علمت «الحياة» من مصادر فرنسية مطلعة على الزيارة الأخيرة لوزيرة الاقتصاد والمال الفرنسية كريستين لاغارد إلى السعودية ان الأخيرة اطلعت من وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي ووكيل الوزارة الأمير عبدالعزيز بن سلمان على تحليلهما لتطورات السوق النفطية. ونقلت المصادر رؤية الجانب السعودي ومفادها ان الارتفاع الذي تشهده أسعار النفط حالياً لا يعكس واقع الطلب، وإنما مرده إلى عوامل نفسية استباقية ، وأن عوامل غير عوامل السوق لا تزال تؤثر في الأسعار. وأضافت المصادر ان الجانب السعودي يعتبر ان تعافي الوضع الاقتصادي والمالي العالمي، خصوصاً مع وجود خطط لإنعاش النشاط الاقتصادي في دول كثيرة، سينعش أسعار النفط لأن الطلب سيصبح العامل الأهم في هذا الصدد. ورأى الجانب السعودي ان ثمة موارد نفطية كبرى في العالم، لكن المشكلة تتلخص في غياب استثمارات في هذه الموارد تكفي لرفع الإنتاج، ما يعني ان أسعار النفط يجب ان تبلغ مستويات تسمح باستثمارات من هذا النوع. ولفتت المصادر إلى ان الجانب السعودي يتوقع في حال استمرار الأسعار على ضعفها وغياب إمكانات الاستثمار لدى الدول المنتجة ألا يتمكن العرض من اللحاق بالطلب عند ارتفاعه مجدداً، ما سيفضي إلى قفزة في الأسعار. ويشدد الجانب السعودي على ان من مصلحة الجميع استمرار الحوار بين المنتجين والمستهلكين للتوصل إلى سعر منصف للجميع. يذكر ان لجنة سعودية - فرنسية حول النفط ستجتمع في حزيران (يونيو) المقبل في باريس. إلى ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن منظمة «أوبك» أن الطلب العالمي على النفط لا يزال يتراجع مع انكماش الاقتصاد العالمي وأن الارتفاع الأخير في أسعار النفط يعكس معنويات السوق وليس العوامل الأساسية. ولفتت «أوبك» في تقريرها الشهري عن سوق النفط إلى ان الطلب سينخفض بواقع 1.57 مليون برميل يومياً عام 2009 ليصل الى 84.03 مليون برميل يومياً في المتوسط. وكانت «أوبك» توقعت من قبل انخفاض الطلب بواقع 1.37 مليون برميل يومياً. وعلى رغم التعديل الأخير لا تزال «أوبك» تتوقع طلباً عالمياً أعلى على الخام مقارنة بتقديرات وكالة الطاقة الدولية التي توقعت الشهر الماضي وصول الاستهلاك هذه السنة الى 83.4 مليون برميل يومياً. ويتراجع الطلب بسرعة في الدول المتقدمة الأعضاء في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، لكن التباطؤ العالمي كبح أيضاً النمو السريع السابق للطلب في الدول النامية مثل الصين والهند. وأشارت «أوبك» إلى ان الطلب العالمي على الخام سجل انخفاضاً قياسياً على أساس سنوي بلغ نحو 2.4 مليون برميل يومياً في الربع الأول من السنة، وعزت المنظمة 95 في المئة تقريباً من إجمالي الانخفاض إلى الدول الأعضاء في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية». وكانت أسعار النفط سجلت ارتفاعاً قياسياً عند نحو 150 دولاراً للبرميل في تموز (يوليو) الماضي مدعومة بتوقعات بطلب قوي من جانب الدول النامية، لكنها تدهورت بعدها لتهبط دون 35 دولاراً في كانون الأول (ديسمبر) الماضي مع تباطؤ الاقتصاد العالمي. وانتعشت الأسعار منذ كانون الأول وسجلت أعلى مستوى لها في ستة شهور فوق 60 دولاراً للبرميل أول من أمس اثر مؤشرات أولية على ان الركود العالمي ربما لا يكون بالقسوة المتوقعة سابقاً. لكن تقرير «أوبك» حذر من ان التحسن في معنويات السوق لا يعكس بالضرورة حقيقة الطلب والعرض. وأضاف التقرير: «بقيت الأسعار فوق 50 دولاراً للبرميل بفعل معنويات السوق وليس العوامل الأساسية. ولا تزال هناك أخطار كبيرة مع بقاء العوامل الأساسية لسوق النفط بعيدة عن التوازن بسبب الانكماش المستمر في الطلب وزيادة المعروض». وانخفضت الأسعار بصورة طفيفة بعد صدور التقرير لتبلغ 59.25 دولار للبرميل، بارتفاع 40 سنتاً عن إغلاق أول من أمس بعد ان كانت سجلت في وقت سابق أعلى سعر لها في ستة شهور عند 59.90 دولار. ومنذ أيلول (سبتمبر) تعهدت «أوبك» بخفض إنتاجها بمقدار 4.2 مليون برميل يومياً وهو ما يمثل نحو خمسة في المئة من الطلب العالمي اليومي في محاولة لتعزيز الأسعار.