 800 مليون دولار، فيما تناهز العوائد السنوية للاستثمار في قطاع الطيران الخاص 10 في المئة. ورجح معدّو تقرير «المزايا» أن يبلغ حجم استثمارات قطاع الطيران الخاص في منطقة الخليج عام 2012 نحو 700 بليون دولار. ووفقاً لتقرير ل «اتحاد الطيران الخاص الدولي»، فإن قرابة 14 ألف طائرة جديدة ستدخل سوق الطيران الخاص العالمي خلال السنوات العشر المقبلة. ولفتت «المزايا» إلى أن الاستثمارات الضخمة في المطارات والبنية التحتية والطائرات ومرافق الصيانة والخدمات المتعلقة بالطيران تتقاطع مع خطط مشاريع قطارات التي ستربط دول الخليج باستثمارات تصل إلى 25 بليون دولار. وبحسب مصادر إعلامية، فإن طول مشروع السكك الحديد الخليجي المتوقع أن يبدأ التحرك بحلول عام 2017، يبلغ أربعة آلاف كيلومتر معظمها يمر عبر الأراضي السعودية، ومن بينها 200 كيلومتر داخل قطر، وقرابة 550 كيلومتراً داخل الإمارات، إذ يبدأ من منطقة سلوى على الحدود القطرية - السعودية مروراً بإمارة أبو ظبي ثم دبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة في وقت بدأت قطر تعد العدّة لإطلاق عمليات إنشاء مترو الدوحة بتكلفة 25 بليون دولار، بعدما تم بنجاح إطلاق المرحلة الأولى (المعروفة باسم الخط الأحمر) من مترو دبي قبل شهور. وسلط التقرير الضوء على مشاريع مماثلة في الرياضوجدة والكويت. وأشار إلى خطط السعودية لمد خطوط حديدية يتجاوز طولها ألف كيلومتر، وتشمل خطاً بطول 950 كيلومتراً يربط مدينة جدة على البحر الأحمر بالعاصمة الرياض، وميناء الدمام على الخليج، كما تشمل ربط مدينتي مكة والمدينة وربط مناجم للفوسفات والبوكسيت في شمال البلاد بمدينة الجبيل على الخليج، إضافة إلى التخطيط لإنشاء وصلة حديدية بطول 340 كيلومتراً بين الرياض ومدينة البريدة الشمالية.