-1- من كتاب الفصول ومن ضحكة الأرض يخرج «نيسان» من مسربٍ ضيقٍ شاهراً وردَه وحدائقَ أمطاره كيف تأخذنا كتبٌ خطَّها بشرٌ مثلنا، عن كتاب الوجود وقد خطَّه الله، أبدعه صانعُ الكائنات كأحلى وأبدع ما تستطيع الكتابةُ - في لغةٍ - أن تكون. -2- في دفاتر البنات يكتب الوردُ حكايةَ الحب الصغير قبل أن يدركه الصباحُ فيذوب في نهار باردٍ وقبل أن تصطاده تجربة العشرين في قسوتها أو أن تصدّه قبل الأوان موجةٌ صفراء من مرارة العيش وخيبة الزمن. -3- ليس لي صلةٌ بالمدينة لا شيءَ يجذبني نحوها بعد أن كَبِرتْ واستطالت رموش الحديد وصارت عجوزاً مكابرة تترنح قبل الغروب وبعد الشروق. بساتينها لم تعد تزرع الورد، من زمنٍ ساحقٍ لم تزرها شموس المطر. -4- في البدء كان الشعر كان الورد كانت الحقول ملأى بالحمام واليمام كان الحب في طريق الناس فائضاً عن حاجة الروح وكانت السماء – يا لها السماء - قريبةً من النساءِ والأطفال من أحبابها المجانين ومن عشاق ساحةٍ مضاءة بالشعر والسهر. -5- قلتُ هذا أوان الكتابةِ ماذا سأكتب؟ كانت يدي تتلمس أول ورد الحديقة قلتُ سأكتب عن وردةٍ خرجت فجأة من غواية أكمامها كيف كانت، وكيف استوتْ كيف تغمض أجفانها حين يقترب الشعراء ويختصمون حيال اسمها وهي نائمةٌ في كتاب الطبيعةْ. -6- في أول الربيع يولد الجمالُ في بلاد الله يكتب الوردُ غناءَه في ورقٍ أرقّ من براءة الروح ومن شذى أغنيةٍ ترقرقتْ ذات صباحٍ دافئٍ على شفاه «فيروز» ومن صدى شبّابةٍ ينفخها الرعاة حين يهجعون في ظهيرةٍ ناعسة الوقت ندية الظلال. -7- خذوني بعيداً إلى قريةٍ لا تنام حكاياتها حيث للماء ضوءٌ وللورد صوتٌ وحيث الأغاني تشقّ شغاف القلوب بلا آلةٍ حيث ينحدر الماءُ في شغفٍ من أعالي الجبال. -8- مستوحشٌ.. أنا متى تهاجر الأجساد من مدائن الدخان من أحيائها المبعثرات من أشجارها الأسمنت من وطاويط الكلام من ساحاتها الملأى بما لا يُستعادُ من دروبٍ يملأ الذبابُ فيها أعين الرجال والنساء، من مكان مات فيه ألقُ المكان والزمان؟؟! -9- لستُ وحدي الذي امتلأتْ رئتاه بحبر المدينة وامتلأت عينه بالغبارِ وضوضائهِ لستُ وحدي الذي فرَّ نحو الشعاب لعل هواءَ الجبال يعيد إلى روحهِ بعض ما كتبته طيور الحقول وما اختزنته بأوراقها وسوسات الشجرْ. -10- في بلاديِ، بلادي الحزينةْ بلادي السعيدةْ يمطر «نيسان» ورداً وغيماً، وماءً، لماذا يماطلني ليس يمطر أغنيةً أو قصيدة؟! -11- أطلق سراحي أيَّها السجّان أطلق الفراشات التي أودعْتَها زنزانة مظلمة فلم تعد تدري ولم تعد ترى ورداً ولا عشباً ولم تعد تغني للنجوم حين تهبط الأرضَ وترتدي ثيابَ نسوةٍ تصطف عند النبع في نهاية الطريق. -12 – أعيدوا إليّ غنائي أعيدوا شرودي أعيدوا لقلبي هواي الذي كان ينقذني من ظنوني وخوفي. أعيدوا لعينيَّ حبهما للغيوم وحبهما للنجوم وحبهما للبلاد التي كنت أعشقها ثم صرتُ إذا ما نظرتُ إليها تحاصرني نوبةٌ من وجوم!