في كتابها الجديد «عمر الشريف.. بطل أيامنا الحلوة» الصادر عن دار مصر العربية للنشر والتوزيع، تبحر الكاتبة والناقدة السينمائية ناهد صلاح في العوالم الأسطورية لحياة الفنان عمر الشريف وجذوره العائلية والاجتماعية، وقصة حبه وزواجه وطلاقه من سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وعن هجرته وغربته ونجوميته في السينما العالمية. وتحكي الكاتبة عن نشأت النجم الراحل فتقول: «ولد عمر الشريف (1932-2015) واسمه الحقيقي (ميشيل ديمتري جورج شلهوب) بمدينة الإسكندرية وانحدر من أسرة أرستقراطية لها أصول لبنانية والده كان من كبار تجار الأخشاب بالإسكندرية وسعى إلى إعداد ابنه ليكون شخصاً مرموقا في عالم التجارة والمال، وتنقل عن الشريف قوله: عشت وتربيت مع عائلتي في بيت برجوازي، حيث الحياة مرفهة منذ طفولتي وارتدت الأندية الكبرى التي كان لا يدخلها سوى الأثرياء وقاموا بتربيتي على أن أكون شخصاً مستقلاً وقوياً». وإذ يتساءل الشريف كما تفيدنا الكاتبة: لو لم أعمل في «لورانس العرب»، هل كنت سأظل سعيداً؟ أنا كنت في مصر نجماً وزوجاً سعيداً، لما سافرت واشتهرت دخلت في مناخ آخر وحياة مختلفة لم أكن أنتظرها، لما كنا صغاراً في مصر كنت أذهب إلى السينما كل يوم وأقول أريد أن أكون مثل الفنانين الكبار الذين أشاهدهم على الشاشة نجوماً في أفلام أميركية، ولما تحقق ذلك وصرت واحداً منهم نسيت نفسي. كان عندي وقتها 29 سنة، أي أنني عشت 29 سنة كاملة في مصر وكنت لا أعرف الخارج أبداً، وتأقلمت مع الحياة والطباع والتقاليد في بلدي، وحين خرجت إلى عالم آخر رأيت وصادفت «حاجات» غريبة. وكنت حتى لحظة خروجي من مصر لم أشاهد التلفزيون، لأنه أساساً لم يكن دخل في بلادنا. أي أنني حتى سن 29 سنة لم أعرف التلفزيون، ولا رأيته. كنت فقط أقرأ وأحلم، هذا أقصى ما وصلت إليه». إذاً فمشوار التحول في حياة عمر الشريف «بدأ بمغامرة، تقول الكاتبة، هو الذي كان له في مصر بيت وزوجة وابن، وعمل في السينما المصرية وله فيها مكانة ونجومية». وهنا تمسك الكاتبة ناهد صلاح طرف الخيط، لتقول: «لم يقف عمر الشريف عند منعطف فيلم «لورانس العرب»، بل ظهر بطلاً في أفلام عديدة، مثل»جنكيز خان» و«دكتور زيفاجو»، فيلم «مايرلينج» و «غيفارا» ثم انهالت العروض السينمائية عليه وقام ببطولة العديد من الأفلام الفرنسية أمام صوفيا لورين وكاترين دينوف وإنغريد بيرغمان، وجان بول بولموندو، وغيرهم». وتضيف الكاتبة: «لقد تذوق عمر الشريف حلاوة نجاحه في عالم السينما والنجومية وتجرع في ذات الوقت مرارة الغربة التي تركت بصمتها في روحه وانسحبت على ملامحه ونظرة عينيه المليئة بالحزن والشجن، هي نظرة عميقة تخفي وراءها حكايات كثيرة من الألم والقلق، كان في مصر جامحاً في تمرده وتسيطر عليه فكرة الرحيل، وخارج مصر صار كأبطال أفلامه الأجنبية غريباً يعيش في غير وطنه، وقلِقاً أصبح القلق مثله مثل الغربة جزءاً أصيلاً في شخصيته». نال عمر الشريف الكثير من الجوائز حين رشح لجائزة الأوسكار عن دوره في فيلم «لورانس العرب» كأفضل دور ثان، كما تم منحه جائزة مشاهير فناني العالم العربي تقديراً لعطائه السينمائي، وحاز أيضاً في العام ذاته جائزة سيزار عن دوره في فيلم «السيد إبراهيم وزهور القرآن»، بالإضافة إلى العديد من التكريمات المختلفة. قدم عمر الشريف في السينما المصرية 20 فيلماً سينمائيا تعتبر من أفضل الكلاسيكيات السينمائية منها ستة أفلام مع سيدة الشاشة فاتن حمامة، وأنتج فيلما واحداً هو «لا تطفئ الشمس». كما قدم مسلسلاً تلفزيونياً واحداً «حنان وحنين» بالإضافة إلى مسلسلين للإذاعة المصرية «الحب الضائع» و «أنف وثلاث عيون».