العبارة التي لطالما رددها الآباء على مسامع أبنائهم «زماننا غير زمانكم» سيقتبسها الخريجون القدامى من الجامعات السورية ليرددوها على مسامع الطلاب الجدد الذين سيدرسون في الجامعات نفسها لكن وفق صيغة «معدلة». فنظام التعليم العالي في سورية طرأ عليه تحول جديد بعد أن أصدر الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم (245) للعام 2010 القاضي بإجراء تعديل على اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات بإضافة «النظام الفصلي المعدل ونظام الساعات المعتمدة لأنظمة التدريس في الجامعات الحكومية». وبحسب معاون وزير التعليم العالي لشؤون الطالب د. علي أبو زيد في لقاء خاص مع «الحياة»، فإن «النظام الفصلي المعدل يقوم على أساس إجراء ثلاث دورات امتحانية في العام، اذ يتقدم الطالب في الفصل الأول بمقررات الفصل الأول فقط وإلى الفصل الثاني بمقررات الفصل الثاني وفي الدورة الصيفية يتقدم بالمقررات المحمولة من الفصلين شريطة ألا تزيد على ثمانية مقررات». وأوضح أبو زيد أن «هذا النظام يقلل الفترة المحددة للامتحانات مما يمكن معه الاستفادة من جميع أيام الفصل الدراسي للتعليم لتكون الحصيلة العلمية لدى الطالب أكبر مما كانت عليه سابقاً، في هذه الحالة سيركز الطالب جهوده على مقررات الفصل نفسه مما يساعده على استيعاب المادة العملية وعلى النجاح والتفوق، أما نظام الساعات المعتمدة فيقوم على إعطاء كل اختصاص عدد محدد من الساعات في كل فصل بحيث يكون هناك حد أدنى وحد أعلى لهذه الساعات مع إقامة فصل دراسي مكثف في الصيف وهذا يعني أن الطالب المجد يمكنه أن يختصر من مدة بقائه في الجامعة نصف عام تقريباً». ويعتقد أبو زيد أن هذين النظامين الدراسيين لهما انعكسات ايجابية في جوانب كثيرة من الحياة الدراسية. ويشرح «على مستوى حاجات سوق العمل سترفد الجامعات السوق بكوادر علمية أكثر تمكناً في الاختصاصات المطلوبة كما أنهما سيسهمان في تقليل مدة مكوث الطالب في الجامعة مما يزيد من انتاجيته واستثمار طاقاته في وقت مبكر، ويقلل الأعباء المادية التي تنفقها الدولة على الطالب، وهذا يتيح بالنتيجة فرص تعلم جامعية جديدة». ويبدو أن قرار تعديل نظام الجامعات هذا، والذي يفسح المجال أيضاً أمام الطالب لأخذ مقررات متنوعة وثقافية إضافة إلى اختصاصه الرئيسي، لاقى قبولاً لدى شريحة كبيرة من الطلاب. وفي استطلاع للآراء أجرته «الحياة» على عينة من طلاب جامعة دمشق شملت عشرين طالباً من كليات الاقتصاد والتربية والهندسة والطب البشري، ظهر أن 50 في المئة من الطلاب يرون أن هذه التعديلات ستنعكس في شكل إيجابي على نظام التعليم العالي في سورية بطريقة تضمن التزام الطالب بجدية متابعة الدراسة أكثر. من هؤلاء الطلبة شيرين العلي، طالبة في كلية الطب تصف القرار بأنه جيد وتقول: «هذه التعديلات مفيدة لأنها ستعطي الطالب الفرصة للتقدم إلى ثلاث دورات امتحانية بدلاً من اثنتين في السنة الدراسية الواحدة، مما سيخفف من الضغط النفسي الناتج عن شبح الرسوب الكامل وخسارة عام دراسي وهذا يدفعنا إلى تركيز جهودنا على التعلم أكثر من تركيزنا على معدل النجاح». وتقدم التعديلات الجديدة في قانون الجامعات «طوق نجاة» لطلاب السنة الأخيرة الذين استنفذوا فرص النجاح وبالتالي لم يعد بإمكانهم الإبقاء على تسجيلهم في الجامعة، إذ تعطيهم الفرصة للتقدم مباشرة إلى خمس دورات امتحانية تلي الفصل الذي استنفذوا فيه فرص النجاح فيما كان في السابق يسمح لهم بالتقدم إلى أربع دورات امتحانية فقط. لكن في المقابل تحمل هذه التعديلات أنظمة صارمة تخص الدوام والجانب العملي في الكليات. فبموجب المرسوم الجديد سيصبح الدوام إلزامياً بنسبة لا تقل عن 85 في المئة من الساعات المحددة لكل مقرر دراسي، كما أنه لن يحق للطالب الاحتفاظ بعلامة أعمال السنة عند رسوبه في المقرر، وهو الأمر الذي أثار استياء بعض الطلاب، فنسبة 30 في المئة من الطلاب الذين تم استطلاع رأيهم قالوا ان التعديلات الجديدة في قانون الجامعات ستزيد من أعباء الدراسة وتعقيداتها. من هؤلاء الشاب براء الحلبي، طالب في السنة الثالثة في كلية الاقتصاد في قسم المصارف والتأمين، يقول: «إن مطالبتنا بنسبة دوام تصل إلى 85 في المئة أمر في غاية الصعوبة وعلى الأخص بالنسبة لطلاب يدرسون في كليات مثل كلية الاقتصاد أو الآداب أو الحقوق التي يبلغ عدد الطلاب في الدفعة الواحدة آلافاً عدة». ويشاركه الرأي زميله محمد بدير الذي يتمنى «أن يتم التعامل مع هذه التعديلات وفق ما يناسب نوعية الدراسة وعدد الطلاب في الكليات». يشار إلى أن وزارة التعليم العالي ستبدأ بتطبيق النظام الجديد على جامعاتها منذ بداية العام الدراسي 2010-2011، في ظل حديث عن أن وزارة التربية قد تحاكي هذا التغيير بقرارات جديدة من شأنها أن تطور نظام الامتحانات والمناهج الدراسية في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي.