أكد الرئيس المصري حسني مبارك للرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ضرورة إحراز تقدم فى المفاوضات غير المباشرة الجارية حالياً لتهيئة الأجواء المواتية للانتقال الى مرحلة التفاوض المباشر بين الجانبين، فيما تعهد أوباما دفع عملية السلام. وكان مبارك التقى أمس في القاهرة كلاً من الرئيس محمود عباس (ابو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والمبعوث الأميركي لعملية السلام جورج ميتشل. وقال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ان مبارك تلقى رسالة من أوباما تؤكد التزامه دفع عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتعرب عن التطلع لمواصلة الرئيس المصري جهوده تحقيق هذا الهدف خلال استقباله عباس ونتانياهو، كما تلقى مبارك اتصالاً هاتفياً من كلينتون صباح أمس في الشأن ذاته. وأضاف ابو الغيط ان مبارك اكد لكل من الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته أن «مصر تواصل جهودها لتضييق الفجوة بين مواقف الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، كما أكد ضرورة إحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة الجارية حالياً لتهيئة الأجواء المواتية إلى مرحلة التفاوض المباشر بين الجانبين». واستهل مبارك لقاءاته بالاجتماع مع ميتشل لبحث نتائج محادثاته في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية خلال اليومين الماضيين. وحضر اللقاء أبو الغيط ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان، ومن الجانب الأميركي حضرها سفيرة الولاياتالمتحدة لدى القاهرة مارغريت سكوبي ونائب المبعوث الأميركي ديفيد هيل. وفي وقت لاحق، التقى مبارك الرئيس الفلسطيني وبحث معه آخر تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية، والجهود الرامية لتهيئة الظروف اللازمة لدفع مسيرة السلام وتحقيق حل الدولتين والاتصالات الأميركية - الفلسطينية الأخيرة من أجل هذه الغاية. وحضر المقابلة أبو الغيط وسليمان، ومن الجانب الفلسطيني رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة وسفير فلسطين في القاهرة الدكتور بركات الفرا. وأخيراً عقد مبارك محادثات منفردة مع نتانياهو استمرت ساعة ناقشا خلالها وضع عملية السلام والمفاوضات على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي في ضوء تأكيد مصر ضرورة تهيئة الظروف اللازمة لتحقيق رؤية «حل الدولتين» على أرض الواقع. وواصل مبارك ونتانياهو محادثاتهما في لقاء موسع على غداء عمل حضره من الجانب المصري أبو الغيط وسليمان ووزير البيئة ماجد جورج ورئيس ديوان رئيس الجمهورية الدكتور زكريا عزمي، ومن الجانب الإسرائيلي سفير اسرائيل في القاهرة السفير إسحق ليفانون، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد والوفد المرافق لرئيس الوزراء الإسرائيلي. وصرح أبو الغيط بأن مبارك استمع إلى تقرير من ميتشل عن الجهود الأميركية التي تبذل في المفاوضات غير المباشرة وماذا تحقق من إنجاز وماذا لم يتحقق، كما استمع إلى رؤية الرئيس عباس. وقال: «مصر ترى أن على إسرائيل أن تتحرك تحركاً استراتيجياً يعمق لدى الفلسطينيين الثقة في نياتها كي يمكن التحرك واتخاذ خطوة الدخول في مفاوضات مباشرة، وبالتالي يمكن أن تشجع في أن تتحول المفاوضات من غير مباشرة إلى مباشرة، ومصر ترى أن هناك حاجة إلى إحداث تقدم والدخول في مفاوضات مباشرة، لكنها كي تُعقد، يجب أن يكون المناخ مهيئاً لها وأن يكون هناك تقدم كاف تم إنجازه. نحن نشجع الجانب الأميركي كي يوفر الأرضية المناسبة التي تمكن من عقد لقاء على مستوى القمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وأضاف: «إسرائيل ترغب في الأمن، والفلسطينيون يرغبون في الحدود، ونريد تأمين حاجات كل طرف للتحرك (...) مصر وأميركا يسعيان الى تحقيق السلام، لكن كيف نساعد الأطراف على تحقيق هذا الهدف، التقارير التي تجمعت لدينا من حصيلة ما تحقق خلال المفاوضات غير المباشرة، ما زالت لم تحقق الهدف. ما زال هناك اجتماع في 29 الجاري للجنة المبادرة العربية، وما زلنا في منتصف الطريق، لكن هناك تواريخ مهمة نقترب منها، وهي اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في أيلول (سبتمبر)، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر)، والإطار الزمني الذي وضعته الحكومة الإسرائيلية لوقف الاستيطان، وهو 25 كانون الأول (ديسمبر)». وتابع: «يجب أن نسعى إلى تحقيق الأرضية التي تؤمن للطرفين السعي الى إقامة مفاوضات مباشرة، والرئيس مبارك أعطى رؤيته لنتانياهو في خصوص حاجة الفلسطينيين إلى الحصول على ثقة وتشجيع للتوجه إلى المفاوضات، وسننتظر أربعة اشهر، ومن ثم فإن لكل حادث حديثاً». وقال أبو الغيط في رده على سؤال ل «الحياة» عن رسالة الضمانات الأميركية التي كان طالب بها عباس: «المفهوم لدي، إذا كانت هناك رسالة ضمانات أميركية، يجب أن تتناول حدود الدولة الفلسطينية التي تقام على حدود حزيران عام 1967، وأنه أثناء المفاوضات يجب أن يتوقف الاستيطان وأن يكون هناك سقف زمني مُحكم، أي الا تكون المفاوضات إلى نهاية الإنسانية، وموقف إسرائيل المعلن أنهم لن يستمروا في الاستيطان، وهذه نقطة تحسب لهم، لكن يجب التزام الحكومة الإسرائيلية بهذا، أي أن يتوقف الاستيطان تماماً في القدسالشرقية والأراضي الفلسطينية». ولفت إلى أن الشرط الفلسطيني الذي يتعلق بضرورة وقف الاستيطان ما زال مطروحاً، مضيفاً: «تناولت المحادثات أيضاً مع نتانياهو المحادثات التي أجراها في واشنطن مع أوباما ونتائج محادثاته هناك، والأطروحات التي قدمها نتانياهو للجانب الأميركي لإثارة الحوافز لدى الفلسطينيين للدخول في المفاوضات المباشرة». وسئل أبو الغيط عما نشر أو تسرب من خطة إسرائيلية لعزل قطاع غزة ورفع إسرائيل مسؤوليتها عنه كسلطة احتلال، فأجاب «هذا هراء». وقال: «هذا الأمر يعتبر حافزاً قوياً وكافياً لدى الفلسطينيين للتحرك نحو المصالحة، فالمصالحة هي مفتاح الموقف، وهي التي ستدعم الموقف الفلسطيني في أي مفاوضات مباشرة (...) المصالحة ما زالت مطروحة، والرئيس مبارك استمع إلى رؤية ابو مازن، ونأمل في أن يحقق تحرك الشخصيات الوطنية والمستقلين هدفه، لكن حتى الآن لم نر أن هناك اختراقاً تحقق». في غضون ذلك، التقى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى كلاً من ميتشل وعباس قبل مغادرتهما القاهرة. وأكد موسى ضرورة إحراز تقدم في ملفي الأمن والحدود في المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وقال: «لن يتم الانتقال للمفاوضات المباشرة أتوماتيكياً (...) الموقف الأميركي يرى أن كل المشكلات يمكن حلها من خلال المفاوضات المباشرة، لكن الموقف العربي يرى أنه لن يكون هناك أي انتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المباشرة تلقائياً، ويجب أن يكون هناك تقدم في ملفات الأمن والحدود». وأضاف موسى في مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع ميتشل الذي غادر القاهرة متوجهاً إلى أبو ظبي: «إذا لم يكن هناك أي نجاح أو إنجاز في نهاية المهلة المحددة للمفاوضات غير المباشرة والمقررة بمئة وعشرين يوماً وتنتهي في آب (أغسطس) المقبل، فإن التوجه العربي المطروح هو الذهاب إلى مجلس الأمن لطرح القضية الفلسطينية بكامل جوانبها». وأضاف أن ميتشل شرح حسن النيات التي يتمتع بها ورغبته في المساعدة، وهو يرى أن الطرق كلها تضيق لتؤدي إلى مفاوضات مباشرة. وقال: «قلت في المقابل بأن هذا الكلام سمعناه من قبل، وكانت هناك مفاوضات مباشرة واتصالات ناشطة انتهت كلها إلى لا شيء (...) نحن لا نريد أن نقع في الخطأ نفسه مرة أخرى». وأضاف: «انتهينا إلى أننا سنطرح الأمر برمته بعد أن نستمع إلى الرئيس عباس في 29 تموز (يوليو) الجاري خلال اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية على مستوى وزراء الخارجية، وتقريره عن كل الاتصالات التي جرت ونتائج اتصالاته واتصالات الادارة الأميركية به وأي اتصالات أخرى، كما سنطرح نحن أيضاً نتائج اتصالاتنا وما نراه معقولاً وما لا نراه معقولاً». وأوضح أن «الموقف العربي يرى أن مجرد الانتقال من مفاوضات غير مباشرة إلى مفاوضات مباشرة من دون أي ضمانات أو تأكيدات من الجانب الإسرائيلي، يدخلنا في إدارة الأزمة وليس حلها». ورداً على سؤال عن موقف عباس من المفاوضات المباشرة، قال موسى: «عقدت لقاء مطولاً مع الرئيس أبو مازن، وناقشت معه كل هذه النقاط، وأنا لم أشعر بأن هناك تراجعاً من جانب الرئيس الفلسطيني، وشعرت أنه ملتزم قرارات الجامعة العربية الخاصة بالانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المباشرة، وأن الإنجازات غير قائمة، كما تحدثنا عن الوضع في القدس في ضوء إزالة منازل فلسطينية ومصادرة أملاك فلسطينية الأسبوع الماضي». وعن مبررات الموقف الأميركي للدخول في مفاوضات مباشرة، قال موسى: «هم يقولون إن محادثات التقريب حددت حتى الآن الفجوات الموجودة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وهي كثيرة جداً، وأن الأفضل في رأيهم جلوس الطرفين لمحاولة سد هذه الفجوات، ومناقشة المواقف المتناقضة مباشرة».