على مؤتمر الحزب الشيوعي الفيتنامي الوشيك، في كانون الثاني (يناير) 2011، التصدي لعدد من المسائل الملحة. فالأزمة زعزعت نمواً قوياً ومتصلاً منذ 1991. ونجم عنها، في نصف السنة الأول من 2008، بلوغ التضخم 28 في المئة. فالتجأ الفيتناميون، وثقتهم في عملتهم ضعيفة على العموم، الى الذهب والدولار، ما بعث سوق العملات السوداء، وأثار الخوف في صفوف الحكم. فسعت السلطة في تقليص حجم النقد المتداول، وحظرت استيراد الذهب. وكثرت الإضرابات العمالية احتجاجاً على تردي القوة الشرائية. ولحسن الحظ أدت الأزمة الاقتصادية الآتية من الغرب، الى استقرار أسعار المواد الأولية والسلع المستوردة، بينما ضمرت الصادرات الى السوق الأميركية والأوروبية. وبلغ النمو في 2009، غداة خطة تحفيز، نحو 5.1 في المئة. وهي نسبة جيدة لولا تعاظم العجز، عجز الموازنة، وهو يبلغ 9 في المئة من الناتج الإجمالي الداخلي، وعجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات. واحتياط العملة الصعبة يكاد لا يغطي 3 أشهر من الواردات. وعليه، تشكو فيتنام تبعية ثقيلة بإزاء الخارج. وتبلغ قيمة صادراتها الى الخارج هذا 70 في المئة من الناتج الإجمالي الداخلي. وتعول على تدفق الاستثمارات الأجنبية في سبيل توازن ميزان مدفوعاتها، والحال هذه، قد تضطر السلطة الفيتنامية الى الاستعانة بصندوق النقد الدولي. والحق ان الحال دقيقة ولكنها ليست حرجة. فالدين العام لا يتجاوز 48 في المئة من الناتج الإجمالي الداخلي. وآسيا هي، من جديد، محرك النمو العالمي. ولا ريب في عود ذلك على فيتنام بالمنفعة. ولكن فيتنام، على رغم أزمتها المتوسطة، فقدت السيطرة على مثالها الاقتصادي. وعلى الحزب في مؤتمره استخلاص دروس المرحلة، وتحسين شروط اتخاذ القرارات وسياقاته، والحؤول دون ترجح العامين 2008 - 2009. ومحاربة الفساد موضوع متداول. وتحل فيتنام المرتبة 120 من سلم الفساد، على 180 بلداً، ويرى 65 في المئة من الفيتناميين في الفساد مشكلة مقلقة، وتبعث على إضعاف ثقة المواطنين بقادتهم. وسبق أن أقرت الهيئات المسؤولة قانوناً محكماً لعلاج الفساد. ولكن حظر المعارضة السياسية والسلطة المضادة، يؤدي الى التعويل على القضاة وحدهم. والقضاة في فيتنام يعينون لخمس سنوات، ولا تجدد ولايتهم. فهم لا يتمتعون بأضعف استقلال عن السلطة الحزبية التي تعينهم وتراقبهم وحدها. وقد ينظر المؤتمر في المسألة، ويستجيب إلحاح القضاء والمتقاضين. ويتداول الفيتناميون كثيراً مسألة العلاقات الفيتنامية - الصينية المتوترة. وأسباب التوتر كثيرة، ومنها سيطرة الصين على أرخبيل باراسيلس الذي تطالب به فيتنام، وتردي التربة الزراعية في دلتا الميكونغ جراء السدود التي تبنيها الصين في الجهة القريبة من الينابيع، والاستثمارات الصينية في مناجم البوكسيت وفي السهول المرتفعة والغابات العالية على رغم الأضرار البيئية الفادحة التي تصيبها، واجتياح السلع الصينية الأسواق الفيتنامية. ويميل المكتب السياسي الحالي الى معالجة الخلافات هذه بتكتم ديبلوماسي، فهل في مستطاعه حمل المؤتمر على مسايرته؟ وليس في صفوف القيادات الحزبية الفيتنامية خلافات على أهداف السياسة الاقتصادية والاجتماعية. فالقيادات مجمعة على استئناف النمو، وحفاظ السلطة على سيطرتها على النمو ومثاله، وعلى تقليص التفاوت الاجتماعي، وتوسيع السوق الداخلية والحماية. وبعض التباين لا يؤدي الى نزاعات حزبية. والمسألة المركزية هي «ديموقراطية» النظام السياسي، على المعنى الفيتنامي. فالتخلي عن الحزب الواحد ليس محل مناقشة. فالسؤال، على هذا، يتطاول الى توسيع فسحات الحرية وضمانها، وإلى تقليص الرقابة وتدعيم استقلال القضاء هذا كله في إطار النظام الحاكم. وتغير الأحوال يقتضي تكييف النظام في وسط اضطرابات جنوب آسيا الشرقي وحراكها. باحث اقتصادي وعضو مجموعة آسيا -21 المستقبلية، عن «لوموند» الفرنسية، 30/6/2010، إعداد وضاح شرارة