يسعى الرئيس اللبناني ميشال سليمان الى اختراق الأجواء الحامية التي ترافق الحملة الانتخابية، والتي شهدت توجيه انتقادات واتهامات إليه من زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون بالتدخل لدعم مرشحين عبر الأقارب والأجهزة وردوداً على عون أمس، عبر إخراج جزء من التعيينات الإدارية الضرورية لإجراء الانتخابات النيابية الى النور بعد طول انتظار، نتيجة الخلافات عليها، في جلسة مجلس الوزراء التي تُعقد مساء اليوم. (راجع ص 8 و9) وبموازاة الحماوة في الخطاب السياسي الانتخابي، زار بيروت أمس رئيس الأركان العامة في الجيش السوري العماد علي حبيب بدعوة من قائد الجيش العماد جان قهوجي، على رأس وفد عسكري، والتقى الرئيس سليمان في حضور الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري نصري خوري. وأشاد سليمان «بمتانة العلاقات اللبنانية – السورية والعلاقة بين الجيشين لمواجهة العدو المشترك إسرائيل والإرهاب وشبكات التجسس التي تعمل ضد البلدين في آن». وهذه الزيارة الأولى التي يقوم بها العماد حبيب الى لبنان منذ الانسحاب السوري عام 2005. وإذ شدد سليمان على زيادة التنسيق بين الجيشين، أكد أن الجيش اللبناني أثبت أنه أصبح منيعاً في وجه المؤامرات ولم يعد يخضع للتجاذبات. وكانت الانتقادات التي وجهها عون لسليمان موضوع تعليقات من عدد من الأطراف منهم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي زار سليمان وأكد اتفاقه معه على أن بعض الخطاب المستخدم في الحملات الانتخابية ليس من عادة اللبنانيين، خصوصاً عندما يطاول مقام رئاسة الجمهورية. وقال: «لا يجوز أن نسمع أصواتاً تتخطى كل الأعراف». ورأى وزير الإعلام طارق متري أن «هذا التهجم لا يبرره التنافس السياسي»، فيما هاجم مرشحا اللائحة المستقلة في جبيل ناظم الخوري وإميل نوفل اتهامات عون لسليمان بالتدخل بالانتخابات، بينما دافع عن عون نواب في «تكتل التغيير والإصلاح» وكذلك وزير الاتصالات جبران باسيل من «التيار الوطني»). وتسلم سليمان بعد ظهر أمس رسالة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني نقلها إليه رئيس الديوان الملكي الأردني ناصر اللوزي، تتضمن أجواء المحادثات التي أجراها الملك عبدالله مع الرئيس الأميركي باراك أوباما وتتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، لا سيما منها ما يتعلق بالمبادرة العربية للسلام. وعرض سليمان مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي يترأسها رئيس الجمهورية مساء اليوم. وأمل السنيورة التوصل الى التعيينات بالإجماع «وإذا تعذّر بالتصويت». وأكد «أننا نعمل كل ما نستطيعه حتى لا يحصل تعطيل». ودعا الى «الابتعاد عما يشنج البلاد ويوتر أعصاب الناس. ولتكن المعركة الانتخابية ديموقراطية، ولا نلجأ فيها للتطاول على أحد. وسمعنا هذه الأيام شيئاً من هذا الكلام الذي لا يقبله اللبنانيون». ويبحث مجلس الوزراء في تعيين محافظين لبيروت وجبل لبنان ومدير الشؤون السياسية في وزارة الداخلية باعتبار أن تعيينهم يؤدي الى استكمال الإدارة الحكومية المولجة الإشراف على الانتخابات النيابية في 7 حزيران (يونيو) المقبل. وكانت الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء وزعت أمس على الوزراء ملحقاً بجدول أعمال جلسة اليوم تضمن أسماء المقترحين لملء المناصب الثلاثة ونبذة عن كل منهم وهم العميد نقولا الهبر محافظاً لبيروت وقائمقام بعلبك عمر ياسين محافظاً لجبل لبنان والعميد حسين اللقيس للشؤون السياسية في وزارة الداخلية. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن الاتصالات تواصلت ليل أمس لتذليل بعض الاعتراضات من وزراء في الأكثرية على تعيين اللقيس للشؤون السياسية، خصوصاً من قبل تيار «المستقبل» وبعض حلفائه ممن كانوا أبدوا في السابق تحفظاً عن تعيينه. وأكدت المصادر أن هناك صعوبة أمام تعيين الهبر وياسين محافظين لبيروت وجبل لبنان في حال لم تؤد الاتصالات الى تبديد التحفظ عن تعيين اللقيس للشؤون السياسية، المعارضة ستتعامل مع التعيينات المقترحة على أنها سلة واحدة ولن توافق على الاستنسابية في إقرارها وتأجيل البحث في تعيين اللقيس الى جلسة لاحقة لاستكمال الاتصالات لسحب التحفظ عن تعيينه. وكانت أوساط مطلعة قالت إن سليمان سيطرح التعيينات لتجنب أي ثغرة في العملية الانتخابية وسيرمي هذا الملف في وجه جميع الفرقاء لوضعهم عند مسؤولياتهم. ولم تستبعد المصادر نفسها احتمال مبادرة رئيس الجمهورية الى طرح مسألة استكمال تعيين الأعضاء الخمسة في المجلس الدستوري ليصار الى إعادة تشكيله بما يمكنه من النظر في الطعون التي يتوقع أن يتقدم بها عدد من المرشحين الخاسرين في الانتخابات النيابية. ولفتت الى أن حسم اسم المرشح لرئاسة المجلس الدستوري يسرّع في تعيين مجلس الوزراء للأعضاء الخمسة الذين هم من حصة الحكومة بعد انتخاب البرلمان الأعضاء الخمسة حصته. مشيرة الى أن الأكثرية تتمسك بتعيين القاضي المتقاعد أنطوان خير الذي كان انتخبه البرلمان عضواً في المجلس الدستوري، رئيساً له في مقابل حرص سليمان على اختيار النقيب السابق لمحامي بيروت ريمون عيد لهذا المنصب علماً أن اسمه وارد في لائحة المرشحين لعضوية المجلس التي سيبحث فيها مجلس الوزراء. ونفت مصادر نيابية مقربة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأخرى وثيقة الصلة برئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري أن يكونا تطرقا في اجتماعهما أمس الى التعيينات في جلسة مجلس الوزراء. وكشفت المصادر أن الانتخابات في الدائرة الثانية من بيروت (الباشورة) كانت من أبرز المواضيع التي نوقشت بينهما، مؤكدة أنهما توافقا على مجموعة من الخطوات في إطار الوصول الى أعلى درجات التنسيق بين تيار «المستقبل» من خلال مرشحه الزميل نهاد المشنوق وحركة «أمل» ومرشحها هاني قبيسي. ودعا الحريري مساء أمس أثناء استقباله الماكينة الانتخابية لتيار «المستقبل» في البقاع الأوسط الى التيقظ والنزول بكثافة الى صناديق الاقتراع مكرراً القول ان الانتخابات مفصلية. وقال: «بأصواتكم تقررون أي لبنان تريدون. هل هو لبنان الذي يمثل طموح كل لبناني ويضمن له حياة كريمة أم لبنان الوصاية وساحة الصراعات والنفوذ للدول المجاورة والإقليمية؟». وأضاف: «لذلك ترون الهجمة كبيرة على تيار المستقبل وحلفائه، ولكن أطمئنكم الى أننا كما صمدنا خلا السنوات الأربع الماضية».