في شتاء العام الحالي، نجح مفاعل الاندماج النووي «فِندِلشتاين 7 - إكس شتلاراتور» الألماني في تسخيم الهيدروجين إلى 80 مليون درجة مئويّة، والحفاظ على «غيمته» الساخنة 4 ثوانٍ. وقبل أسابيع قليلة، أعلنت الصين أن مفاعلها «إيست» EAST للاندماج النووي، وهو يعمل بأسلوب «توكاماك» مع إدخال تطوّر عليه، نجح في تسخين «غيمة» الهيدروجين إلى قرابة خمسين مليون درجة مئويّة، والاحتفاظ بها ل102 ثانية، ما يشبه الاحتفاظ بالشمس في مفاعل على الأرض لدقيقة وبضع ثوانٍ وإبعاد لهيبها عن جدران المفاعل، مع التعامل مع الطاقة التي أنتجها «إيست». وكذلك يسعى علماء المفاعل الصيني إلى تسخين «غيمة» الهيدروجين إلى مئة مليون درجة، والاحتفاظ بها ساخنة لما يفوق ربع ساعة. ويعني ذلك أن الصين دخلت سباق الاندماج لتنافس ألمانيا، روسيا، اليابان، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وهناك دول بدأت في الانخراط في السباق كالبرازيل وكوريا وكندا. متى تصل شمس الاندماج إلى البيوت؟ في الوقت عينه، أوضح فريق «فِندِلشتاين 7 - إكس شتلاراتور» أنه بات في إمكانه نظرياً الإمساك ب «غيمة» الهيدروجين ساخنة لنصف ساعة. وفي تلخيص لا يخلو من الخلل، يفرض السباق على علماء الصين الاهتمام بزيادة درجة الحرارة في «غيمة» الهيدروجين، فيما يتوجّب على علماء ألمانيا التركيز على زيادة مدّة الاحتفاظ بتلك «الغيمة» الساخنة. وفق «الهيئة النوويّة العالميّة»، يتطلّب الاندماج النووي كمية أولية كبيرة من الطاقة كي تنهض بمهمة تقريب أنوية الهيدروجين من بعضها بعضاً، إلى مسافة تكفي لاندماجها، ولمدة تكفي لرفع إمكان حدوث الاندماج، مع توليد سخونة ضخمة لتحقيق اندماج أنوية الهيدروجين. يصح القول أن الاختبار الأول ل «فِندِلشتاين 7 - إكس شتلاراتور»، كان نجاحاً كبيراً، لكنه يعني أن عملاً ضخماً لا يزال أمامه كي يعطي طاقة يستفاد منها عمليّاً. ومثلاً، بعد الاختبار أعيد فتح قلب المفاعل «شتلاراتور» لتركيب صفائح من الكربون لحماية الجدران، بهدف إطالة الإمساك ب «غيمة» الهيدروجين الساخنة إلى 30 دقيقة. ووفق البروفيسور طوني دونّيه، رئيس برنامج «يورو فيوجن» الأوروبي للاندماج النووي، ربما تحقّق إنتاج الطاقة بتلك الطريقة في النصف الثاني من القرن 21. وأوضح دونّيه أنّ برنامج «يورو فيوجن» بات بصدد وضع تصميم لمفاعل اندماج يقدر أيضاً على إنتاج طاقة حراريّة على مستوى كبير، واستخراج كهرباء منها. وحاضراً، تتجه الأذهان نحو تبني طريقة «توكاماك»، لكن الأمور ربما تغيّرت لاحقاً. في نفسٍ مشابه، يجري بناء مفاعل «آيتير»، في فرنسا وفق نموذج «توكاماك». ويتوقّع أن ينجَز عام 2025، وفق دونّيه. وحينئذ، سيبدأ باستخدام ال «تريسيوم» وال «دوتيريوم»، كي يصبح قادراً على إنتاج الطاقة بحلول العام 2035.