أكد رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر أن الجزء الأكبر من الرواتب والمستحقّات والموازنات التشغيلية ومنها الكهرباء، قطع عن عدن وعن المناطق المحرّرة منذ بدء الانقلاب العام الماضي. وأوضح في بيان أن المصرف المركزي في صنعاء «لا يرسل إلى هذه المحافظات إلا الفتات لذر الرماد في العيون، ولإيهام المجتمع الدولي بأن الحوثيين حريصون على الوفاء بالتزاماتهم، وهو أمر لم يحدث، فهم في الواقع وبالأدلة الملموسة والوثائق الدامغة قاموا بمنع هذه المخصّصات لتمويل حربهم وانقلابهم على الشرعية والدولة». وكشف بن دغر أن الحوثيين يحوّلون للمجهود الحربي 25 بليون ريال يمني شهرياً من إجمالي 75 بليوناً هي ما تنفق على الرواتب والأجور والخدمات بما فيها الكهرباء والصحة والتعليم، أي أنهم يستحوذون على 33 في المئة من مجموع الإنفاق الشهري للدولة، وهو ما أوصل البلد إلى هذه الحالة. وتعاني عدنوالمحافظات الساحلية بخاصة في فصل الصيف حيث تشتد الحرارة وتزيد نسبة الرطوبة، انقطاع الكهرباء لساعات طويلة نتيجة نقص الوقود. ورأى بن دغر أن «ما شجّع الحوثيين على التمادي في قطع الجزء الأكبر من الرواتب والمبالغ المخصّصة لدعم شراء المشتقات النفطية، تلك السياسة (...) التي سميت «الهدنة الاقتصادية» التي فرضتها بعض الدوائر النافذة في السياسة الاقتصادية العالمية مع بداية الأزمة، وهي السياسة التي افترضت حيادية المصرف المركزي وما يملكه من أموال تعود إلى الشعب اليمني في ظل عاصمة محتلة من قبل ميليشيات انقلابية، ومصرف مركزي يتحكّم بقراره جنرالات الحرب». وأكد أن توفير المشتقات النفطية يحتاج إلى بليون ريال يومياً لمحافظة عدنوالمحافظات القريبة منها على أقل تقدير، وهي مسؤولية المصرف المركزي الذي خرج عن سيطرة الحكومة منذ آذار (مارس) العام الماضي، عندما احتلت ميليشيات الحوثي وقوات صالح العاصمة صنعاء. ولفت إلى أن «المركزي» غدا خارج رقابة وزارة المال وقرار الحكومة. وكان عليه أن يرسل هذه المخصّصات الشهرية لعدن، طالما تقوم الحكومة وكل أجهزة الدولة في المناطق المحرّرة وغير المحرّرة بتوريد كل الموارد إلى «المركزي» وفروعه في المحافظات. وحذّر من أن التمادي في استهلاك ما تبقّى من نقد محلي لمحاولة معالجة المشكلات الناجمة عن العجز في توفير المشتقات النفطية، سينتج منه انعدام للسيولة النقدية والاحتياطات المحلية، وسيفضي إلى حالة من عدم القدرة على دفع الرواتب الشهرية للموظّفين المدنيين والعسكريين، لافتاً إلى أن هذا أمر «لا يجوز بأي حال من الأحوال بلوغه. فخطره على المواطنين عامةً أشد من خطر الانقطاعات الكهربائية». وفيما أكد أن الحكومة معنية بالأوضاع في عدن، أمنياً وخدمياً وبخاصة في مجال الكهرباء، شدّد على أنها «لا تتحمّل مسؤولية كاملة عمّا لحق بالبلد من دمار صنعته سنوات طويلة من سوء الإدارة، وفساد السياسات الاقتصادية التي ألحقت أضراراً كبيرة بالبنى التحتية، التي فاقمتها حرب الحوثيين وصالح على الشعب اليمني. كما أن من الإنصاف القول أن السلطة المحلية الحالية لا تتحمّل تبعات التراكمات التي أحدثت الأزمة». وجاء في بيان بن دغر: «في حرص شديد على استمرار خدمات الكهرباء والماء، والتي تعني مشتقات نفطية بدرجة أساس، لم يكن أمام السلطة على مدى عام وأربعة أشهر، سوى استخدام ما لدى «شركة مصافي عدن» و «شركة النفط اليمنية فرع عدن» من احتياطات نقدية استنزفت قدرات المصفاة، ووصول شركة النفط إلى هذه الحالة أو تكاد. وعند هذا الحد وحتى يستمر شراء المشتقات النفطية لتجنّب المزيد من الانقطاعات الكهربائية لجأت الحكومة لتحويل ما تبقّى من نقد محلي في بعض فروع المصرف المركزي إلى شركة النفط، بما في ذلك الاستعانة بمنحة فاعل الخير». وأضاف «إن الحكومة وقد عزمت على العودة إلى عدن كانت تدرك حجم هذه المأساة، واستحالة معالجة جذورها، والتخفيف من وطأتها على المواطنين دون تدخّل مباشر وعاجل من الأشقّاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الذين وقفوا معنا في السرّاء والضراء، وقادوا تحالفاً عربياً غيّر موازين القوى، وأعاد الأمور إلى نصابها، وأعلن عن موقف قومي عروبي غير مسبوق في تاريخ الأمة... له ما بعده... لقد فضّلت المجيء إلى عدن لتعيش الكارثة، وتحاول قدر الاستطاعة وقف التدهور وإنقاذ ما يمكن إنقاذه». وطالب بن دغر المجتمع الدولي بالسماح للحكومة الشرعية فقط بالمضي قدماً في بيع وتسويق نفط المسيلة في محافظة حضرموت (جنوب شرقي اليمن)، وتحرير نفط رأس عيسى (على البحر الأحمر) من سيطرة الحوثيين، معتبراً أن هذا القرار «لا يحل مشكلة عدن والمناطق المحرّرة بل ويعالج أزمة انقطاع الكهرباء في صنعاء وتعز والحديدة والمكلا وما جاورها من المحافظات الأخرى. كما يعيد شيئاً من الاستقرار لحياة الناس الاقتصادية والاجتماعية». وأكد أن الحكومة «لن تقبل ببيع النفط والغاز لتذهب أثمانه للمصرف المركزي ولعاصمة محتلة. يحارب بها الحوثيون الشعب اليمني». وأعرب عن أمله في أن تصل إلى عدن في الأيام المقبلة مساعدات «لإنقاذ ما يمكن إنقاذه»، استجابةً لنداءات إغاثة عاجلة أرسلتها الحكومة للدول الشقيقة، مشيراً الى أن الرئيس عبد ربه منصور هادي أرسل رسائل استغاثة للأشقّاء، وكرّر ذلك. ولم يغفل بن دغر الإشارة إلى أن «الخلافات الحادة والتناقضات العديدة والتي تغذّى من الخارج، لا يمكن السيطرة عليها بين عشية وضحاها. وأن هناك مسؤولية مشتركة أمام الجميع للخروج من الأزمة، في ظل حرب وعدو ما زال يرفض الانصياع لنداء السلام، ويختلق الأعذار لرفض تطبيق القرار الدولي 2216». ورأى أن «الأزمة قد بلغت مداها وذروتها»، وأنه «ليس أمام المجتمع اليمني بنخبه السياسية والاجتماعية والعسكرية سوى أمرين لا ثالث لهما، إما سلام عام وشامل ودائم في كل اليمن، مبني على مرجعياته الوطنية المتمثّلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن». ووجّه بن دغر في ختام بيانه الشكر للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لما قدّمته من مساعدة لليمن واليمنيين في السنوات الماضية، في هذه الأزمة منذ بداياتها وحتى اليوم. كما وجّه الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، على ما قدّمته من عون ودعم وتضحية إلى جانب الشعب اليمني ولعدن، وحضرموت وبقية محافظات اليمن، ورفضهم للانقلاب وما ترتّب عليه.