حض خطباء الجمعة في العراق أمس الكتل السياسية على تشكيل حكومة قوية تحارب الفساد الاداري والمالي المتفشي في أركان الدولة، وطالبوا المسؤولين بالشعور بمعاناة المواطن في ما يتعلق بقطاع الكهرباء، واعتبروا أن تغيير الوزير ليس حلاً نهائياً. وحذر الوكيل الشرعي للمرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني خلال صلاة الجمعة من أن ضيق الوقت أمام تشكيل الحكومة العراقية سيؤدي إلى تدخلات خارجية. وقال الشيخ عبدالمهدي الكربلائي أمام مئات المصلين في مرقد الامام الحسين: «لا بد من أن يكون الحسم من العراقيين أنفسهم»، وشدد على أنه «إذا ضاق عامل الوقت، فسينتج منه ضغوط من جهات خارجية على الكتل السياسية». وأضاف أن «اصرار بعض الأطراف السياسية على قناعات، وإن كانت تعتبرها صحيحة، من دون مراعاة التعقيد في العملية السياسية وملاحظة واقع الحال، سيؤدي إلى تعقيد الأوضاع في العراق». وتابع أن «هناك شعوراً بالقلق لعدم وجود حلحلة للوضع السياسي وعدم تحقيق تقدم ملموس في الحوارات السياسية (...) لم نجد تغييراً واضحاً وملموساً يبشر بحل قريب وعاجل لتشكيل الحكومة». وقال الكربلائي إن «المرجع السيستاني يراقب عن كثب تطورات الأوضاع السياسية وما تتوصل اليه الكتل العراقية في تحاورها من أجل تشكيل الحكومة». وأوضح أن «المرجعية تطالب الكتل السياسية بأن يكون لديها من النضج والحكمة ما يكفي للوصول إلى تفاهمات مشتركة تؤدي إلى أن تصل الكتل بنفسها إلى حلحلة الأوضاع عاجلاً من غير حاجتها إلى مساعدة، وأن تتوصل الحوارات الى حلول سريعة في تشكيل الحكومة من أجل حفظ مصالح العراقيين». وقال إن «الحكومة المقبلة يجب أن تكون قوية قادرة على محاربة الفساد، يتم من خلال تشكيلها الابتعاد عن المحاصصات الضيقة الحزبية والفئوية والطائفية». كما انتقد بعض القوانين الروتينية التي ترهق المواطنين وتسهم في تعطيل إنجاز معاملاتهم، مطالباً بتعديلها. وقال إن «الجهات القانونية المختصة في الدولة ومجلس النواب مطالبة بدرس القوانين والتعليمات المعقدة التي ترهق المواطنين والموظفين على حد سواء من أجل وضع قوانين جديدة وتعليمات تضبط من خلالها الاجراءات الادارية والقانونية، وفي الوقت ذاته تسهل على المواطنين انجاز معاملاتهم ولا تجعلهم عرضة للفساد من ضعاف النفوس». من جهته، قال النائب السابق الشيخ جلال الدين الصغير خطيب جامع براثا إن «الوزراء يعدون العراقيين بتنفيذ خطط حاسمة لمعالجة مشكلة الكهرباء في البلاد، ثم تذهب كل تلك الوعود أدراج الرياح». وأكد أن «على الوزير أن تكون لديه قدرة في ادارة القدرات البشرية والمالية والعقود والنزاهة في التعامل مع مقدرات الوزارة وقيادتها بكفاءة ادارية». ولفت إلى أن «الوزير المستقيل سبق أن قال إن مشكلة الكهرباء ستحسم في شكل نهائي عام 2011، وهذا الوعد لن يتحقق أبداً». وأوضح أن «الحل ليس في اقالة وزير وتنصيب آخر انما العبرة في ادارة سياسة الطاقة، ويجب أن تكون سليمة ومبنية على أساس واحد هو كيفية منح الكهرباء للمواطن». وانتقد المساومات السياسية بين الكتل الفائزة. وقال: «ما زال هناك من يفكر بعقلية كم تعطيني لأعطيك، والأمر لا يكون في هذه الصورة، واذا لم يجلس الجميع لتحديد برامج مدروسة للحكومة المقبلة، سيبقى الأمر على حاله، ولن تحل المشكلة». وعلى صعيد متصل، أكد الشيخ علي الحسين خطيب وامام جامع سعاد النقيب في العامرية أن «المواطن وحده بات يتحمل تبعات تأخير تشكيل الحكومة المقبلة، وأن الأوضاع الخدماتية والأمنية تزداد سوءاً من دون معالجات حقيقية». وتحدث عن اقالة وزير النقل العراقي، وقال إن «كل هذه المعالجات جاءت متأخرة وفي غير وقتها، والمطلوب هو تدارك الموقف وتشكيل حكومة وطنية قادرة على معالجة الأزمات ومحاربة الفساد». وانتقد الشيخ سعد الجنابي خطيب وامام جامع ذي النورين في الأعظمية طبيعة المساومات القائمة بين الكتل في خصوص تسوية أزمة تشكيل الحكومة. وقال إن «الوضع لم يعد يحتمل المزيد، وعلى السياسيين أن يدركوا بأن الشعب لن يحتمل المزيد منهم». وأضاف: «إذا بقيت الاوضاع على حالها، أنصح السياسيين بالصمت في الانتخابات المقبلة والاحتفاظ بماء وجههم لأن كل وعودهم تتبخر لاحقاً. مرت أكثر من أربعة أشهر على الانتخابات من دون نتيجة واضحة، فلا يتوقعوا أن يذهب الناس الى صناديق الاقتراع لاحقاً لأن الجميع تعلموا مما حدث». وعلى الصعيد الأمني، قال مصدر في الشرطة العراقية إن ما لا يقل عن خمسة أشخاص قُتلوا بينهم ثلاثة من الجنود وأُصيب 18 آخرون في هجوم انتحاري بواسطة سيارة مفخخة استهدف الجيش في غرب بغداد. وأضاف المصدر أن «انتحارياً يقود سيارة مفخخة اقتحم نقطة تفتيش للجيش في منطقة الغزالية في غرب بغداد، ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود واثنين من المارة واصابة 18 شخصاً بينهم جنديان». يشار الى أن الغزالية كانت أحد معاقل التنظيمات المتطرفة التي تدور في فلك «القاعدة» حتى عام 2008.