قد يكون من باب المصادفة أن تعلن تل أبيب عقب هجوم قواتها على اسطول الحرية، أن أعمال المسح الجيولوجى والتنقيب في المياه الإقليمية الإسرائيلية كشفت عن وجود حقل الغاز «ليفياثان»، وفيه مخزون يصل إلى 450 بليون متر مكعب من الغاز، ما يكفى لتغطية احتياجاتها منه خلال 35 عاماً، ويجعلها - بحسب تقديرات خبراء الطاقة الإسرائيليين - مستقلةً في مجال الطاقة. اللافت أن الاكتشاف جاء في أعقاب تصريحات مسؤولين أتراك أكدت أن أنقرة تناقش إمكان منع نقل الغاز إلى إسرائيل عبر الأراضي التركية بسبب هجوم القوات الاسرائيلية على أسطول الحرية. وفي أعقاب ذلك، وخلال زيارته إلى اسطنبول، وعلى رغم تأكيداته أهمية مشروع «التيار الأزرق - 2»، أعرب رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين عن قناعته بأن إسرائيل قد لا تحتاج إلى الغاز الروسي، ما قد يلغي مشروع خط أنابيب «التيار الأزرق - 2» إلى إسرائيل لأسباب اقتصادية. وكانت شركة «غاز بروم» منذ العام 2006 بدأت درس المشروع، وقررت تشييد خط أنابيب «التيار الأزرق - 2» لتوريد الغاز الروسي إلى وسط أوروبا وجنوبها، وفي شكل أساس تركيا واليونان وإيطاليا. ويشمل المشروع تمديد خط أنابيب من تركيا إلى اسرائيل لإمدادها بالغاز الروسي، وتزويد قبرص ولبنان أيضاً. وأعلنت إسرائيل خلالها عزمها على درس إمكان الحصول على الغاز الروسي، نتيجة ازدياد احتياجاتها للغاز، وبعد تصاعد الاحتجاجات داخل الأوساط السياسية والبرلمانية المصرية على اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي المصري «المدعم» إلى إسرائيل، التي وقعت صيف 2005، وتلتزم القاهرة بموجبها تزويد تل أبيب باحتياجاتها من غاز طبيعي على مدار 20 عاماً، وفق أسعار تفضيلية ثابتة لا تخضع إلى آليات السوق وحركة الأسعار في الأسواق العالمية. وبررت الحكومة الإسرائيلية عام 2007 قرارها بالتعاقد مع روسيا لاستيراد 2 الى 5 بلايين متر مكعب من الغاز الروسى سنوياً، بضرورة تجنب انقطاع إمداد الغاز المصري، الذي يمكن أن يتعرض لهجمات مسلحة تؤدى إلى تدمير خطوط النقل في قاع البحر، وتؤدي الى فقدانها إمداد الطاقة التي تحصل عليها وفق اتفاقات «كامب ديفيد». وأفادت تقديرات رسمية آنذاك، بأن إسرائيل ستحصل على الغاز الروسى عبر خط «التيار الأزرق -2» الذى يبدأ من مدينة جيهان التركية ليصل إلى مدينة «عسقلان»، عبر مدينة «حيفا»، طوله نحو 610 كيلومترات، ما دفع روسيا ربيع العام الماضى، إلى عقد اتفاق مع تركيا على تنفيذ المشروع لتوريد الغاز الروسي إلى إسرائيل. وعقب توقيع الاتفاق الروسي - التركي شكلت مجموعة عمل مشتركة، مهمتها البدء بتنفيذ المشروع. وتضمن التصميم المبدئى لمشروع «التيار الأزرق - 2»، تشييد خط أنابيب موازٍ لخط أنابيب (التيار الأزرق) عبر الأراضي التركية إلى البحر وصولاً إلى إسرائيل. وتحصل تركيا أيضاً على حصتها من الغاز عبره باعتبار أن احتياجاتها ستزداد إلى الغاز الروسي. إلا أن التطورات الأخيرة التى دفعت بالعلاقات التركية – الإسرائيلية نحو الانهيار، لعبت دوراً في إفشال المشروع، ولم يكن أمام موسكو سوى التجاوب مع التوجه التركي -، لأنها تعتبر أن تركيا تشكل حلقة اساسية ومحورية فى مشروعاتها الخاصة بتوريد الغاز إلى أوروبا -، وتحجّم دور مشروع أنبوب الغاز «نابوكو» ونفوذه، الذي تعتزم بلدان أوروبية تنفيذه. ويعتقد خبراء روس أن عدم توريد الغاز إلى إسرائيل يفقد مشروع خط أنابيب الغاز «التيار الأزرق -2» جدواه الاقتصادية، باعتبار أن المشتري الرئيس الذي يستفيد منه، إسرائيل. ويرى فريق آخر أنه حتى لو بقيت اسرائيل من ضمن المستهلكين المستفيدين من خط أنابيب الغاز «التيار الأزرق -2»، فإن المشروع خاسر، وليكون رابحاً، لا بد أولاً من استغلال كامل طاقة ضخ خط «التيار الأزرق» الأول، بطاقة لا تزيد عن 60 في المئة. ويعتقد الخبراء انه مع انخفاض أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، لا بد من أن يؤجل تنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز «التيار الأزرق -2» لمدة 15 سنة على الأقل.