في الوقت الذي كان العالم يحتفي بالذكرى الأولى لوفاة «ملك البوب» مايكل جاكسون، احتفل آلاف اللبنانيين بتكريس نجومية «ملكهم» ميكا الأميركي - اللبناني، في افتتاح مهرجانات بعلبك ليل الخميس. تأخرّ «عبقري موسيقى البوب» ميكا في الظهور. حناجر الصغار قبل الكبار تناديه. لم يعد لصبرهم حدود. كان الجمهور ينبض حيوية ورقصاً قبل وصول ميكا الى المسرح المزيّن بزهور دوار الشمس. كأنه ينتظر مخلّصاً أو ملاكاً سينقله الى عالم آخر. بعد ساعة و10 دقائق أطلّ ميكا بجسده النحيل بالأبيض والأزرق والرمادي كأنه يأتي في فيلم سينمائي أنتجته «ديزني». علا صوته من بين آلات الموسيقى فأصيب الجمهور بهستيريا حقيقية. ربما تكون هستيريا الفرح والصيف أو ربما هستيريا موسيقى البوب. لكن المهم أن ميكا الذي يجمع بين النغمة الشعبية العالمية التجارية والاستعراض المملوء بالحركة والألوان الجذابة والشخصيات شبه الكرتونية على الخشبة، نجح في استقطاب جمهور جديد الى بعلبك مختلفاً عن جمهور المهرجان منذ 1956. ذلك على رغم أن عمر مسيرته الفنية لم يتعدَ الأربع سنوات. عاد ميكا ابن السابعة والعشرين الى مسقط رأسه حيث ترعرعت عائلة أمه، للمرّة الثانية بعد حفلة أُجريت عام 2008 تردّد كثيراً قبل إحيائها. لكنه هذه المرّة كان مصرّاً على الغناء في بلد لم يعش فيه سوى سنوات قليلة، لأن جمهوره كبر وتوسّع ليشمل ليس فقط المراهقين كما في بلدان العالم كافة، بل كبار السنّ والأطفال والراشدين. أما أن يكون مغني البوب الذي سطعت نجوميته سريعاً في العالم، وتصدّرت أغانيه الشعبية مثل «غريس كيللي» المرتبات الأولى في أوروبا، في بعلبك، فهذا هو التحدّي. فمهرجانات بعلبك المعروفة تاريخياً بتوجّهها الى الكلاسيك والجاز والأوبرا والمسرح، تحدّت نفسها وغامرت في استضافة ميكا بين هياكل القلعة الشامخة. والفنان الحائز نحو خمس جوائز عالمية منذ بدايته في العام 2007، اعترف لدى وصوله الى مطار بيروت الدولي أنه لطالما حلم بالغناء في بعلبك. لكن الجهتين كسبتا الرهان، إذ ترك 3 آلاف مشاهد كراسيهم منذ لحظة ظهور الفنان الملقّب ب «عبقري موسيقى البوب»، وانتهى بهم الأمر على الخشبة بصحبة نجمهم. أما السرّ فليس بصوت ميكا الذي خُلق ليغني البوب، خصوصاً أنه يتمتّع بمقدرة على تغيير طبقات صوته واللعب بها في مساحة واسعة. السرّ يكمن في ذكاء ميكا الذي عرف أن جيل اليوم هو جيل السينما والتلفزيون والثقافة البصرية. لذا اشتغل على البساطة والإبهار. فهو بموسيقاه التي يؤلّفها وصوته الطفولي، أسّس لأسلوب جديد في البوب ربما أقرب الى الانكليزي منه الى الأميركي. واعتمد الكلمات البسيطة النابعة من حياتنا اليومية حول الحب والعائلة والعمل والصبينة. ودعّم كل ذلك باستعراضات من وحي أفلام ديزني وأفلام هوليوود الطفولية وتلك التي تنتمي الى فئة الرعب. فالمسرح معه يصبح عالماً حافلاً بالمفاجآت، إذ يُبدّل ملابسه الملوّنة بين أغنية وأخرى أو يطير من يسار الخشبة الى يمينها. هذا عدا عن عرائسه بالأثواب الخضراء والفوشيا والبيضاء، وألعابه الكبيرة من وحي الطفولة.