قضت محكمة النقض في مصر بإلغاء حكم سبق صدوره عن محكمة جنايات القاهرة بإدانة النائب السابق عن الحزب الوطني (الحاكم) الدكتور هاني سرور مالك شركة «هايدلينا» المتخصصة في تصنيع المستلزمات الطبية، و6 متهمين آخرين بينهم شقيقته نيفان وعدد من الأطباء والعاملين في وزارة الصحة، بتوريد أكياس دم ملوثة ومعدات طبية فاسدة للوزارة. وبرأت المحكمة التي تُعد أعلى سلطة قضائية في البلاد جميع المتهمين مما نسب إليهم من اتهامات. ويُعد حكم البراءة الصادر في جلسة أمس حكماً نهائياً وباتاً غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه التقاضي. وتعالت أصوات أنصار سرور وأسر بقية المتهمين بالفرح عقب اعتلاء هيئة المحكمة للمنصة ونطقها بحكم البراءة، واحتشدوا في بهو دار القضاء العالي يهتفون بحياة هاني سرور ويتغنون ببراءته. وكان سرور وبقية المتهمين في القضية طعنوا في الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة بإدانتهم جميعاً. وقضى حكم الجنايات بمعاقبة هاني سرور رئيس مجلس إدارة الشركة، وشقيقته نيفان العضو المنتدب للشركة، وحلمي صلاح الدين مدير الإدارة العامة لشؤون الدم ومشتقاته في وزارة الصحة، ومحمد وجدان رئيس إدارة التوجيه الفني بالإدارة العامة لشؤون الدم ومشتقاته بالوزارة بالسجن لمدة ثلاث سنوات. كذلك قضى حكم محكمة الجنايات بمعاقبة ثلاثة متهمين آخرين بالحبس مع الشغل لمدة 6 أشهر وهم كل من وفاء عبدالرحيم مديرة مصنع «هايدلينا»، وأشرف اسحاق مدير الإنتاج في المصنع، وفتحية أحمد عبدالرحيم مديرة الرقابة على الجودة في المصنع. وغرّمت المحكمة المتهمين السبعة مبلغ ثلاثة ملايين و695 ألف جنيه مصري. وسلم هاني سرور وعدد من المدانين معه في القضية أنفسهم لمحكمة النقض التي تشترط تنفيذ العقوبة حتى يتم النظر في الطعون، وذلك بعد هربهم عقب صدور حكم الجنايات أواخر شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي بإدانتهم. وطالبت نيابة النقض (جهة تتبع محكمة النقض تصدر تقريراً استشارياً برأيها في القضايا غير ملزم للمحكمة) بتأييد الأحكام الصادرة ضد المتهمين سواء بالسجن أو الحبس. لكن محكمة النقض رفض ذلك وأمرت ببراءتهم جميعاً. من جانبه، قال رئيس هيئة الدفاع عن هاني سرور المستشار بهاء الدين أبو شقة في تصريحات له عقب صدور الحكم أمس إن حكم محكمة النقض باعتبارها المحكمة العليا في البلاد يؤكد أن هاني سرور قد ظُلم ظُلماً بيّناً، معتبراً أن القضية كان الهدف منها تدمير صناعة قُرَب ومستلزمات الدم في مصر والشرق الأوسط لحساب شركات أجنبية تهيمن على هذه الصناعة. وأكد أن الحكم أعاد إلى سرور اعتباره، كما أعاد الاعتبار للصناعة المصرية المحلية في مجال الدم ومستلزماته، مشيراً إلى أن سوء التخزين لقرب وأكياس الدم هو ما تسبب في فساده، وأن منتجات شركة «هايدلينا» تم تسليمها إلى وزارة الصحة سليمة ومطابقة لأدق وأعلى مواصفات التصنيع الدولية. وأشار إلى أنه سبق لمجلس الشعب (البرلمان) أن شكّل لجنة لتقصي الحقائق بشأن ما أثير عن سوء تصنيع منتجات شركة «هايدلينا» والتي انتهت في تقريرها إلى أن الشركة تُعد مفخرة في مجال تصنيع المستلزمات والأجهزة الطبية، مؤكداً أن أوراق الدعوى كافة منذ بدايتها كانت تنطق ببراءة سرور وجميع المتهمين في القضية. وسبق لإحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة أن قضت ببراءة جميع المتهمين السبعة في القضية، غير أن النيابة العامة (الادعاء العام) أقامت طعناً بالنقض في الحكم أمام محكمة النقض والتي ألغت بدورها حكم البراءة وقررت إعادة محاكمة سرور وبقي المتهمون أمام دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمدي قنصوه، والتي قضت بإدانتهم. ونسبت النيابة العامة إلى المتهمين السبعة في قضية أكياس الدم الملوثة تهم التربح والغش في توريد أكياس الدم الملوثة إلى وزارة الصحة، مشيرة إلى أن اللجان الفنية المختصة أعدت تقريراً كشفت فيه وجود عيوب فنية في الأكياس الموردة مما يؤدي إلى تعرض المتبرعين للإغماء لزيادة معدل تدفق الدم عن المعدل الطبيعي وحدوث تجلطات بالدم وتعرض قُرَب الدم للانفجار أثناء فصل مكونات الدم وزيادة تركيز الكلورايد عن الحد المسموح به. كما أشارت النيابة إلى أن التحقيقات كشفت وجود ميكروبات وفطر وعفن داكن داخل قرب الدم وانبعاث رائحة كريهة من بعضها مما يؤدي إلى تسلل البكتيريا إلى دماء المريض وإصابته بتسمم بكتيري قد يؤدي للوفاة. وقالت النيابة في قرار الاتهام إن العيوب في أكياس الدم جميعها ترجع إلى عدم مطابقة الخامات المستخدمة للمواصفات القياسية، وسوء التصنيع، وأنها غير صالحة للغرض المعدة من أجله. وأوضحت أن المتهمين لم يستوردوا خامات الأكياس في وقت سابق لتقديم الشركة عيناتها في المناقصة مما يؤكد أنهم لجأوا إلى الخداع والغش في تقديم عينة ليست من إنتاج الشركة لإتمام إرساء الصفقة عليها دون حق. وأكدت أن إرساء مناقصة وزارة الصحة في صنف أكياس الدم على شركة «هايدلينا» جاء خلافاً للقواعد الصحيحة التي نصت عليها أحكام القانون والمزايدات، وأن الشركة لم تراع الاشتراطات الفنية لإنتاجها قرب الدم قبل عرضها في السوق المحلية.