اختار الموفد الدولي الى الصحراء الديبلوماسي كريستوفر روس معاودة الانطلاق من مدريد لاختبار حظوظ عقد لقاء ثالث غير رسمي في شأن الصحراء. وقالت المصادر إن الاختيار له دلالاته قبل انتهاء رئاسة اسبانيا الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، مشيرة الى أن محادثات السفير الأميركي ووزير الخارجية الإسباني ميغيل انخيل موراتينوس، ركزت على الحصول على دعم أوروبي للمبادرة الجديدة. وربطت بين توقيت الاجتماع وصدور تصريحات عن فرنسا تفيد دعم باريس اقتراح الرباط منح حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية. وقال رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي في اختتام اجتماعات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء فرانسوا فيون، على هامش لقاء رفيع المستوى بين مسؤولي البلدين في باريس إن فرنسا «ما فتئت تؤكد أن اقتراح الحكم الذاتي جدي ويتمتع بصدقية». وألقى باللوم على الجزائر وجبهة «بوليساريو» بسبب جمود موقفهما، مؤكداً أن أكثر من 80 في المئة من المتحدرين من أصول صحراوية اختاروا هويتهم المغربية، فيما تحن نسبة 20 في المئة المتبقية التي تأويها مخيمات تيندوف «الى العودة»، مشيراً الى تزايد نسبة النازحين من تلك المخيمات إذ «لا يكاد يمر أسبوع من دون نزوح ما بين 30 أو 50 شخصاً». الى ذلك، توقعت المصادر بأن تبادر إسبانيا المستعمر السابق للإقليم الى طرح تصورات لتجاوز المأزق الراهن، وبخاصة في ضوء ردود الفعل المتباينة إزاء القرار الأخير لمجلس الأمن الرقم 1920 الذي رحبت به الرباط، فيما هددت «بوليساريو» بالعودة الى حمل السلاح. احتجاجاً على ما اعتبرته تحيز بعض الأطراف ولا سيما فرنسا في دعم الموقف المغربي. وسبق أن أعلنت مدريد أنها ستطرح مبادرة مشتركة الى جانب كل من فرنسا والولايات المتحدة لحض أطراف النزاع على استئناف المفاوضات في أقرب وقت، ولا يبدو أن بعض الخلافات الطارئة التي تنشأ بين الرباطومدريد بسبب الموقف من مستقبل المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، سيؤثر في التوجه الإسباني، لأن مدريد ملتزمة التعبير عن الموقف الجماعي لدول الاتحاد الأوروبي. ويبدو الموفد الدولي روس وكأنه يتبع خطى سلفه بيتر فان فالنوم في القيام بمشاورات محورية مع كل من باريس ومدريد قبل تحديد موعد ومكان المفاوضات المقبلة التي ستكون بدورها غير رسمية، وتتمسك الرباط في غضون ذلك بأن اقتراحه حول الحكم الذاتي هو المرجعية الوحيدة في أية مفاوضات مقبلة، لا سيما أن الجولة الثانية غير الرسمية تميزت بطرح وجهات النظر المتعارضة أصلاً. وناقش الجانب المغربي مع الموفد الدولي أسباب رفضه العودة الى خيارات يعتبر أن الزمن تجاوزها، من قبيل العودة الى خطة الاستفتاء. ويستند في ذلك الى خلاصات الموفد الدولي السابق بيتر فان فالنوم الذي أكد أن استقلال الإقليم الصحراوي خيار «غير واقعي»، في حين ناقش قياديو الجبهة أفكاراً من بينها اختيار صيغة الحكم الذاتي كواحدة من خيارات أخرى يجرى الاستفتاء حولها. وفي هذا السياق، نفذ رعايا مغاربة يطلقون على أنفسهم «ضحايا التهجير الجزائري» اعتصاماً أمس امام القنصلية الجزائرية في مدينة وجدة على الشريط الحدودي المشترك. وقال أعضاء جمعية هؤلاء الضحايا الذين رُحلوا قسرياً من الجزائر عام 1975، إنهم وجهوا رسالة الى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بو تفليقة يتمنون عبرها إنصافهم، من خلال إعادة ممتلكاتهم التي تركوها هناك. كما يطالبون بتمكين الرعايا المغاربة والجزائريين الذين يرتبطون بزيجات مشتركة تبادل الزيارات في ما بينهم. وكانت السلطات الجزائرية رحّلت حوالى 45 ألف مغربي عام 1975، لدى إقدام المغرب على تنظيم المسيرة الخضراء التي مكنته من ضم المحافظات الصحراوية التي كانت واقعة تحت النفوذ الإسباني، واعتبرت حشد 350 ألف مغربي قريباً من حدودهاً «تهديداً لأمن الجزائر».