اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن جهود الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للتوصل إلى الاتفاق الثلاثي مع إيران إزاء ملفها النووي، «نقلت الدور البرازيلي إلى مستوى جديد» عالمياً. وشدد على أن الحكومة الاسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتانياهو «حكومة متطرفة ولا يمكن اعتبارها شريكاً للسلام». وكان الأسد يتحدث عشية وصوله وعقيلته السيدة أسماء إلى برازيليا، ثالث محطات الجولة الأولى لرئيس سوري التي تشمل 4 من دول أميركا اللاتينية، بعد مغادرته هافانا مساء أول من أمس حيث التقى الرئيس راؤول كاسترو. وجرت للرئيس السوري في مقر وزارة الخارجية البرازيلية (القصر الرئاسي قيد الترميم) مراسم استقبال رسمية بمشاركة نظيره البرازيلي لولا دا سيلفا قبل توقيع عدد من الاتفاقات لتعزيز التعاون الاقتصادي في عدد من المجالات. وتبادل الرئيسان خطابين على مأدبة غداء رسمية، قبل زيارة الرئيس السوري مقري مجلسي الشيوخ والنواب، وتوجهه مساء إلى مدينة ساو باولو للقاء كبار ممثلي الجالية السورية في «نادي حمص». وقال الأسد في تصريحات لوسائل إعلام برازيلية: «في الماضي كنا ننظر إلى البرازيل كبلد صديق وكنا نعتبره جزءاً من أميركا الجنوبية. وفي السنوات الثماني الأخيرة بدأنا ننظر إلى البرازيل كقوة ناشئة على صعيد المشهد الدولي. ومن وجهة نظري، فإن جهود البرازيل المشتركة مع تركيا على صعيد المسألة النووية الإيرانية نقلت الدور البرازيلي إلى مستوى جديد. لهذا نتطلع بأمل إلى الدور البرازيلي بما يمكنه من العمل على استقرار الشرق الأوسط». وسُئل عن احتمالات الحرب في المنطقة، فقال إن «الخطر موجود دوماً في غياب السلام. ووجود حكومة إسرائيلية تعمل ضد توجهات السلام يعني احتمالاً أكبر لقيام حرب في المنطقة، خصوصاً أن هذه الحكومة الاسرائيلية تعمل فقط على تهديد الآخرين. لهذا نعتقد أن نسبة هذا الخطر عالية جداً. ليست لدينا دلائل واضحة لأن لا أحد يعلم تماماً إن كانت هناك حرب أم لا. وبوجود هذه الحكومة الاسرائيلية لا يمكننا توقع إن كانت الحرب واردة بنسبة 60 في المئة أو 10 في المئة لإنه حتى لو كانت هذه النسبة واحداً في المئة، فهي بالتالي تعني الحرب ومن الممكن أن تتحول الى مئة في المئة». وأضاف: «لذلك علينا العمل كما لو أن هذه الحرب ستقوم فعلاً، لأننا نفتقد وجود شريك السلام، وهذه هي المشكلة، الحكومة الاسرائيلية الحالية حكومة متطرفة ولا يمكن اعتبارها شريكاً للسلام. وعلينا أن نقلق إزاء أفعالها، مثلما فعلت بالأتراك حين هاجمت القافلة المتوجهة إلى غزة. وهذا يشير إلى أن حكومة اسرائيل تتحرك بإتجاه الحرب وليس السلام». واعتبر مزاعم إسرائيل عن نقل أسلحة إلى «حزب الله» أخيراً محاولات ل «تحويل الانتباه عن مشاكلها، خصوصاً في غزة. لقد تحدثوا (الإسرائيليون) عن قضية الصواريخ، ومثل هذا الحديث جرى قبل سنوات. لكن في كل مرة كانوا يغيرون تسمية الأسلحة، ودوماً يضيفون عليها أمراً جديداً، كما لو أنها قضية سلعة جديدة في الاسواق». ورداً على سؤال آخر، قال إن الرئيس الأميركي باراك أوباما «يوفد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري إلى دمشق ويعين سفيراً له في دمشق من جهة، ومن جهة أخرى يبقي العقوبات الاقتصادية على سورية». وأضاف أن «سورية لا يمكن لها ان تشعر بوجود موقف مختلف مع هذه الإدارة الأميركية، إذ أنهم لا يحاولون فرض الإملاءات كما كان سابقاً في منطقة الشرق الأوسط، وهذا أمر مهم. لكن حتى الآن، ليس هناك أي شيء تخطى الحوار». وأشار إلى أنه «كان لدينا بعض الخطوات الملموسة ومنها تعيين سفير لهم ورفع الفيتو عن انضمام سورية إلى منظمة التجارة العالمية. نحن في بداية علاقة ولا أعرف إلى أين يمكن لنا أن نصل مع الإدارة الحالية، لإنها لا تقتصر على أوباما وحده، إنما هناك مؤسسات أخرى مثل الكونغرس الذي صادق على قانون العقوبات ضد سورية، ولا نعرف ما الذي يمكن لإوباما أن يفعله مع هذا القانون. يمكننا قول القليل عما يحدث، وسنحتاج إلى وقت أطول للقول بوجود علاقات طبيعية بين البلدين، خصوصاً في وجود كونغرس لا يساعد الرئيس أوباما. وكما قلت إن السناتور جون كيري جاء إلى دمشق وتحادثنا معه في شأن السلام والعلاقات الثنائية، لكننا ما زلنا نتحرك ببطء شديد». وكان الأسد وعقيلته اختتما زيارتهما هافانا بزيارة «مركز الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية»، حيث قدم القيمون عرضاً للأبحاث المتقدمة التي يجريها المركز في مجال الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية وآخر النتائج والتطبيقات التي توصل إليها، إضافة إلى إمكانات التعاون بين المركز والجهات المختصة في سورية. ورأى الأسد أن «المعركة الحقيقية في العالم عموماً هي ذات طابع معرفي بين من يمتلك المعرفة ومن لا يمتلكها»، لافتاً إلى أن «النجاح الحقيقي هو عندما نتمكن من تحقيق التطور العلمي ونقل المعرفة إلى الخارج». ولفت الى «الظروف المتشابهة التي عاشتها سورية وكوبا على مدى عقود وقدرتهما على الصمود ومواجهة هذه الظروف والفخر بما تحقق من إنجازات خلال المرحلة الماضية... ومن لم ينتم إلى ماضيه لا يمكن أن يكون له مستقبل». وقالت المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان ل «الحياة» إن العلاقات السياسية بين سورية والبرازيل «ممتازة، لكن العلاقات الاقتصادية لم ترتق إلى المستوى المطلوب»، مؤكدة «أهمية وضع آليات لضمان الانتقال إلى واقع افضل». وأشارت إلى أن بلادها تعمل على الانضمام إلى تجمع «ميركيسور»، وهي كتلة إقليمية تضم عدداً من دول أميركا اللاتينية بينها البرازيل والأرجنتين. ووقع الجانبان خمسة اتفاقات للتعاون في مجالات تبادل المحكومين والعدل والتعاون الزراعي والفني والصحي. وأكدت شعبان أنه «ستكون هناك متابعة حثيثة لتنفيذ هذه الاتفاقات». وأعربت عن اعتقادها بأن «الخطوات العملية لتطوير العلاقات بين سورية ودول أميركا اللاتينية بدأت الآن» بعد جولة الاسد التي بدأت في فنزويلا وتنتهي في الارجنتين السبت المقبل. وقال داسيلفا في مقابلة مع صحيفة «الوطن» السورية تُنشر اليوم، إن مجلس الأمن بتركيبته الحالية «لا يمثل الوضع الجيوسياسي في العالم». ورأى أنه «يمثل ما كنا عليه العام 1948. أما اليوم، فقرارات الأممالمتحدة لا تنفذ والمجلس في حاجة إلى إصلاح لتتمثل فيه الدول الافريقية وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط»، مؤكداً ضرورة أن يكون مجلس الأمن «ممثلاً للعالم بوضعه الحالي». ورأى أن على المجلس «ضمان إقامة دولة فلسطينية، وهو المسؤول عن تأسيس الدولة»، لافتاً إلى أن عملية السلام في الشرق الأوسط «في حاجة إلى وسطاء موثوقين من كل الأطراف... وأتساءل من يمثل حزب الله وحماس في عملية السلام؟ فهما طرفان اساسيان في أي عملية سلام مقبلة». وأكد أن سورية «تلعب دوراً أساسياً في الشرق الأوسط من خلال موقعها وعلاقاتها».