في 11 أيار (مايو) الماضي اعتقلت قوى الامن الكويتي الكاتب السياسي المعارض محمد عبدالقادر الجاسم بعد شكوى قدمها وزير الديوان الاميري بأن الجاسم اساء في مقالات نشرها الى مقام أمير البلاد، ونفى الجاسم امام النيابة العامة صحة هذه التهمة لكنها أمرت بحبسه احتياطياً، ثم جددت محكمة الجنايات هذا الحبس الاحتياطي في سابقة قضائية كويتية بالنسبة الى كاتب صحافي. بقاء الجاسم لاكثر من سبعة اسابيع حبيساً من دون حكم قضائي اثار احتجاجات محلية ودولية ونظم نواب في مجلس الامة (البرلمان) ونشطاء اعتصامات نددت باستمرار احتجازه وبما أشيع عن معاملة سيئة متعمدة ضده في السجن. وفي آخر جلساتها الاثنين الماضي أمرت محكمة الجنايات بالإفراج عنه بكفالة مالية على ان تستأنف محاكمته في ايلول (سبتمبر) المقبل. وفي حوار مع «الحياة» أمس قال الجاسم ان التهم الموجة ضده «مختلقة ولا تقوم على أساس» وأن دوافعها سياسية، وأعرب عن أسفه لكون جهات حاولت تصوير قضيته على انها «مواجهة بينه وبين الاسرة الحاكمة» ما جعل الاجراءات ضده تتم «وفق منظور ما قبل العمل بدستور البلاد» الذي وضع عام 1962. ويرى الجاسم ان «الاطراف المحسوبة على ايران» داخل الكويت لعبت دوراً مهماً في تحريك الدعاوى القضائية ضده، واعرب عن خوفه «على حكم الاسرة الذي بدأ يتضرر من بعض الممارسات السلطوية قصيرة النظر» على حد قوله. وفي ما يلي نص المقابلة: - وجهت اليك تهم خطيرة مثل «المساس بالذات الاميرية» و «التعدي على سلطات الأمير» و «التآمر للاطاحة بالنظام»، فما موقفك من ذلك؟ الجاسم: هذه كلها تهم مختلقة سبق ان وجهتها لي النيابة بالتفاصيل نفسها بطلب من وزارة الداخلية العام 2003، وانتهت جميعا الى لا شيء، بعدما أبقت النيابة القضية لديها سبعة شهور اضطرت بعدها الى تحويلها الى تهمة «سب وقذف»، ثم حين عرضت على المحكمة قضت بعدم قبول القضية نهائيا ولم يتم استئناف ذلك الحكم وانتهت الزوبعة. والتهم الذي احتجزت بسببها أخيرا هي تكرار للتهم القديمة ذاتها غير ان النيابة اضافت في البداية ايضا تهمة «التحريض على قلب نظام الحكم»، ثم تراجعت عن هذا الاتهام. وكلها اتهامات باطلة لا تتوافق مع الواقع، لكن الطابع السياسي للقضية دفع النيابة الى تحريك هذه الاتهامات. - انت اول كاتب كويتي يسجن 48 يوما من دون حكم قضائي، فلماذا هذا التشدد معك؟ الجاسم: للأسف تم التعامل مع قضيتي كأنها قضية بين اسرة آل الصباح (الحاكمة) وبين أحد افراد الشعب، وطريقة التعاطي هذه أجبرت - بشكل أو بآخر - المؤسسات التي كانت طرفاً في القضية على الانحياز الى الاسرة. صحيح ان هناك نيابة عامة وقضاء ولكن في حالتي تم اختزال قضيتي بأنها بين محمد الجاسم وبين اسرة الصباح وفق منظور مرحلة ما قبل الدستور. - وهل انت متفائل بالمسار الذي ستمضي اليه القضية؟ * من الناحية القانونية القضية لا تحتاج سوى الى مرافعة في جلسة واحدة لتنتهي بالبراءة، وهناك جملة اخطاء إجرائية تبطل القضية نهائيا وهناك مخالفات في تشكيل المحكمة وكل هذا يجعلني أتفاءل. - هل ترى ان الجمهور الكويتي تابع قضيتك باهتمام ام انه كان غير متعاطف أو غير مبال؟ * هناك قياس مهم للتفاعل (الشعبي) وهو الاستمرارية، فالاعداد التي شاركت في الاجتماعات الشعبية كانت مع الاخذ في الاعتبار الطقس الحار في صيف الكويت ووجود دعاية مضادة من السلطة وفي ظل تصوير القضية على انها مسألة شخصية بين محمد الجاسم وبين قيادة النظام فان عدد الافراد واستمرارية تلك التجمعات بدون شك كان اكثر من المتوقع وعلامة على حيوية الشعب الكويتي، هذا على رغم انني لست شخصية جماهيرية ولا املك خطابا شعبيا. - هناك جهات اميركية مهمة مثل الكونغرس الاميركي والسفارة الامريكية في الكويت تدخلت للافراج عنك، كذلك نشرت صحيفة «واشنطن بوست» العريقة مقالا افتتاحيا تنتقد فيه احتجازك، ما سر هذا الاهتمام الاميركي؟ * لا أظن انه كان اهتماما بشخصي على عكس ما روج له البعض بشأن علاقات خاصة، واعتقد ان الموقف الاميركي بشكل عام سواء الرسمي او الشعبي موقف يتفاعل ضد كل مساس بالحريات، ومصداقية الولايات تبقى على المحك خصوصا عندما تحدث خروقات لحقوق الانسان في دول حليفة للولايات المتحدة؟ - برز في كتاباتك في الآونة الأخيرة تحذيرك من تغلغل النفوذ الايراني في الكويت، وتكلمت عن شخصيات معينة في المجال الاقتصادي تخدم هذا التغلغل، هل ترى ان فتحك هذا الملف ساهم في التشدد السياسي ضدك؟ * بلا شك، بل كان هو المحرك الاساسي للدعاوى (القضائية) التي بدأها رئيس الوزراء اساسا، فبعد اسبوع او اسبوعين على مقالي المعنون «كوهين الكويت» الذي كان اول مقال كتبته في موضوع النفوذ والتغلغل الايرانيين في الكويت ونشر في 19 ايلول (سبتمبر) 2009، انهالت علي الدعاوى، وحتى نهاية تلك السنة وصلت القضايا المرفوعة ضدي الى عشر. بالفعل مقال «كوهين الكويت» هو من اطلق الدعاوى ضدي. الاطراف المحسوبة على ايران مارست دورها ضدي في التحريض وتشويه السمعة واعتقد انه حتى الاستخبارات الايرانية دخلت على هذا الخط.