لم ينعكس صيف الرياض «القائظ» إيجاباً على مصانع الثلج الصغيرة، إذ تأثرت مبيعاتها بالسلب وتضررت كثيراً، وأغلق معظمها أبوابه بعد أن أحجم زبائن الثلج عن الشراء، ليس زهداً فيه ولكن لتعويضهم إياه بالثلج المُعد في المنزل وفي أي وقت وباتت صورة بائع الثلج «أبو صالح» الذي يتزاحم عليه الخليجيون والذي رسخه المسلسل الأشهر «درب الزلق» يطويها النسيان. غير أن الوضع يختلف بالنسبة للمصانع الكبرى، إذ يقول مدير مبيعات مصنع مرمر للثلج سعيد علي إنه توجد ثلاثة مصانع للثلج في السعودية تعتبر الأكبر محلياً، في حين توجد عشرات المصانع الصغيرة في مختلف المدن، إلا أنه مع مرور الوقت يتم إغلاق بعضها لمخالفتها قواعد السلامة والصحة التي تفرضها البلديات من تغليف الثلج واستخدام المياه الصحية في الإنتاج. وقدر إنتاج السعودية من الثلج بأكثر من 100 طن يومياً تتجاوز قيمتها مليون ريال، لافتاً إلى أن المصانع الثلاثة الكبرى اثنان منها في الرياض والثالث خارجها، مؤكداً أن الطلب على الثلج من المصانع الكبرى مستمر طول العام، إلا أنه يرتفع خلال الفترة من شهر حزيران (يونيو) وحتى تشرين الأول (أكتوبر)، بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وتصل ذروة الطلب في شهر آب (أغسطس)، خصوصاً خلال عطل نهاية الأسبوع، لكثرة المناسبات العائلية. ولفت إلى أن المنافسة مستمرة بين المصانع الكبرى، ويبلغ سعر الكيس البالغ وزنه 4 كيلوغرامات ثلاثة ريالات، مؤكداً أن المستهلكين أصبحوا يميزون بين أنواع الثلوج والمياه التي تستخدم في انتاجه. وعن تأثير صناعة الثلج في المنازل على المصانع، قال: «ليس هناك اثر يذكر على المصانع الكبرى، إذ إن الفئة المستهدفة للمصانع هي «المولات» الكبرى والجهات الحكومية، ويأتي المستهلك العادي في المرتبة الأخيرة. يقول أحد العاملين في مصنع صغير للثلج سابقاً محمد إقبال: «المصنع الذي يعمل فيه منذ أكثر من 15 عاماً والذي يقع في وسط الرياض أغلق أبوابه، بسبب إحجام الزبائن عن شراء الثلج بعد انتشار التقنيات الحديثة للتبريد في غالبية المنازل، وأصبحت الحاجة إلى الثلج المصنوع في المصانع ضعيفة جداً، وعلى رغم أنه يفترض إسهام الأجواء المحلية الساخنة في رفع المبيعات، إلا أن ذلك لم يحدث». وأضاف ل«الحياة» أن الأسر أصبحت لا تشتري الثلج إلا نادراً، مرجعاً ذلك إلى وجود آلات تبريد وتثليج المياه في كل المنازل، إضافة إلى انتشار برادات المياه وبأسعار منخفضة، كما أن بعضها لا تقوم فقط بتبريد المياه بل تقوم كذلك بتسخينه، في حين أن الطلب يتحرك قليلاً في فترات الصيف، خصوصاً في إجازات نهاية الأسبوع». ولفت إقبال إلى أن غالبية الأسر التي تشتري الثلج تقوم بذلك خلال الرحلات، إذ تضعه في برادات، وذلك لعدم وجود برادات متنقلة، وتلك الأسر قلة، إضافة إلى شراء بعض الثلج من أجل الحفلات والمناسبات، مؤكداً أن هذا الإحجام أسهم في إغلاق عدد من مصانع الثلج بعد أن مُنيت بخسائر كبيرة في ظل التراجع الحاد للمبيعات. من جهته، قال بائع المواد الغذائية قاسم المحضار الذي يعرض كميات من الثلج إن انقطاع الكهرباء خلال الأيام الماضية في بعض أحياء الرياض أسهم في رفع مبيعات الثلج بنسبة تجاوزت 70 في المئة في تلك الأحياء، كما أنه تم تحويل كثير من الكميات التي توزع في مختلف أحياء الرياض إلى مراكز البيع هناك، وأسهم ذلك في ارتفاع الطلب، وزاد إنتاج المصانع 20 في المئة لتلبية الطلب. وأشار المحضار الذي عمل سابقاً في أحد مصانع الثلج إلى أنه لولا طلب محال الأسماك على الثلج والتي تستهلك كميات كبيرة منه وبصفه يومية لكانت اختفت هذه الصناعة، مشيراً إلى أن كل محل سمك يستهلك يومياً ما لا يقل عن 10 كيلو غرامات، إضافة إلى احتفاظها بكميات أخرى احتياطية في الثلاجات للاستفادة منها في حال وصول أسماك أخرى للمحل، أو حال تعطل أجهزة تبريدها لأي سبب كان. ويوضح موزع الثلج هاني سليمان أن غالبية المحال التي تستهلك كميات كبيرة من الثلج مثل المقاهي ومحال العصائر أحجمت عن شراء الثلج من المصانع، إذ أصبحت تقتني الماكينات الصغيرة التي تنتج قوالب الثلج بدلاً من شرائها، ووفرت هذه الخطوة عليهم المال والوقت، إذ إنهم لن يتحملوا أي كلفة تذكر بعد شرائهم هذه الماكينات، وكل ما تقوم به تلك المحال هو وضع كمية من المياه فيها وتقدير درجة التجمد المرغوبة والكمية التي يريدون إنتاجها. وأشار إلى أن المصانع كانت تنتج في السابق كميات كبيرة من الثلج، وكنا نشاهد ازدحاماً كبيراً من الراغبين في الشراء، خصوصاً في أوقات الصيف وفترات النهار، ولم تكن هناك أية حاجة لموزعين، إلا أنه في الوقت الحالي انخفض الطلب عليها بنسبة تتجاوز 50 في المئة، مؤكداً أن إنتاج الثلج بالنسبة إلى المصانع أصبح عبئاً أكثر منه تجارة. وعن أنواع طرق تجهيز الثلج قال سليمان: «هناك معامل تنتجه باستعمال غاز الآمونيا، وأخرى تستخدم غاز الفريون، والطريقة الأولى هي الأكثر سرعة في عملية الإنتاج والتجميد في المعمل»، داعياً إلى ضرورة التزام أصحاب المعامل بالتعليمات الصحية لأن الثلج من أخطر المواد الغذائية، إذ يعتبر مجمعاً للجراثيم.