انطلقت بطولة أوروبا لكرة القدم في فرنسا عكس تيار كابوس التهديدات الإرهابية والمطالب النقابية والأزمة الاجتماعية المتواصلة منذ أكثر من 3 شهور وتراكم النفايات بسبب الإضرابات، والاستعداد لتنظيم تظاهرة وطنية الثلثاء المقبل احتجاجاً على تعديل قانون العمل. وتجمّلت مدن مصرة على توفير واحات فرح واحتفالات، وإن كانت مرصودة أمنياً، كما يكابد الفرنسيون ليقدموا صورة ضيافة ناصعة مشرقة تبدد الكابوس الجاثم على صدورهم منذ شهور بسبب الاعتداءات الإرهابية، فتراهم يقبلون على حياة الصخب علهم يتجاوزون هواجس التقوقع والريبة من الغريب، وإن بدا المشهد مصطنعاً أحياناً، خصوصاً أن لا مجال للتهور. وأمس، أكد رئيس ألمانيا يواكين غاورك أنه «قلق مثل كثيرين» بخصوص الأمن في «يورو 2016 من احتمال تعكير صفو هذا الاحتفال السلمي»، وزاد: «راكم جيراننا تجارب مريرة، وبالتأكيد هم متوترون للغاية. لقد استثمروا الكثير من أجل ضمان الأمن». هكذا يجهد الفرنسيون لتبديد «مخاوف محقة» باتت تكبّل يومياتهم، ولعل انطلاق احتفالات «يورو 2016» بحفلة موسيقية ضخمة قرب برج إيفل في باريس بحضور حوالى 90 ألف شخص، ردٌّ على أجواء التوتر واختبار لفاعلية الإجراءات المتخذة. وقالت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو إن «كل شيء سار في شكل جميل». «ترفض فرنسا أن تفكّر في الخطر لكنها تحتاط منه»، ورشة حذر ستغلّف يومياتها في المناسبة التي تنظمها للمرة الثالثة (بعد عامي 1960 و1984) وتأمل في أن يخرج في نهايتها (10 تموز/ يوليو) «منتخب الديوك» ظافراً بكأس البطولة على غرار عامي 1984 و2000، قاطعة الطريق على ألمانيا لأن تضم اللقب إلى تتويجها في المونديال قبل عامين، فتحذو حذوها (1998 و2000) وحذو إسبانيا (2010 و2012). والانطلاق عكس التيار الميداني في حال نجاحه سيوفّر مردوداً مادياً مقداره 1.3 بليون يورو، ويحظى بمتابعة من 130 قناة تلفزيونية. حالة تبدو «غريبة» إذا ما قيست بمجريات «كوبا أميركا» في مئويتها المقامة بهدوء بعيداً من أي توتر في الولاياتالمتحدة، والتي لا تشغل أوروبا عموماً إلا بقدر الإضاءة الخجولة على لاعبي أنديتها «الأميركيين الجنوبيين» تحديداً، ضمن منتخباتهم الوطنية. يعارض فرنسيون كثر سياسة رئيسهم فرنسوا هولاند، لكنهم متفقون معه على رفض «الوقوع تحت تأثير الخوف» باحتمال حصول اعتداءات، مع إقراره بأن التهديد «موجود» بالتأكيد، لكن البطولة ستمضي قدماً كرمى لحوالى مليوني وافد متوقع حضورهم، سينعشون الحركة التجارية ويساهمون في تجاوز الركود، علماً أن الرقابة ستتركز على تحركاتهم، خشية أن تضم صفوفهم إرهابيين يتحرّكون متى «تحين الساعة». وطبعاً لن تقتصر إجراءات الأمن المشدد على هذه الفئة الخطرة، بل إن جماعة ال «هوليغانز» هي في «عين الصقر» أيضاً، لأن شغب الملاعب وما قد ينجم من تطورات عن أحداث وصدامات بين مشجعين في الساحات العامة والشوارع، قد تشكّل ثغرات لتسلل إرهابيين وتنفيذهم هجمات دامية تحوّل الأعراس الرياضية والأفراح الكروية إلى مآتم. وتؤكّد السلطات أنها اتحذت احتياطات ب «عمق» لتوفير انسياب سلس للجمهور إلى الملاعب، في ظل التفتيش المركّز والمزدوج للمتفرجين الذين سيتدفقون إلى ساحات التجمّع، فمثلاً نشرت ألف عنصر في ستاد دو فرانس (منطقة سان دوني) التي تعرّضت لإحدى الهجمات (مقهى إيفنتس المجاور) في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فضلاً عن انتشار قناصة وتحليق طائرات «درون» (من دون طيار) للمراقبة. وفي ظل حركة المواصلات والنقل العام المتعثرة بسبب الإضرابات، تعهّدت السلطات أمس تأمين إيصال المتفرّجين إلى الملاعب. ووعد وزير الدولة للنقل آلان فيدالي بأن الحكومة لن توفّر «أي وسيلة متاحة لها». وأول من أمس، استخدمت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع لفض مناوشات بين أنصار للمنتخب الإنكليزي قارب عددهم المئة وحوالى 50 شخصاً من سكان في مرسيليا، جرح خلالها مشجعان بريطانيان واعتقل آخر، كما لحقت إصابات طفيفة بأربعة من رجال الشرطة. ومن المقرر أن تشهد المدينة مباراة بين روسيا وإنكلترا. انطلقت البطولة ولا يبدو في الأفق اتفاق وشيك بين الحكومة والنقابات، ما يعرقل جهود الاستضافة والغاية منها. كما أن باريس المرشحة لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية عام 2024 ومن خلفها فرنسا كلها استضافت كأس العالم لكرة القدم عام 1998 وكأس العالم للرغبي عام 2007، إلى بطولات عالمية عدة في العقدين الأخيرين، تدرك أن أجواء الترحاب والاحتفال منقوصة، وقد لا تكفي لاندمال جروح الهجمات الإرهابية الأخيرة. وفي مدريد، ذكرت صحيفة «إلدياريو. اي اس» الالكترونية أمس ان اسم حارس مرمى «مانشستر يونايتد» الانكليزي دافيد دي خيا المرشح ليكون اساسياً مع منتخب بلاده اسبانيا في المباريات، ورد في تحقيق حول فضيحة جنسية، ودان اللاعب ما اعتبره «كذبة». وحسب الصحيفة كل شيء انطلق من تصريحات امرأة عبارة عن «شاهدة محمية» في التحقيق بحق منتج افلام اباحية إنياسيو اليندي. ويلقب اليندي ب«توربي» ويطلق عليه اسم «ملك الاباحية» في اسبانيا واعتقل في نيسان (أبريل) الماضي بسبب اعتداء جنسي على قاصرين ونشر صور إباحية للأطفال. وعلى هامش التحقيق مع توربي، أكدت المرأة أنها اضطرت ضد إرادتها للمشاركة عام 2012 مع امرأة أخرى في حفل نظمه دي خيا والذي قام خلاله بعض لاعبي كرة القدم بممارسة الجنس معهما، والحارس (25 عاما) ليس واحداً من الذين مارسوا الجنس مع المرأتين. وعادت وسائل الاعلام الى الحديث عن تلك الامسية التي تم التطرق اليها فقط من خلال التصريحات التي أدلت بها المرأة للشرطة في حزيران (يونيو) 2015 وايار (مايو) 2016، في اليوم الاول من «يورو 2016» في فرنسا بمشاركة اسبانيا حاملة اللقب في النسختين الاخيرتين واحد المرشحين للاحتفاظ به. وبحسب الصحيفة الاسبانية التي نشرت نسخا من تقرير الشرطة، فان اللاعبين الذين مارسوا الجنس مع المرأتين هما إيكر مونيايين (23 عاما) الذي يلعب حاليا مع اتلتيك بلباو، ولاعب آخر لم يتم تحديد هويته. واكد مصدر قضائي «انه تم تسليم تقرير الشرطة الذي يتطرق الى تورط لاعبي كرة القدم في هذه الفضيحة الى القاضي المكلف بالتحقيق مع توربي، دون ان يؤكد محتواه او هويتهم».