في ظل تصاعد علاقة الشباب العربي به، أبرز الموقع الاجتماعي «فايسبوك» حراكاً عربياً افتراضياً متصلاً بمجريات كأس العالم لكرة القدم. وتحرّك شباب من سورية، ليشّكلوا مجموعات ترمي بسؤال مهم على المسؤولين: «لماذا لا يصل منتخبنا الكروي الى نهائيات كأس العالم»؟ وكذلك تسعى هذه المجموعات لتحويل حراكها الافتراضي الى آلية فعلياً، عبر التأثير على صُنّاع القرار السياسي في سورية، مستخدمين وسائل شتى. ولم تنج الشبكات الاجتماعية الرقمية من أثر المرارات المتراكمة بين مصر والجزائر، منذ المباراة المشؤومة في أم درمان التي أوصلت المنتخب الجزائري الى المونديال على حساب نظيره المصري، وخصوصاً أعمال العنف التي تلتها. في جانب أكثر إشراقاً، تكوّنت مجموعات افتراضية عربية شتى، لدعم ترشيح قطر لاستضافة مونديال 2022. وعرضت على الجمهور الإلكتروني العالمي صوراً عن ملاعب ومنشآت تراهن عليها قطر في كسب رهانها باستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2022. «هيا بنا ندعم المنتخب السوري للوصول لكأس العالم 2014». هذه دعوة أطلقها محمد العكّ (طالب في كلية طب الأسنان- جامعة دمشق)، على موقع «فايس بوك»، فاستجاب لها فوراً 3142 شخصاً. وسرعان ما التقى الجادّون منهم لمناقشة كيفية تحويل مجموعتهم الافتراضية إلى حراك فعلياً. ثم جرى الاتفاق بينهم كخطوة أولى، على جمع تواقيع من المحافظات السورية ورفعها مع رسالة إلى الاتحاد الرياضي السوري. «من حق السوريين أن يروا اسم منتخبهم ضمن قائمة المشاركين في كأس العالم لكرة القدم، ومن حقهم أن يسألوا لماذا لا نصل وأين الخطأ»؟ بهذه الكلمات، تحدّث محمد إلى «الحياة»، ملحّاً على استبدال كلمة «مستحيل» ب «صعب ولكنه ممكن». تشارك رشا محمد في إدارة المجموعة، كما في التفاؤل والإيمان، وأكثر ما يهمّها هو «أن يسمع لاعبو الفريق السوري بمجموعتنا، ويعرفوا أن هناك سوريين يؤمنون بقدراتهم، ويأملون بأن يهتّم أحد المسؤولين، خلال السنوات الأربع المقبلة، بالمنتخب أكثر، وأن ينهض به ليستطيع مجاراة فرق كأس العالم». وفي وقت سابق، أطلق الزميل لطفي الأسطواني مقدّم برنامج «الكرة في ملعبك» الذي يعرض على قناة «الدنيا» السورية، حملة دعا فيها السوريين إلى التحرّك، كما طالب المعنيّين بتطوير المنتخب بطريقة تجعله قادراً على الوصول إلى نهائيات المونديال. مصر والجزائر و...طموح قطر وعبّر بعض المصريين عن رغبتهم في وصول فريقهم إلى نهائيات كأس العالم. وشكّلوا مجموعة «حلمي ان مصر تبقى في كأس العالم»، التي انضمّ إليها قرابة 4500 عضو. وعلى غرارها، تشكل كثير من المجموعات التي تسعى لدعم استضافة مصر لكأس العالم 2026. وصول منتخب الجزائر وحيداً بين العرب، إلى مونديال جنوب أفريقيا - 2010، حرّك مرارات مصرية - جزائرية انطلقت منذ المباراة الشهيرة بين منتخبي البلدين في كرة القدم، 18 تشرين الثاني (نوفمبر) في أم درمان (السودان)، التي انتهت بفوز الجزائر وتأهلها إلى الكأس الكروية. وتجاوزت بعض المجموعات على «فايس بوك» التعبير عن الرغبة في المشاركة بالمونديال أو استضافته، إلى غضب كبير لفظياً. وتجلّى ذلك في مجموعات ك «لا لدخول الجزائر كأس العالم» في مصر التي انضّم إليها لحد الآن 4873 عضواً، و «رابطه مشجعي أي فريق يلعب ضد الجزائر فى كأس العالم» التي لم تنجح إلا في اجتذاب 2146 عضواً. وعلى غرار هاتين المجموعتين الافتراضيتين، ظهرت على «فايس بوك» مجموعة «لا لتشجيع الجزائر فى كأس العالم» التي بلغ الانفعال سلبياً ببعض أعضائها إلى حدّ القول: «قال ايه هيشجعوا الجزائر ويرفعوا العلم... ربنا ياخدهم. يا ريت كل واحد عنده معلومات وفيديوات عن الهمج، يرفعها على هذه الصفحه». كما نشرت تعليقات مسيئة عن الجزائريين مثل: «لكل فقير رب يغنيه، ولكل مريض دواء يشفيه، ولكل جزائري مصري يربيه»! في المقابل ظهرت على الصفحات الإلكترونية لل»فايس بوك» مجموعات لدعم الفريق الجزائري، مثل مجموعة «هل نستطيع جمع مليون عربي يساند الجزائر في كأس العالم»؟ واجتذبت هذه المجموعة 11694 عضواً فور انطلاقها. ومن اللافت أن ثمة مصريين ساروا بشجاعة عكس التيار، وتجاوزوا مشاعر الانفعال السلبية، وكوّنوا مجموعة «المصريين اللي هيشجعوا الجزائر فى كأس العالم». ونجحت هذه المجموعة في اجتذاب عدد لا بأس به من المصريين، الذين عبروا عن رغبتهم في «تشجيع المصالحة بين مصر والجزائر». فهل تسير الأمور في الحياة واقعياً على وقع الأماني الافتراضية؟ في سياق مشابه، حظيت قطر التي تسعى لاستضافة المونديال عام 2022 بدعم مجموعات على «فايس بوك»، طالبت بدعم هذا الطموح. كما شكّل بعض الداعمين موقعاً إلكترونياً يسجل فيه الزائرون أسماءهم ومعلومات شخصية عنهم، تأكيداً لدعمهم طموح قطر كروياً. وحرص هؤلاء على الإشارة إلى أنهم سيُدخِلون أسماء المسجّلين في مسابقة تتضمن الحصول على جوائز متنوّعة. وحظيت قطر بدعم من مجموعات افتراضية من مصر وتونس والسودان ولبنان. وقدّمت تلك المجموعات كثيراً من المعلومات عن قطر وتاريخها، إضافة إلى صور لتحضيراتها، وضمنها تقنية التبريد الفريدة التي ستّطبق في الملاعب والمناطق المخصصة للمشجعين ومواقع التدريب. وفي صورة مُشابِهة، انتشرت صور الملاعب التي ستبنيها قطر في إطار استعدادها لاستقبال مونديال 2022، على منتديات «فايس بوك» ومجموعاته، خصوصاً عقب قبول ال «فيفا» ملف قطر في اللجنة التي ستحسم أمر مونديال 2022. وسرعان ما تناقلت مجموعات عربية كثيرة صوراً لملعب «الشمال» على حافة الخليج العربي، الذي يتّخذ شكل مركب شراعي ويستوعب 45120 متفرجاً، مبيّنة أن 10 في المئة من الجمهور سيصل إلى هذا الملعب عبر جسر «الصداقة» بين البحرين وقطر، الذي سيكون أطول جسر قائم بذاته عالمياً. وعلى غرار ذلك، جرى تناقل صور لملعب «الخور» (شمال شرقي قطر)، الذي يتّخذ شكل صدفة بحرية، ويستوعب 45330 متفرجاً، كما يُمكّن بعض الجمهور من رؤية الخليج العربي من مقاعدهم، ويفيد اللاعبين عِبر وجود سقف مرن يظلّل الملعب. وظهرت صور أيضاً لملعب «الوكرة» جنوب قطر، الذي يستوعب 45 ألف متفرج، مع نصوص تُبيّن أنه سينشأ ضمن حديقة تضم مركزاً للنشاطات المائيه ومرافق رياضية ومركزاً للتسوق وحدائق وغيرها. والمعلوم أن محمد بن حمد آل ثاني، رئيس لجنة ملف قطر لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022، عبر عن تفاؤله باستضافة نهائيات مونديال 2022. (للتفاعل مع هذه الصفحة)