تغيرت الخريطة السياسية العراقية مجدداً بعد ورود أنباء عن تخلي الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر، الذي التقى أمس الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، عن تحفظه لتجديد ولاية رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. ومن المقرر ان يعقد قادة القوى السياسية الفائزة في الانتخابات غداً الاثنين اجتماعاً مشتركاً للبحث في الأزمة الدستورية المتمثلة في تأجيل عقد الجلسة الثانية للبرلمان الجديد وإيجاد مخارج للمأزق الدستوري بعقد الجلسة أو تمديدها بغطاء سياسي يضم القوى الفائزة في الانتخابات. وأفاد مصدر سياسي شيعي قريب من المفاوضات الجارية بين القوى السياسية ل «الحياة» ان «هناك تقارباً جديداً بين «دولة القانون» و»التيار الصدري» بدأت بوادره تظهر في اليومين الماضيين تمثل في تغير موقف التيار الصدري المعارض لترشيح المالكي الى التخلي عن الموقف مقابل مطالب اعتبرها «ائتلاف دولة القانون» سهلة التحقق». وضاف ان «المفاوضات بين المالكي والصدريين بدأت تأخذ منحى إيجابياً خصوصاً في ظل كثرة التعقيدات والتناقضات بين الكتل الأخرى وبين مكونات الائتلاف الوطني أيضاً، إضافة إلى عامل الوقت الذي أخذ بالنفاد»، لافتاً إلى أن «ذلك رفع من حظوظ المالكي لدى الصدريين إلا إنهم وضعوه تحت الاختبار، لمعرفة مدى التزامه بمطالبهم». وأشار الى أن «مطالب الصدر تلقى استجابة لدى المالكي خصوصاً بعد تحويل ملف المعتقلين من القوات الأميركية إلى وزارة العدل العراقية». ولفت المصدر إلى أن «الحكومة اطلقت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ما يزيد على ألف معتقل من أتباع التيار الصدري من عدد من سجون العاصمة على دفعات لكسب ود التيار». وأبدى القيادي في «دولة القانون» عبدالهادي الحساني تفاؤله بحسم مهمة تشكيل الحكومة خلال الاسبوعين المقبلين. وقال ل «الحياة» ان «المحادثات بشأن تشكيل الحكومة اخذت منحاً جدياً» مشيراً الى أن « التحالف الوطني» هو صاحب الحق في تشكيل الحكومة باعتباره الكتلة الأكثر عدداً في البرلمان. وأضاف ان «اجتماعاً ستعقده القوى الاربع الفائزة في الانتخابات خلال اليومين المقبلين للبحث في الازمة السياسية وكيفية حلها ومناقشة موعد عقد جلسة البرلمان المؤجلة». ويصر ائتلاف «دولة القانون» على تجديد ولاية المالكي لرئاسة الحكومة بعد نيله 89 مقعداً في الانتخابات الاخيرة وفتح سلسلة حوارات بدأها مع «الائتلاف الوطني» ليتحول الى «العراقية» التي أصرت على رئاسة الحكومة ليعود الآن الى استمالة اطراف في «الائتلاف الوطني» بينها التيار الصدري الذي يمثل مركز الثقل فيه. وأكد القيادي في «العراقية» حسين الشعلان ان «ائتلافه ينتظر الموقف النهائي لدولة القانون في شأن استحقاق «العراقية» الدستوري وتكليفها تشكيل الحكومة المقبلة». واضاف ل «الحياة»: ان «العراقية» تنتظر الرد الرسمي والنهائي ل «ائتلاف دولة القانون على الرسالة التي بعثتها بشأن تمسك العراقية بحقها الدستوري»، موضحاً ان «وفد العراقية المفاوض مع دولة القانون اوضح بأنه متمسك بالحق الدستوري في تكليف القائمة بتشكيل الحكومة المقبلة»، معتبراً الامر «خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه». وكانت مصادر سياسية قريبة من الحوارات التي أُجريت بين «العراقية» و «دولة القانون» أكدت ل «الحياة» امس ان التقارب بين علاوي والمالكي يتجه نحو التباعد بعد وصول الطرفين الى طريق مسدود لجهة اصرار كل منهما على تشكيل الحكومة الجديدة. من جهته اعتبر نائب رئيس الجمهورية والقيادي في «المجلس الاسلامي الاعلى» عادل عبد المهدي امس انه يعتبر المرشح الوحيد للمجلس الاعلى لمنصب رئاسة الوزراء، مطالبا في الوقت نفسه «دولة القانون» بضرورة تغيير مرشحها للاتفاق على مرشح جديد والاسراع في تشكيل الحكومة. وقال عبد المهدي في تصريح للصحافيين في كربلاء إنه «المرشح الاول للمجلس الاعلى الاسلامي لمنصب رئيس الوزراء في التحالف الوطني الى جانب مرشح ثان لهذا المنصب هو زعيم تيار الاصلاح الوطني ابراهيم الجعفري». واوضح ان «تشكيل الحكومة العراقية الجديدة من الكتلة الاكبر في البرلمان وهي التحالف الوطني متوقف على تغيير مرشح دولة القانون لمنصب رئيس الوزراء ليكون بديلا عن السيد المالكي». الى ذلك اكد القيادي في التيار الصدري بهاء الاعرجي أن زيارة الصدر الى سورية هي تلبية لدعوة شخصية سابقة تلقاها من رئيس الجمهورية السورية بشار الأسد، مضيفاً ان الزيارة بعيدة عن الشأن السياسي الخاص بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة وما تشهده العملية السياسية في العراق من مشاكل بهذا الصدد. وأشار في تصريحات صحافية امس أن الزيارة تأتي «للوقوف على خطورة المرحلة»، ومستقبل العراق بعد الانسحاب الجزئي «لقوات الاحتلال» والدور الرئيس الذي تلعبه سورية في المنطقة. الى ذلك دعا الرئيس الموقت للبرلمان الجديد فؤاد معصوم ممثلي القوى السياسية الاربع الفائزة في الانتخابات لعقد اجتماع بعد غد الاثنين لبحث الازمة الدستورية وملف تشكيل الحكومة وقضية استئناف جلسة البرلمان. وقال عضو وفد الاحزاب والقوى الكردستانية الموجود في بغداد سامي شورش ل «الحياة» أن «ممثلي الكتل السياسية اتفقوا على عقد اجتماع لهم الاثنين المقبل لبحث تشكيل الحكومة وسبل الخروج من الأزمة السياسية التي تعانيها البلاد».