لقرون تساءل كثيرون حول سر بسمة موناليزا، وبقي هذا السؤال نظرياً، لكن يمكن اليوم لمحبي الفنون أن يكتشفوا عملياً ما يحويه ظهر تحفة ليوناردو دا فينتشي من أسرار. ففي معرض هولندي غريب بعض الشيء، يعرض الفنان البرازيلي فيك مونيز نسخاً لظهور 15 لوحة من اشهر اللوحات في العالم، مثل «امثولة التشريح للطبيب بالب» لرامبرانت مع اطارها السميك المصنوع من الخشب الخام، في حين أن «الليلة المنجمة» لفان غوخ تدير ظهرها للوحة «الشابة واللؤلؤة» لفيرمير التي تدير وجهها للحائط. يقام هذا المعرض الفريد في متحف «ماوريتس هاوس» في لاهاي ويستمر حتى الرابع من ايلول (سبتمبر). وتكشف الأعمال الفنية هذه ظهورها في شكل صادم بحيث يشعر الزائر أحياناً بأنه دخل خطأ الى مخزن المتحف. لكن مع الاقتراب من اللوحات وتفحصها بعناية، يكتشف الزائر المسار الذي سلكه هذا العمل من مالكيه الى رحلاته عبر الزمن وطريقة حفظه. فكل مؤشر يعيد الزائر الى الماضي ويفتح عينيه على الجانب المهمل للفن. وعلى ظهر لوحة موناليزا كلمة «جوكوندا» بالأسود الى جانب سهام تشير الى اتجاه اللوحة. وعلى ظهور لوحات لبعض أبرز الرسامين الهولنديين مثلث أحمر ملون في مؤشر الى وجوب إعطاء هذه اللوحات الأولوية في حال نشوب حرب. وهناك أيضاً فسيفساء من القصاصات اللاصقة على ظهر لوحة «مدخنون» لفرنان ليجيه. هذه الرحلة في الزمن باشرها فيك مونيز خلال زيارته الاولى لمتحف الفنون في ساو باولو وكان يومها في سن الثامنة. ولم يكن الفن بحد ذاته يجذبه بل الجمال الخاص بظهر اللوحة وآليتها. وتجدد فضوله هذا حين زار متحف غوغنهايم في نيويورك، عندما أصبح بالغاً وتمكن من رؤية ظهر لوحة لبيكاسو بعنوان «المرأة التي تكوي». ويتذكر قائلاً: «كان الأمر بمثابة النظر الى شخص عار». فتجدد عندها اهتمامه. ولما لم يعد تصوير ظهر اللوحات يروي حسه الابتكاري، قرر نسخ ظهر بعض أهم اللوحات في العالم. لكن الأمر لم يكن سهلاً على الدوام، فقد احتاج الى ست سنوات من التفاوض مع متحف اللوفر في باريس ليتمكن من درس ظهر «موناليزا». ويقول في هذا الصدد: «وجه اللوحة يعبر عن نية لاختزال لحظة ما الى الابد. والصورة ينبغي ان تستمر على ما هي لآلاف السنين المقبلة. أما ظهرها فيروي لنا التغيرات الحاصلة والى أي أمكنة سافرت اللوحة». وأعطى المتحف الهولندي مونيز إمكان الوصول الى كل الأعمال الرئيسية في العصر الذهبي في الفن الهولندي، ما سمح لفريقه بنسخ ظهر خمس لوحات جديدة. وفي اطار مشاريعه المقبلة، ينوي مونيز نسخ ظهر لوحة غوستاف كليمت «القبلة» المعروضة في فيينا ولوحة «الصرخة» لادفارد مونش. وتطرح هذه اللوحة تحدياً إضافياً، إذ إن ثمة لوحة أخرى على ظهرها.