ساو باولو - رويترز - تتيح أفريقيا بعضاً من أفضل فرص الاستثمار على مستوى العالم مع تنامي أهمية الأسواق الناشئة، على رغم أن تدفق رؤوس الأموال يهدد بزعزعة استقرار اقتصادات كثيرة فيها. ووصفت شخصيات بارزة في مجال تمويل الأسواق الناشئة شاركت في «قمة رويترز للأسواق الناشئة» بساو باولو الأسبوع الماضي نيجيريا، عملاق انتاج الطاقة في القارة، بأنها أفضل اختيار للاستثمار. وتحملت افريقيا الأزمة المالية العالمية بصلابة فاقت التوقعات، ويُرجَّح أن يبلغ معدل النمو في القارة 4.75 في المئة هذه السنة. وفي عام 2011، يُتوقَّع أن تمثل دول افريقية خمساً من أسرع 10 اقتصادات نمواً في العالم. وتجتذب القارة الآن أكثر من مجرد المستثمرين المغامرين. وقال الرئيس التنفيذي لمصرف الاستثمار الروسي «رنيسانس كابيتال» ستيفن جنينغز أمام القمة عبر دائرة اتصال تلفزيونية من موسكو إن «الاهتمام الكامن بأفريقيا ضخم جداً». وأضاف: «قبل الأزمة، كان هناك أكثر من 40 مجموعة تدير صناديق استثمار في افريقيا. وخلال ثلاث أو أربع سنوات، ستضم افريقيا مئة صندوق استثمار، ولن يكون رأس مال أكبرها حجماً مليار دولار بل 20 ملياراً». وأشارت مؤسسة «إي بي إف آر» لرصد صناديق الاستثمار إلى أن التدفقات النقدية الصافية إلى صناديق الاستثمار في الأسهم الافريقية بلغت خلال 43 اسبوعاً 484 مليون دولار في النصف الأول من السنة، أي ما يعادل ضعفي التدفقات على الهند في الفترة ذاتها. ويرى مؤيدون للاستثمار في افريقيا أن التدفقات إلى القارة قد تتسارع مع نقص العائدات المربحة في الدول المتقدمة، فهذا الأمر يجذب المستثمرين إلى القارة، في حين يشير تحسن مناخ الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى تراجع الأخطار. ويزيد مستوى المؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال» المخصص للقارة باستثناء جنوب افريقيا بنسبة ثمانية في المئة عام 2010 عنه السنة الماضية، وإن كان لا يزال أقل بكثير من أعلى مستوياته خلال السنة، في حين نزل المؤشر «ستاندرد أند بورز 500» الأميركي أكثر من ثمانية في المئة. ويفيد تحول النفوذ الاقتصادي العالمي باتجاه اقتصادات ناشئة عملاقة، مثل البرازيل وروسيا والهند والصين، افريقيا إذ تسعى الاقتصادات الصاعدة وراء موارد القارة وتدفع أسعار السلع والاستثمار إلى الارتفاع. وما زالت البرازيل وروسيا والهند في موقعها خلف الصين التي أصبحت السنة الماضية أكبر شريك تجاري لأفريقيا، لكن هذه الدول وسعت تجارتها بدرجة كبيرة وضخت مزيداً من الأموال في القارة. وقال جاكو ميري، الرئيس التنفيذي ل «ستاندرد بنك جنوب افريقيا»، وهو أكبر مصرف في القارة: «المذهل فعلاً هو حجم التبادل بين البرازيل وروسيا والهند والصين وبين أفريقيا... نعتقد أن الأمر بدأ لتوه». ويُتوقع أن تصدر قريباً شركات برازيلية لها وجود كبير في افريقيا سندات بالراند، عملة جنوب افريقيا، للاستفادة من تنامي الإقبال. وتضم سوق نيجيريا نحو 140 مليون نسمة، أي نحو ثلاثة أضعاف عدد سكان جنوب افريقيا، ما يجعلها، إلى جانب مواردها من الطاقة وسوقها التي تتسم بسيولة كبيرة، أفضل اختيار بالنسبة لمستثمرين كثيرين ممن يتطلعون لأفريقيا. وتُعتبر اثيوبيا ورواندا من بين الاقتصادات الأفريقية الصغيرة الواعدة، وهو ما يُظهر كيف تتحول دول كانت مهملة من قبل وتعاني من الحروب إلى قطب جاذب للاستثمار، إلى جانب دول مثل غانا وهي ديموقراطية مستقرة نسبياً ستتحول قريبا إلى منتج للنفط. الاضطراب السياسي لكن ثمة أخطاراً تتعلق بالاستقرار السياسي حتى في الاقتصادات الكبيرة مثل نيجيريا وكينيا. ويؤكد خبراء في الشؤون الأفريقية حقيقة أن الثروات التي تجنيها تلك الدول من الموارد المعدنية لا يجرى تقاسمها على نطاق واسع، ويشيرون إلى أن الاعتماد على مثل هذا الدخل في ملء خزائن الدولة قد يعطل ارساء قواعد ضريبية تنقل هذه الدول إلى وضع أفضل. ويقول المحرر في نشرة «افريكا كونفيدنشيال» باتريك سميث: «أعتقد أن مصدر القلق الحقيقي يأتي من جودة النمو». ويضيف: «من الغباء القول إن النجاح مؤكد». فالتدفقات الكبيرة لأموال الاستثمار في حد ذاتها قد تمثل مشكلة للدول الأفريقية الأقل استعداداً لتحمل ذلك من مناطق أخرى سريعة النمو شهدت مشاكل مثل هذه التدفقات في الماضي. ولفت جينينغز إلى أن «افريقيا لا تملك خبرة في تحمل تدفقات رأسمالية ضخمة»: وزاد: «يشير السيناريو الذي ارسمه إلى أن التدفقات الرأسمالية ستكون اكبر بكثير من طاقة هذه الدول على استيعابها».