مزاج للتخريب لن تحكمني مشيئة الدرب، ولا مآثر الأسلاف، بخطى سكرانة، أدوس، كلما خطر لي، وعنت الرغبة. عطشي حجر، والبحيرة ساكنة. أكتب، وأنقض القول. أفتك بالوقت حتى آخره، ألقيه مفتتاً خلفي، ولا ألتفت. أشتغل عنه. بلحظات تتوالى، وأعد لها قبضتي وأنيابي. لو لم أخضه بعطشي كله، ووقفت جاحداً قرب جناحيه، كيف لهذا النهر، أن يسعى إلى الملح جاهداً. أطلب غامضاً. فكل سهلٍ لا يطرحه الجبل، يثير غثياني. أتعبتني تقويسة الفلاح، منكباً على الأمل. أنهكني جلد البنائين. شق صبري، دأب الأمهات. كرهت الخجل، الشفقة، اللطيف، الطيبة، وكل صنيع خيرٍ يهد حيلي. أرغب في اللسعة، من رغيف ساخن، أمني أصابعي بإبرة العسل، وشفتي بعضة القبلة. بالخيانة في مهدها. أسل الخنجر، وأبحث عن منتحرين، لم ينجزوا مهماتهم. أبادر من أهوى، أنثر الشوك في ثيابه، أرطب أقدامه بالورد، وأعد للخدوش مراهمي. هكذا، أذهب للنوم خفيفاً، أخرب بيتي كل ليلة، وأعمره بالشغف، كلما أصبحت. بدل الاكتئاب كل ما أريده، مجرد أن أفرد ملامحي، أن ألون وجهي، ألبس أنفي كرة مطاطية حمراء، أضع ابتسامة مقوسة وثابتة، أن أعتمر طربوشاً مزركشاً، وأصف أزراراً مبهرجة في قميصي. لا أرغب أن أكتب في خلوة، أفكاراً عن الكون والخليفة، ولا أن يوحى إلي عن الوجود، أو أبتكر حلولاً للغيب، ولا ما يعنيه الزمن لمكانٍ أعبره، ويلمسني فيه. لن أفكر بكائن ما، في بقعة مضت، أو أزمنة أتية، ولن يشغلني مصير أمكنة ومجرات مجهولة. لن أفسر الفقد، لن أؤول الغياب، ولن أكتب مجازاً عن قرحة المعدة. لا دعوني أعود لألون وجهي، وأقفز من أعلى الحلبة، أمشي على الحبل، وليكن قريني قرداً وبالونة صفراء، وجمهرة من السابلة يملأون الخيمة، ويشيرون بسخرية إلي، وبأعلى أصواتهم يضحكون على مشيتي المتكررة، مقلداً القرد وهو يفكر، ويحك بوقاحة ما بين فخذية. * من ديوان جديد صدر حديثا عن «الغاوون».