يسود القلق الأوساط المصرفية العراقية نتيجة الإحباط الذي أصاب عدداً من المسؤولين في القطاع نتيجة استمرار الملاحقات القانونية ضدهم من جانب محكمة النزاهة بتهم تتعلق بتعليمات تحويل العملة الأجنبية، ما جعل المصارف الخاصة تتشدد في اتباع السياقات المطلوبة والمتعلقة بالتحويل الخارجي، ما انعكس سلباً على التعاملات المصرفية ذات الصلة. ورأى مسؤولون مصرفيون أن المشاكل التي تعتري نشاط المصارف حالياً تحتاج إلى مزيد من التعاون والمعالجة بين البنك المركزي العراقي والمصارف الخاصة. وحذر رئيس «جمعية المصارف الإسلامية العراقية» صادق الشمري الذي كان ضمن الذين استدعوا أمام القضاء باعتباره المدير المفوض ل«المصرف الوطني الإسلامي»، من أخطار شديدة قد تتعرض لها المصارف الخاصة، التي تعد شرياناً حيوياً يغذي النشاط الاقتصادي بقطاعاته كافة، ما يستوجب اتخاذ تدابير سريعة تضع حداً للضرر الذي أصاب الكثير من المصارف وكبلها بمعوقات شملت إمكاناتها في تنفيذ برامجها التمويلية. وقال أن «اللقاءات المستمرة بين محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق والمصارف الخاصة، أثمرت نتائج إيجابية في ما يتعلق بأهمية معالجة أسباب قلق المصارف الخاصة». وأوضح أن «الأسباب التي أدت إلى تراجع الأداء وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات تجاه الزبائن في بعض المصارف الخاصة تتمثل في عدم متابعة وضع هذه المصارف كما يجب من جانب الجهات المعنية، لا سيما أن سمعة المصارف لا تتوقف عند مساحة العراق بل تمتد إلى المصارف العالمية المراسلة التي باتت ترسم علامات استفهام حول فحوى الملاحقات القانونية التي تتعرض لها المصارف الخاصة». وشدد على ضرورة «تفعيل عمل المحكمة المالية المختصة بالنزاعات والمخالفات بين المصارف والبنك المركزي، كما أن معالجة القلق الذي يسود المصارف الخاصة حالياً يتطلب خطوات لإعادة الثقة للقطاع المصرفي الخاص واسترداد هيبته ومكانته في السوق المحلية والخارجية». ونوه الشمري «بالدول التي تولي اهتماماً باقتصاداتها من خلال رعاية القطاع المصرفي وتحسين بيئة العمل والاستثمار، إذ إن وجود جهاز مصرفي سليم ومعافى دليل على ازدهار البلد»، مشيراً إلى أن «القطاع المصرفي العراقي يمتلك قاعدة عريضة من الموجودات والموارد البشرية المتمرسة، كما أن الإدارات التنفيذية في القطاع بنت خبرتها عبر سنوات من الكفاح المهني، ولكن في المقابل نلمس توجهات ضد الإدارات التنفيذية عبر إلصاق التهم بها وإحالتها إلى القضاء، علماً أن الحوكمة المصرفية وآليات تنفيذها من مسؤولية مجالس الإدارة في هذه المصارف والمؤسسات». ولفت إلى أن «الإدارات التنفيذية جزء من هذه الآليات، ولكن بات اللوم والأحكام تصدر ضدها، كما أن التعليمات الصادرة من البنك المركزي تنص على أن على المصرف إبلاغ البنك المركزي في حال عدم تقديم الزبون ما يثبت تنفيذ الحوالة، وعدم تقديم المستندات التي تؤيد التنفيذ، من ضمنها التصاريح الجمركية، خلال المدة المقررة، ووفق هذه التعليمات يتم استيفاء مبلغ الفرق بين سعر البيع من نافذة بيع العملة الأجنبية من البنك المركزي وسعر السوق في حينه بالدينار العراقي، مع إضافة تكاليف إدارية نسبتها 2 في المئة من المبلغ، ويتم استقطاع المبلغ من حساب المصرف المفتوح لدى البنك المركزي». وأشار الشمري إلى «أهمية توافر نظرة تشخيصية فاعلة لإدارة القطاع المصرفي الحكومي والخاص بالاعتماد على خبرة القائمين على القطاع، واستخلاص الدروس من تجارب الدول التي مرت بالظروف ذاتها التي يمر بها العراق، وصولاً إلى تحقيق هدف الانتقال إلى الاقتصاد الحر، كما أن واجب النهوض بالقطاع المصرفي يتطلب توافر استراتيجية تأخذ في الاعتبار واقع حال تعقيدات الوضع المالي والنقدي في العراق ومعالجة الثغرات التي أفرزتها تطبيقات التشريعات القانونية التي تسهل الانتقال باقتصاد البلاد إلى المناخ المستقر، بما يوفر الفرص لتحقيق التنمية المستدامة». ولفت إلى أن «حاجة المصارف الخاصة الملحة إلى الدعم الذي يحفزها لزيادة حجم خدماتها واستقطاب رؤوس الأموال على نحو يعيد طمأنة أصحابها للاستثمار عند التعامل مع المصارف العراقية وتفعيل المنافسة بين القطاعين العام والخاص عبر المبادرات المتصلة ببرامج الإصلاح والتكيّف مع المستجدات المرتبطة بظروف العراق الاستثنائية لجهة التمويل والإقراض». وحذر من أن «المصارف العراقية الخاصة تمر بمرحلة دقيقة وتداعياتها صعبة على مستقبلها ودورها في النشاط الاقتصادي، ما يتطلب اعتماد سياقات ذات جدوى برسم سياساتها التشغيلية والاستثمارية، وذلك لا يمكن أن يحصل إلا عبر تبديد القلق الذي يسود نشاط المصارف الخاصة التي تتطلع إلى البنك المركزي لاتخاذ ما يراه مناسباً لدعم القطاع المصرفي الخاص ومساعدته على تجاوز نقاط الضعف».