قال لي البائع المصري «إن الوضع عندكم أحسن». كنا نتحدث عن أسعار المواد الغذائية وكيف أنها لم تنخفض على رغم كل ما حصل في العالمين الأول والرابع. هو يعمل في السعودية منذ عقود بحسب ما ذكر، ويعلم أن التاجر في السعودية يحقق مكاسب كبيرة... جداً، أقصد بالتاجر «الهامور» لا صاحب البقالة. ومقولة «الوضع عندكم أحسن» ربما تروق للبعض في محاولة البحث عن النموذج الأكثر حدة للمقارنة به، لكن الإنسان الطموح المتلمس لحد معقول من العدل لن تروق له هذه المقارنة. لن أتحدث عن ضرائب أو شيء من هذا القبيل لعرض الاختلافات بين الأسواق، لكني أرى أننا في السعودية نتجه سريعاً إلى الحالة المصرية اقتصادياً واجتماعياً... مع فارق نسبي وشكلي، بل إننا استنسخنا كثيراً من الحفر التي وقع فيها الإخوة في مصر. انظر إلى شركات «توظيف» الأموال وشركات عقار البيع على المخططات و«التايم شير»، والخصخصة على الطريقة العربية! ومن نافلة القول أن المواطن المصري هنا ضحية مثله مثل المستهلك المواطن وغير المواطن في السعودية، لكن لماذا يرى الأخ المصري «أن الوضع عندنا أحسن» فكرت في الأمر فوجدت أن الحالة المصرية في الاحتكار قديمة عمرها آلاف السنين، أما في حالتنا فما زالت شابة فتية «جوعانة»... أكثر نهماً، الحديث عن قوى السوق، من عرض وطلب والتعذر بها، كلمة حق يراد بها التغطية على وضع احتكاري له سور عال... هدمت ستره للعموم أكياس الرز والأسمنت وأطنان الحديد والخردة. أحد الإخوة سألني لماذا يحرص صناع الأسمنت في السعودية على التصدير بأسعار أقل ولديهم طلب في الداخل بسعر أفضل؟ السبب أن الاتفاق على السعر في الداخل قائم، وما يمكن بيعه بأي سعر في الخارج يعتبر ربحاً وتشغيلاً لخطوط الإنتاج وتنظيفاً للمستودعات، وانظر رعاك الله سرعة استجابة وزارة التجارة لطلبات تجار الأسمنت والحديد في مقابل عدم اهتمامها بقضية استمرار ارتفاع الأسعار على المستهلك، بل عدم اتخاذها أي إجراء. صديقي اشترى حقيبة نسائية من مطار دبي، اشتراها على عجل من دون مفاصلة. في الرياض قرر تغيير لون الحقيبة، والمنتج من شركة لها فرع في الرياض، ذهب لتغيير اللون. الدهشة من فارق السعر المرتفع في الرياض 2000 ريال لا غير. مع أن السوق السعودية أكبر، وأسعار المطارات أعلى، لكنها الحالة السعودية. في خبر ل «عكاظ» أعلنت وزارة التجارة عجزها عن مكافحة الغش، هل يذكر القارئ عن الوزارة عدم عجزها في شيء واحد؟ ما يستدعي النظر في توزيع اختصاصاتها على جهات أخرى، ويمكن ضم ما تبقى منها للغرف التجارية. www.asuwayed.com