تجهد الجمعيات المدنية والهيئات الأهلية في لبنان، بالتعاون مع وزارة البيئة ومشروع الأممالمتحدة للتنمية UNDP، لإعادة المساحات الحرجية الخضراء الى جبال لبنان خصوصاً زراعة شجر الأرز الذي يرمز إليه في العلم اللبناني إشارة الى العظمة والخلود والتمّيز. من هنا بذلت جهود لتنشيط السياحة البيئية في لبنان من خلال تعريف المواطنين والسواح بالمحميات الطبيعية مثل جزر النخيل وعمّيق وصور وحرج إهدن وأرز الشوف وغيرها. وخرج بعض الجمعيات بفكرة لتشجيع الناس على تشجير الجبال اللبنانية، فأطلق منذ سنوات مشروع تسمية شجرة باسم كلّ مواطن او سائح يرغب في تخليد اسمه في جبل الباروك الواقع ضمن محمية أرز الشوف (جبل لبنان). ولاقت التجربة نجاحاً منقطع النظير لا بد من أن يعممّ على جميع المناطق اللبنانية. خلال الحقبة الرومانية كان الإمبراطور هادريان يعاقب كلّ من يقطع شجرة في لبنان بالسجن ويفرض عليه إعادة زرع أخرى وذلك حفاظاً على الثروة الحرجية في بلاد الأرز. ويبدو أن هذا الروماني «المحتل» كان ضنيناً بطبيعة لبنان الخضراء أكثر من المسؤولين ومعظم المواطنين اللبنانيين الذين ساهموا بقصد أو بغير قصد في القضاء على ثروة لبنان الحرجية الخضراء. ومنذ عقد ونيّف باشرت محمية أرز الباروك مشروعاً رائداً ومميّزاً بالتعاون الوثيق مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية، وبإدارة شركة «غابة الأرز الخالد»، يتجلى بتخصيص شجرة أرز في المحمية لكلّ لبناني. ويعتبرالعميد المتقاعد بطرس نخلة، مسؤول «غابة الأرز الخالد» ومن عائلة عريقة في الباروك، «ان هذه الفكرة من شأنها إعادة تشجير جبل الباروك وإعادة الإعتبار لأرزاته المعمّرة وهي الأكبر في لبنان. ويأتي المشروع ضمن خطة ذكية لإعادة تشجير جبال لبنان بحيث يستطيع أي شخص تخليد اسمه على أرزة يزرعها داخل المحمية وتحمل اسمه على لوح معدني بجانب الأرزة فضلاً عن بطاقة انتماء كعضو في المحمية تخوّله زيارة المحمية ساعة يشاء من دون رسم دخول لمتابعة أرزته ومراقبة نموها، كما يمنح شهادة ممهورة بختمي ال UNDP وشركة غابة الأرز الخالد مع رقم الأرزة التسلسلي». نجحت الفكرة نجاحاً مضطرداً بحيث يزداد عدد الأرزات - الذي ناهز الخمسة آلاف - كلّ عام، وهي موزعة على ثلاث تلال رئيسة زرعت فيها شجيرات يانعة تروى بواسطة خزانات مياه. وعملت إدارة المحمية على إنشاء بحيرة اصطناعية ضخمة تستوعب مياه الأمطار التي تسحب لاحقاً الى تلك الخزانات فوق كلّ تلة بإشراف المسؤول في المحمية أكرم محمود . وتقوم وفود سياحية لبنانية وعربية وعالمية بزيارة المحمية للتعرّف إلى ميزاتها البيئية المهمة من أشجار ونباتات وحيوانات وحشرات برفقة أدلاء ومندوبين محليين. وبين الأرزات الباسقات الشامخات، والتي ترقى الى آلاف السنين وعلى امتداد وهاد صلبة وجبال شامخة تكشف روعة المشهد، ترتفع تلة عالية تحمل اسم «غابة شهداء الجيش اللبناني» في حرب تموز 2006 ومعركة نهر البارد 2007 وتمتد على رباها شجرات أرز باسم الشهداء والضباط والأفراد تتصدّرها لوحة تحمل اسم الشهيد الركن اللواء فرنسوا الحاج. وإلى ذلك يأنس زائر المحمية بمشاهدة شجرات أرز باسم سياسيين وفنانين وإعلاميين أمثال النائب الراحل جبران تويني ودريد لحام ووديع الصافي وصباح وجورج قرداحي ونوال الزغبي ونانسي عجرم وهيفاء وهبي ونجوى كرم وعاصي الحلاني وراغب علامة وهاني شاكر وغسان الرحباني وغيرهم. أما تكلفة زرع الشجرة لمن يرغب في تخليد اسمه أو اسم من يحب، فتتراوح بين 100 و150 دولاراً.