لادراك الخسارة التي منيت بها فرنسا وفريقها في المونديال ربما وجبت العودة الى الوراء للتذكير بانتصارات الفريق الكروي في مونديال 98، والدلالات التي اتخذتها «الأهداف» التي حققها. ما زلنا نتذكر الهذيان الذي أعقب نيل فرنسا لكأس المونديال، ذلك الكأس الذي جعل زين الدين زيدان «أقرب الشخصيات الى قلوب الفرنسيين»، ومكنته من أن يحتل مكانة الراهب بيار الذي كان حتى ذلك الوقت يجسد رمز المقاومة المستميتة ضد الفروق الاجتماعية وأقرب الشخصيات الفرنسية الى القلوب. وقتها إذاً غدا «زيزو» رمزاً لفرنسا المنتصرة، المنتصرة كروياً، ولكن أيضاً سياسياً واجتماعياً. تمكن الفريق الكروي آنئذ من أن يعيد للفرنسيين طعم الانتصار الذي عجزت السياسة لوقت طويل عن أن تحققه - الانتصار ضد الفروق الاجتماعية، بل ضد كل أشكال التمييز. انها فرنسا المتعددة الألوان. وقتها إذاً استطاع الفريق الكروي أن يستبدل خطاب الفشل الذي كانت تكرسه السياسة بخطاب الانتصار. تمكن من أن يحرك لدى الفرنسيين شعوراً بأنهم شعب منفتح على العالم، قادر أن يتصالح مع ماضيه وأن يتفاعل مع حاضره. لقد بدا للفرنسيين وقتئذ أن اللون الأزرق هو اللون الذي تذوب فيه جميع الألوان. هذا بالضبط ما كان يعوَّل على الفريق «الجديد» أن يقوم به خصوصاً بعد الأزمات المتلاحقة التي عرفها العهد الجديد. لا عجب إذاً أن ينظر الى الاستهتار الذي صدر عن اللاعبين أثناء التدريب والأداءات على أنه نوع من الخيانة الوطنية العظمى، وأن يعدّ انسحابه المبكر انهزاماً سياسياً. وإلا كيف نفسر حالة الطوارئ التي أعلنت في الاليزيه، والاستقبال العاجل لهنري من طرف أعلى سلطة في البلاد لمعرفة حقيقة ما جرى، لأن ما جرى فضيحة وفضح للعبة نجحت حتى الآن في إحداث توازن وهمي، وتحقيق «وئام» اجتماعي ومصالحة الوطن مع مستعمراته، ومع ماضيه بل مع حاضره.