تواصل السجال في لبنان حول إعطاء الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين. واعتبر وزير العمل بطرس حرب أن «أي تشريع جديد يستحق دراسة متأنية تقينا أخطار التوطين»، مؤكداً أن «لبنان لن يعفي المجتمع الدولي من واجباته حيال اللاجئين»، ومبدياً أسفه لأن «تؤدي مناقشة اقتراح قانون الى فرز على أساس طائفي بسبب إعطاء صفة المعجل المكرر لاقتراح قانون يعالج قضية مزمنة، يعود تاريخ وجودها الى ستين سنة إلى الوراء». وشدد حرب في مؤتمر صحافي عقده أمس على ضرورة «وضع حد للتداول بمصطلح «الحقوق المدنية» للاجئين الفلسطينيين لما في هذا المصطلح من منزلق سياسي مرتبط بمفهوم «المواطنة»، التي هي حق للبنانيين فقط». ودعا الى «الشروع في العمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاجئين، إنما ضمن ضوابط الدستور اللبناني وقرارات الشرعية الدولية والعربية الرافضة لأي شكل من أشكال التوطين». وذكّر بأن «لا طاقة للبنان على تحمل أعباء إضافية». وقال: «من الضروري تكريس قاعدة تلازم الحقوق والواجبات في علاقة لبنان الدولة باللاجئين الفلسطينيين، والعكس أيضاً، ما يعني إنهاء الإشكالية السيادية في ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها على حد سواء»، داعياً الفلسطينيين الى «احترام القوانين اللبنانية، وتسليم أسلحتهم إلى الدولة، التي يجب أن تكون مسؤولة عن استقرارهم وأمنهم والدفاع عنهم»، مشدداً على «بلورة خطة ديبلوماسية تقي لبنان مخاطر طرح التوطين». ولفت الى أن «اللاجئين الفلسطينيين يتمتعون، بموجب القرار رقم 1/10 الذي وقعته شخصياً في تاريخ 3 شباط (فبراير) 2010، بحق العمل في أكثر من 70 مهنة. أما إذا كان المقصود منحهم حق العمل في المهن الحرة، فالكل يعلم أن ذلك يتعلق بموافقة نقابات المهن الحرة نفسها، وتعودنا في لبنان عدم تجاوز رأي هذه النقابات، ما يستدعي إطلاق حوار معها حول هذه المطالب». ودعا الى «عدم استثناء اللاجئ الفلسطيني من «إجازة العمل» حماية لصفته القانونية الشخصية، أي هويته الفلسطينية الوطنية، ناهيك بأن إجازة العمل تحمي حقوقه كلاجئ بإلزام صاحب العمل بتنظيم عقد عمل، والتصريح عنه للضمان الاجتماعي ودفع الاشتراكات، وإجراء عقد تأمين إلزامي للعناية الاستشفائية وطوارئ العمل. فإلغاء الإجازة يلحق الضرر به أكثر مما يفيده». ولفت الى أن الوزارة «لا ترى مانعاً من إعفاء اللاجئ العامل الفلسطيني من رسم الإجازة، شرط أن تنحصر الاستفادة من الإعفاء، في اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في قيود مديرية الشؤون السياسية- مصلحة اللاجئين الفلسطينيين في وزارة الداخلية والبلديات وفقاً للأصول». وعن تملك الفلسطينيين، أضاف حرب: «الموضوع الفلسطيني يختلف عن تملك الأجانب الآخرين، في أنه قد يخشى إذا تكاثر أن يتحول من عملية تملك شقة الى عملية تسهيل بقاء الفلسطينيين وتوطينهم بما يسهل مؤامرة القضاء على حق العودة ويمهد لتوطينهم». واستغرب وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون طرح البعض لقضية حقوق الفلسطينيين «بطريقة قد تعتبر استفزازية، فيما هناك إمكان وضرورة وطنية لاتخاذ خطوات بالإجماع». وشدد على «الابتعاد عن المزايدات أو الإيحاء بأن المسيحيين ضد اتخاذ قرارات وخطوات في هذا الشأن، في حين أن هذا الأمر غير صحيح ويجب أن تتخذ هذه الخطوات تدريجاً في أجواء إجماع وارتياح نظراً الى حساسية هذه المسألة لدى الرأي العام»، مؤكداً «أن أي طرح آخر سيكون غير سليم، ويحمل أهدافاً مشبوهة لا تصب في المصلحة الوطنية». ولفت إلى أن «هناك بعض التفاصيل في دراسة هذا الموضوع نظراً الى ضرورة إشراك «الأونروا» في تحمل هذه المسؤولية لأن هناك واجبات تقع على المجتمع العربي والدولي في هذا المجال»، مشدداً على «أن المكان المناسب لاتخاذ هذه القرارات هو مجلس الوزراء».