قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري «إننا متجهون نحو علاقة جدية وصحيحة وأخوية مع سورية لا تراجع عنها، وهي مبنية على الصراحة والتشاور الصادق مع الرئيس بشار الأسد بكل الأمور أكانت عادية أو حساسة وعندما أزور سورية الآن أشعر في مكان ما أني أزور بلداً شقيقاً وصديقاً جداً على رغم أنه كان لزيارتي الأولى طابع صعب». وأوضح في حديث شامل الى «الحياة»، أجرته معه ليل الأربعاء – الخميس بعد جلسة مجلس الوزراء، هو الأوسع منذ توليه رئاسة الحكومة، أنه أجرى مراجعة نقدية لعلاقته بسورية، وأنه كانت هناك أخطاء، معتبراً «أن من ينطلق من أنه لم يرتكب أي غلطة يكون يرتكب أول غلطة لأن ليس هناك من لا يخطئ في السياسة أو في حياته الشخصية أو في تعامله مع أصدقائه فما بالك حين تتعامل مع قضية في حجم العلاقة مع سورية». وأضاف الحريري: «من المؤكد أن هناك أخطاء ارتكبت وأن أموراً صحيحة قمنا بها لكن يجب أن نتعلم من الماضي لنبني للمستقبل وإذا عشنا على أطلال الماضي ومآسيه فلن نتقدم. لقد تعلمت الكثير خلال السنوات الخمس الماضية والأمر الأساسي الذي تعلمته هو أن يكون المرء صادقاً مع نفسه ومع الناس». ورأى الحريري أن «من الظلم القول إن سورية تتدخل في شؤوننا الداخلية عندما تستقبل شخصيات لبنانية لأن كثيرين من حلفائي وحتى المقربين مني يسافرون الى دول عربية عدة. هناك تدخل إيجابي وحين حصل التوافق السعودي – السوري لا أحد يستطيع أن ينكر أنه أدى الى حكومة وحدة وطنية، أوَليس هذا تدخلاً إيجابياً؟». واعتبر أن استقرار لبنان وعدم التشنج فيه يريح سورية، وقال إن غياب الحوار كان السبب في التطورات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة في لبنان، مؤكداً أن أبوابه مفتوحة للحوار والتواصل «وليس لدي مشكلة في أن أتحاور مع أي شخص وفي أي وقت وأتحدث معه في أي هاجس لديه». وقيل للحريري: «حين تعرف الحقيقة في جريمة اغتيال والدك الرئيس رفيق الحريري كيف ستتصرف؟». فأجاب: «أنا أتصرف بصفتين: في قلبي كسعد بن رفيق الحريري، وبشخصي كرئيس وزراء لبنان. وفي الوقت نفسه سأرى ما هي المصلحة الوطنية، والمصلحة الوطنية هي الحقيقة ولو لم تكن كذلك لماذا أنشئت المحكمة الدولية؟». وأوضح أنه تحدث في هذا الموضوع مع الرئيس الأسد، وقال: «تحدثنا فيه بهدوء وموضوعية ولا أريد أن أدخل في التفاصيل، هذه أمور لا أود أن أدخل في تفاصيلها أكثر». وشدّد الحريري على أن الفتنة في لبنان مرفوضة، وقال إن المسيحيين والمسلمين والسنّة والشيعة سيكونون ضدها ويقفون لها بالمرصاد. وأضاف: «أن الفتنة في يد كل من له قرار سياسي. ومن يردْها فهو قادر على أن يفتعلها ومن لا يردْها يتجنبها ونحن جميعاً قادرون على تفاديها. لا أحد يقول لي إن الفتنة قادمة ولا أحد يستطيع فعل شيء لمنعها، هذا الكلام بالنسبة لي مرفوض، نحن نصنع أقدارنا بأفعالنا». ورداً على سؤال عن وجود مخاوف لدى «حزب الله» من استهدافه؟ قال إن كل لبنان مستهدف ومهدد من إسرائيل «وكنت أنا هُدّدت شخصياً ونحن كلنا في الهوا سوا لأن التهديد قائم ضد كل اللبنانيين وليس لدي شك في أن السيد حسن نصرالله مهدد وأنا عملي رئيساً للحكومة وعمل الآخرين هو أن نجنب لبنان أي مواجهة مع إسرائيل. ومن أجل طمأنة اللبنانيين علينا أولاً أن ننزع الفتيل وأن نتحاور بهدوء. هذه هي الطريق الوحيدة التي يقوى فيها لبنان في وجه أي تهديدات إسرائيلية إضافة الى الجولات الخارجية التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وأنا». وسئل: ماذا تقول للبنانيين الخائفين من الفتنة والحرب؟ فأجاب: «أقول لهم لا تخافوا، لا توجد فتنة أو حرب وكل هذا مجرد تهويل من إسرائيل، لا أحد يفكر أنه يمكن في أي لحظة من اللحظات، أياً تكن اللحظة ومهما كانت صعوبتها، إلا أن نكون موحدين ضد الفتنة والتهديدات الإسرائيلية، هذه اللعبة لن تمر في لبنان، هذا لبنان واحد والعدو واحد وهو إسرائيل». وعما إذا كانت سورية طلبت منه الابتعاد عن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع؟ قال: «نحن قادرون على الجمع بين تحسين العلاقة مع سورية والحفاظ على التحالف كأفرقاء سياسيين. وسورية لم تطلب مني أي شيء في ما يخص الملف الداخلي ونقطة على السطر. هم يريدون أن يتعاملوا مع الجمهورية اللبنانية والحكومة اللبنانية». وأكد أن الرئيس الأسد لم يفاتحه بالتغيير الحكومي، وهو أمر ليس مطروحاً على الإطلاق.