هل يفك «المفتش كرومبو» الألغاز الكثيرة التي استعصى حلها؟ وهل يُساهم في إزالة الغموض الذي طغى على مناح عدة في الحياة اليومية للمواطن؟ وهل يشارك «كرومبو» رغماً عنه في سياسة التغييب التي تعد أحياناً الملاذ الأوحد لاستيعاب المشكلات والتعامل معها؟ تحول «كرومبو» خلال أشهر إلى بطل وطني من دون أن يدري، أو بالأحرى من دون أن يدري صانعوه. هو خليط من «المفتش كولومبو» الشهير الذي جسد شخصيته في أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن العشرين بيتر فولك؟ وقبل أشهر خرجت الشخصية الكرتونية «المفتش كرومبو» الذي يبدو من اسمه أنه خليط بين اسم «كولومبو» ونبات الكرنب ليتم تمصيره. وعلى رغم أنه بدأ كحلقات قصيرة على شكل مسابقات في رمضان، فإن النجاح الذي حققه وشعبيته الواسعة بين الكبار والصغار حولاه إلى شخصية ذائعة الصيت. الحلقات التي تتميز بخفة الدم تعتمد على وقوع جريمة أو حادث ما، ويتم توجيه الاتهام لثلاث شخصيات تجمع بينها الأسماء الغريبة الخفيفة الظل مثل «سوستة الترزي» و «سكسوكة الحلاق» و «المعلم شلاطة بتاع البطاطا» و «فجلة الجنايني» و«أشرف دوت كوم» وغيرها. وبمرور الوقت، كلما حدثت مصيبة غير معروفة المصدر، سارع المشاهدون العاديون إلى إلصاق التهمة ب «كرومبو». فمثلاً، كتب المدون المصري وائل عباس إبان انقطاع الإنترنت في مصر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أن وزير الاتصالات طلب العون من «المفتش كرومبو» لمعرفة هوية من قطع حبل الإنترنت، وأن «كرومبو» حصر المشتبه فيهم في كل من «سوستة الترزي» و «سكسوكة الحلاق» و «فجلة الجنايني» على أساس أن كلاً منهم يمتلك مقصاً. وتتكرر الدعابة «اللاذعة» كلما وجد المشاهدون أنفسهم أمام حدث جلل وموجع ولا يجدون له تفسيراً أو تبريراً منطقياً من الجهات المختصة. فهناك من أطلق صيحة إغاثة إلى «المفتش كرومبو» مفادها «إلحقنا يا كرومبو فلسطين اتسرقت»، أو المطالبة بتدخله لفك طلاسم سرقة اللوحات الأثرية من قصر محمد علي باشا. وقبلها قيل إن «كرومبو» سافر إلى اليابان لمعرفة السبب وراء هزيمة النادي الأهلي في بطولة العالم للأندية. ولأن الإخفاقات بوجه عام كثيرة، والأحداث والحوادث غير المبررة عديدة، فإنه يتوقع أن يستمر نجم «المفتش كرومبو» في السطوع، فحين يخفق المواطن في فهم ما يحدث حوله، فإن ظهور شخصيات، وإن كانت خيالية، لتفسير الواقع، ولو كان تفسيراً هزلياً، أمر محمود. آخرون بدأوا يعربون عن قلقهم من أن تسارع إحدى الحكومات إلى إسكات «كرومبو» والسيطرة على قوته الخارقة، وفك طلاسم الألغاز مهما كانت درجة غموضها. فهل يُعيَن «كرومبو» وزيراً، وبذلك يصبح ملزماً بالانصياع للسياسة العامة وعدم فضح أي من القضايا التي يفضل أن تبقى غامضة، حتى ينشغل المواطنون بضرب الأخماس بالأسداس من دون جدوى وتبقى الأذهان بعيدة من معرفة الجناة؟!