تلقيت دعوة كريمة من مدير جامعة تبوك الدكتور عبدالعزيز بن سعود العنزي لحضور معرض جامعة تبوك التعريفي الأول، إذ وصلنا إلى مقر المعرض في مركز الأمير سلطان الحضاري بتبوك، لحضور حفلة افتتاح المعرض برعاية مدير الجامعة وحضور عدد كبير من المهتمين من داخل المنطقة وخارجها، وسرنا ما رأيناه من معروضات وتطور تشهده الجامعة في النواحي كافة وعلى جميع المستويات. أنشئت جامعة تبوك عام 1427ه، بمرسوم ملكي لتكون منارة علم ومعرفة ومركز إشعاع، ليس فقط على مستوى المنطقة، بل على مستوى الوطن، وتخدم أبناءه علمياً وثقافياً ليسهموا في مشاريع التنمية الوطنية المستدامة، التي رسم ملامحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ تضم الجامعة كليات الطب، والهندسة، والعلوم الطبية التطبيقية، والعلوم، والحاسبات وتقنية المعلومات، والتربية والآداب، والمجتمع، والاقتصاد المنزلي، إضافة إلى فروع الجامعة في كل من ضباء وأملج وحقل والوجه وتيماء، وعدد من العمادات المساندة كالقبول والتسجيل وشؤون الطلاب وغيرها من العمادات والإدارات الأخرى، ليصل عدد طلابها خلال العام الدراسي 1430/ 1431ه إلى أكثر من 15 ألف طالب وطالبة. وبعد الافتتاح والتجوال في المعرض الذي يستمر أربعة أيام انطلقنا متوجهين لمقر المدينة الجامعية، التي تبلغ مساحتها تسعة ملايين متر مربع، تنتشر عليها الكثير من الإنشاءات القائمة ككلية الطب والهندسة وإدارة الجامعة، والعمل جارٍ لتهيئة الأماكن الأخرى لإنشاء مدينة جامعية متكاملة شاهدنا مجسمها الرائع الذي سيكون معلماً وتحفة معمارية عند انتهائه إن شاء الله. لم تعنَ جامعة تبوك بالعلوم الطبيعية فقط، بل اهتمت بما من شأنه تنمية ورعاية الإنسان، وتمثل ذلك في تأسيس وحدة علم النفس العيادي بالتعاون مع كلية علم النفس بجامعة جنوب استراليا، التي تقدم خدمات التدريب والعلاج للأفراد والأسر في منطقة تبوك، وتتكون برامجها التعليمية من الماجستير والدبلوم في علم النفس العيادي العملي، هذا إضافة إلى الدورات المتخصصة التي تقدم بمهن المساعدة كافة، والتي يشرف عليها أستاذ علم النفس المشارك واختصاصي العلاج الذهني السلوكي الدكتور فلاح محروت البلعاسي، إذ يمثل هذا البرنامج ركناً أساسياً في جميع دول العالم المتقدمة في الخدمات الصحية والاجتماعية، ويوجد نموذج العالم الممارس الذي يشترط تدريباً عالياً في البحث العلمي وفي العمل العيادي الذي لا تقل كثافة التدريب العيادي فيه عما يتلقاه خريجو البرامج الطبية، وساعد على إرساء معايير الممارسة النفسية العيادية المستندة على الأدلة. اتخذت جامعة تبوك خطوات عملية رائدة لسد الفراغ في الخدمات الصحية النفسية أوجده غياب التدريب النفسي العيادي الخاضع للمعايير العالمية، من خلال إنشاء أول برنامج في علم النفس العيادي العملي في الدول العربية خاضع لمعايير التدريب النفسي العيادي العالمية. وأقرت إدارة الجامعة مشروع إصدار «سلسلة جامعة تبوك للصحة النفسية وعلم النفس العيادي»، إذ تم إصدار «الدليل العملي التدريبي لفنيات المقابلة في مهن المساعدة» كمقدمة لهذه السلسلة. إن تميز جامعة تبوك ينطلق من تميز منطقتها، فالمنطقة تملك الموقع الذي يؤهلها لأن تتفاعل مع الجامعة في استغلال الإمكانات الطبيعية التي تمتلكها كالزراعة والتعدين والجو الرائع والسواحل الجميلة على البحر الأحمر، من خلال مواءمة برامج الجامعة بما يساعد المنطقة على تطوير سبل استغلال إمكاناتها الطبيعية، وخلق فرص عمل تتواءم مع مقدرات المنطقة الزراعية والتعدينية والخدمية، إضافة إلى ما ذكرته في السابق من أن وجود القاعدة العسكرية سيعزز التعاون بين الجامعة والقطاعات العسكرية في تبوك في مجالات البحوث الهندسية، خصوصاً ما يتعلق بتقنية النانو التي بدأت بحوثها في الجامعة. فعلاً ليس ما سمعت به كما رأيت، وهو ما ينطبق على جامعة تبوك التي وبشهادة كل من كان معنا من الزملاء المدعوين، خصوصاً إذا قيس الوقت بمقدار الإنجاز، إذ تعتبر أربع سنوات قصيرة جداً في عمر الجامعات، ولكن من يعرف مدير الجامعة الدكتور عبدالعزيز العنزي وزامله لا يستغرب ما شهده ولمسه من قفزات في البنية التحتية لجامعة تبوك، سواء التعليمية أو الإنشائية. أكاديمي سعودي.