لا أحد يشكك في جدوى المعسكرات التحضيرية، فهي من الناحية العلمية من أساسيات العمل لموسم رياضي شاق، وهي من صلب علم التدريب في جميع البلدان وفي كل الأماكن وكل الأزمنة. المعسكرات المكثفة للأندية السعودية هذه الأيام هي على وتيرة المعسكرات التحضيرية للأندية الأوروبية التي تتأهب لموسم رياضي جديد والفارق بين معسكرات أندية أوروبا ومعسكرات بعض الأندية تنحصر في درجات الانضباطية فقط. مقومات المعسكرات هي الانضباط ومن دون الانضباط تضيع كل الجهود وتضيع كل الأموال التي صرفت من أجل إقامة هذه المعسكرات، وأي معسكر سواء داخلي أم خارجي لابد من أن تكون مقوماته الأساسية الانضباط، والانضباط بحسب مفهوم العرب ينحصر في اللاعبين أما في مفهوم الرياضة بصفة عامة فيبدأ بالأجهزة الإدارية ثم اللاعبين، فإذا كان الجهاز الإداري منضبطاً انعكس ذلك على الفريق بأكمله وإذا كان غير ذلك فالمعسكر يتحول من تدريبي مثالي إلى سياحي ترفيهي. لا نعرف كيف تنفذ فرقنا في الخارج معسكراتها، والسؤال عن الانضباطية يصاحبه انفعال محموم من الأجهزة الإدارية بالذات، وكل التقارير الصحافية التي تنشر في وسائل الإعلام لدينا تأتي من المعسكر نفسه الذي لن يخرج عن تقارير إنشائية تؤكد أن كل شيء تمام التمام. سألت أحد اللاعبين الدوليين عن معسكرهم التدريبي الذي أقيم قبل إحدى المناسبات الرياضية للمنتخب فأكد إن المعسكر ممتاز ومثالي وناجح بكل المقاييس وان المسؤولين عن المعسكر وفروا كل شيء وكل الأمور تمام وختم تعليقه بقوله هذا للنشر، وهو نسخة مكررة من الأسطوانة نفسها التي يحفظها جميع اللاعبين عن ظهر قلب، أما التعليق غير القابل للنشر فقد قال همساً صدقني إن المعسكر فاشل للغاية والملاعب غير جاهزة وأن القائمين على المعسكر إدارياً شبه سياح والملعب الوحيد في الموقع نفسه يتحول فجأة إلى عروض فلكلورية لفرق غنائية ونترك التدريب لنتفرج مع المتفرجين. قلت للاعب أنت مؤتمن وهذا منتخب بلادك فلماذا تعطيني إجابتين قال لأن صراحتي ستبعدني عن المنتخب نهائياً وزملائي كلهم يحفظون عبرات المديح والثناء وتوارثنا ذلك جيل بعد جيل. لا يهم هذا الحديث المقلق لأنه مضى عليه سنوات وتعالوا لمعسكرات صيف هذا العام الذي يشهد أكبر حشد تحضيري للأندية السعودية، هل المعسكرات وفق الضوابط التدريبية القوية، أم هناك تسوق وسياحة على طريقة حج وبيع مسابح؟ لن نتهم أحد بالتهاون في معسكرات التحضير لكن النتائج عند العودة لمعترك المنافسات المحلية ستكشف كل شيء على الطبيعة وستسقط ورقة التوت أمام أنصار أي ناد تهاون في مسؤولية التحضير، وكلنا أمل بأن تكون معسكرات صيف هذا العام ناجحة ومثالية وحققت أهدافها. [email protected]