اتهمت وزارة الداخلية اليمنية أمس المتمردين الحوثيين بقتل ثلاثة مواطنين في تفجير منزل لزعيم قبلي موالٍ للحكومة في مديرية حرف سفيان في محافظة عمران شمال غربي اليمن، في وقت عادت أجواء التوتر مجدداً إلى محافظتي صعدة وعمران المتجاورتين، إثر اشتباكات متفرقة شهدتهما خلال الأيام الماضية بين الجيش ومسلحين حوثيين، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، على رغم الإعلان قبل أيام قليلة عن اتفاق هدنة جديد بينهما. وقال مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية «إن عناصر حوثية فجرت منزلاً قديماً يقع في منطقة مقام عزيز بمديرية حرف سفيان يملكه الشيخ صغير عزيز ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص كانوا داخله تابعين للشيخ الذي وقف في صف الحكومة أثناء حرب فتنة التمرد الحوثية الأخيرة». ووصفت الوزارة التفجير بأنه «عمل تخريبي»، لافتة إلى أن «الأجهزة الأمنية في مديرية حرف سفيان فتحت تحقيقاً في الجريمة لكشف هوية الجناة من العناصر الحوثية المتورطة بارتكابها وإلقاء القبض عليهم لتقديمهم للقضاء». وتتكرر الحوادث المسلحة بين المتمردين الحوثيين وقبائل محلية موالية للسلطات اليمنية في شمال اليمن منذ إعلان وقف لإطلاق النار في 12 شباط (فبراير) بعد حرب استمرت ستة أشهر بين الجيش والمتمردين. وقالت ل»الحياة» مصادر متطابقة في صعدة وحرف سفيان بأن مسلحي جماعة الحوثي شنوا هجمات متفرقة خلال الأسابيع الأخيرة ضد رجال القبائل الذين يتهمونهم بموالاة السلطة، كما بدأوا إعادة ترتيب صفوفهم مجدداً وشراء أسلحة وذخيرة والقيام بحفر خنادق ونشر نقاط تفتيش على الطرق العامة، استعداداً لمواجهات محتملة مع السلطة، على ما يبدو. وأكدت المصادر ذاتها بأن الحوثيين أحكموا سيطرتهم على الطريق الرابط بين صعدة وحرف سفيان لإعاقة أي تعزيزات عسكرية، وأقاموا نقاط تفتيش في محافظة صعدة باستثناء مركزها مدينة صعدة. وكانت مصادر محلية في محافظة صعدة أفادت بأن مواجهات مسلحة جرت قبل يومين بين القوات الحكومية والمتمردين، أسفرت عن مقتل أربعة حوثيين في مقدمهم القيادي أبو حمزة ناصر خطاب وضيف الله سلمان، وذلك بعد استهداف منزل لأحد الشخصيات الاجتماعية في صعدة يدعي بن عبد العزيز. وفي مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران القريبة من صعدة يسود توتر أمني خطير منذ أسابيع، على خلفية وقوع عمليات اغتيال وكمائن نفذها مسلحون قبليون، يعتقد أنهم من جماعة الحوثي، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى بينهم مسؤولون محليون وقيادات أمنية. وفي 22 حزيران (يونيو)، قتل ضابط في الجيش اليمني وأصيب ثلاثة جنود في حرف سفيان في كمين مسلح نسبه مسؤول في الأجهزة الأمنية إلى المتمردين الحوثيين، الذين نفوا ذلك. وكان المسلحون الحوثيون، صعدوا هجماتهم ضد مسؤولين محليين وأمنيين وزعماء قبائل موالين للسلطة، على إثر الإعلان عن تشكيل تحالف قبلي بمحافظة صعدة لمواجهة خروقات جماعة الحوثي التي لم تتوقف من إعلان وقف الحرب. وأكد المتمردون الحوثيون، في بيان وزعوه عبر الإنترنت الخميس الماضي، رفضهم للتحالف القبلي الذي أعلن في محافظة صعدة لصد هجماتهم ضد السكان المحليين، ووصف البيان منتسبي ذلك التحالف الموالي للدولة بأنهم «عملاء»، وأضاف بأنهم «اجتمعوا بالموساد الإسرائيلي في مصر». واتهم الناطق باسم الحوثي محمد عبد السلام، في تصريحات صحافية، أطرافاً في السلطة والجيش لم يسمها بالسعي إلى تفجير الوضع في المنطقة، مشيراً إلى تعرض الحوثيين على مدى شهر إلى تسعة كمائن سقط فيها 15 قتيلاً وجريحاً. وهدد بأنه «من الآن فصاعداً سنواجه بحسم أي خرق أو اعتداء علينا». لكن مصادر محلية وقبلية أكدت ل»الحياة» بأن «الحوثيين هم من قاموا بقطع الطريق العام وإقامة نقاط تفتيش على الطرق بحثاً عمن يصفونهم ب»العملاء» (المتعاونين مع الدولة في مواجهة تمردهم)»، وذكرت تلك المصادر بأن الحوثيين «مستمرون في انتهاكاتهم ضد المواطنين وممتلكاتهم، وقاموا باحتلال منازل المواطنين بالقوة وقتل مخالفيهم». وتأتي هذه التطورات في وقت كانت جهات حكومية كشفت عن اتفاق جديد أبرم مع المسلحين الحوثيين لتثبيت قرار وقف النار، قاده نائب رئيس الوزراء اليمني لشؤون الدفاع والأمن اللواء رشاد العليمي أثناء زيارة له إلى محافظة صعدة قبل نحو أسبوعين. من جهة ثانية، أرجأت المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة في صنعاء أمس محاكمة رجلين متهمين بالانتماء لتنظيم القاعدة وقتل ثمانية عسكريين ومدني واحد في مواجهات متفرقة، طبقاً لمصدر قضائي يمني، مشيراً إلى أن المحكمة أجلت الجلسة إلى أجل غير مسمى، بعدما كان مقرراً عقدها أمس «للمرافعات الختامية للمتهمين منصور صالح سالم دليل ومبارك علي هادي مبارك الشبواني»، اللذين وجهت إليهما تهمة «الاشتراك في عصابة مسلحة للقيام بأفعال إجرامية استهدفت القيادات العسكرية والأمنية ووحدات من أفراد وضباط القوات المسلحة والأمن»، وقد أنكر المتهمان اللذان اعتقلا في كانون الأول/ديسمبر الماضي التهم المنسوبة إليهما. إلى ذلك، كشف مصدر أمني في محافظة أبين (جنوب اليمن) عن اعتقال أربعة أشخاص مشتبه بتورطهم في اغتيال المقدم في جهاز الأمن السياسي «الاستخبارات» صالح أمذيب الخميس الماضي، مشيراً إلى أن من بين المقبوض عليهم شخصان يشتبه بانتمائهما إلى تنظيم القاعدة. وكان مسلحون ملثمون على متن دراجة نارية أطلقوا النار على الضابط في الاستخبارات صالح امذيب الخميس الماضي، بينما كان مسترخياً خارج منزله، ليصبح ثاني ضابط أمن يقتل بالرصاص في محافظة أبين بجنوب اليمن خلال أقل من شهر، في حين تشير المعلومات إلى أن الضابط امذيب كان شارك في معارك الحكومة ضد عناصر القاعدة وفي صراع آخر أيضاً مع انفصاليين مسلحين في جنوب البلاد.