شعرت أم محسن، قبل عامين، بالخجل حين بدأت جمع علب المشروبات الغازية من حاويات النفايات. لكن هذه السيدة الأربعينية لا تكترث اليوم لما تواجهه من انتقادات واستنكار من عملها، بعد ان كان الشعور ب «الذل والهوان» يسيطر عليها. وتقول أم محسن: «راتب زوجي لا يتعدى 1700 ريال، وهو يعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد. ونسكن في منزل مستأجر، في أحد أحياء القطيف القديمة، وقد ارتفع إيجاره السنوي، إلى 13 ألف ريال، بعد أن كان 10 آلاف قبل سنوات عدة، إضافة إلى فاتورة الكهرباء، التي تتخطى في معظم شهور الصيف حاجز الألف ريال، فلا يتبقى لنا إلا 700 ريال». وتسأل: «من يعيش بهذا المبلغ في ظل غلاء المعيشة». ولم تتعد أم محسن في دراستها المرحلة الابتدائية. ولا تملك شهادة تساعدها على إيجاد عمل. وتشعر ب «قلة الحيلة كلما نظرت إلى زوجي وأبنائي»، مضيفة «سمعت عن جمع العلب المعدنية، فأصبحت أجمعها على رغم رفض زوجي عملي هذا. كما يرفض معظم أبنائي مساعدتي. إلا انه في نهاية المطاف عمل شريف». وتوصي أم محسن معارفها وجيرانها بعدم رمي العلب المعدنية، وأصبحوا يجمعونها لها يومياً. ويقوم احد أبنائها ببيعها على العمال الأجانب، بعد الاتفاق معهم على الحضور إلى المنزل، وأخذ العلب، وهم بدورهم يقومون ببيعها. وتبلغ قيمة الكيس الكبير 20 ريالاً. وتصف هذا المبلغ ب «الزهيد. ولكنه قد يسد الحاجات البسيطة. كما أقوم بخياطة ملابس الكبيرات في السن. وقد يبلغ مجموع ما اجنيه شهرياً، 700 ريال». ولجأت سيدات من الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط، إلى بيع الملابس والأحذية والحقائب النسائية المستخدمة. وتقول هناء، التي تعتبر نفسها «وسيطة» لبيع الملابس والمستلزمات المستخدمة: «غالباً ما تخجل النساء من عرض مستلزماتهن المستخدمة للبيع، فيقمن بإحضارها لي، مقابل نسبة من الربح في حال البيع، مع ملاحظة أن لا تكون الملابس متسخة أو مستخدمة لفترات طويلة، وغير مهترئة. ولا يتجاوز سعر القطعة الواحدة 20 ريالاً، فيما لا تتعدى الحقائب والأحذية 35 ريالاً. وأرى إقبالاً كبيراً على البضائع المستخدمة، فيما يستنكر البعض شراء المُستخدم». واختارت أم محمد وأم بدر، وظيفة أخرى، أعلنا عنها منذ نحو عام، عبر مواقع على شبكة الإنترنت، وهي «تفتيش العاملات المنزليات»، مقابل 300 ريال. وتقول أم محمد: «لم تأت الفكرة من فراغ، وإنما من حاجة المجتمع لها. إذ نرى عددا من السيدات، يتحدثن عن سرقات العاملات، أو أنها قد تحضر من بلدها حاملة السحر لأصحاب المنزل. ولأن الكثير من ربات البيوت يخشين من تفتيش العاملة، نحن من يقوم بهذه المهمة». وتتلقى «المفتشتان» اتصالات كثيرة من قبل ربات البيوت، خصوصاً لتفتيش العاملات الجديدات. وتقول أم بدر: «قد نجد لديهن أشياء غريبة، مثل أوراق تحوي حروفا مبعثرة غير مفهومة، فنقوم بإتلافها في ظل صمت العاملة، وراحة مخدومتها. فيما يطلب البعض تفتيش العاملة في حال فقدان شيء ثمين من المنزل، أو مبلغ من المال. فإذا مر على وجود العاملة أشهر أو سنة، فقد تسرق إحدى فردتي حلق الأذن دون الأخرى، لتلافي انتباه صاحبة المنزل، ولكننا نجدها مخبأة بين أغراضها. فيما تخشى الكثير من السيدات من وجود صور لأطفالهن، أو خصل الشعر، أو شيء يخص أحد أفراد الأسرة لدى العاملة، خوفاً من أعمال السحر حال سفرهن إلى بلدانهن». وتلفت إلى أن «معظم العاملات يخبئن المسروقات في الفوط الصحية النسائية الخاصة بهن».