صنعاء - رويترز - «وبأجفانه رنا نحوي وصوّب سهامه، واعتنى وصاب قلبي»، كلمات أغنية يمنية شهيرة حول الحب من أول نظرة وبلحن شعري يصلح من دون شكّ للإمتاع في أمسيات صنعاء. الأغنية واحدة من مجموعة تضم أغاني تقليدية، أعلنت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو» في 2003 أنها «تحفة فنية للتراث الإنساني الشفهي وغير المادي». «اتجه اليمن منذ ذلك الحين إلى تسجيل وحفظ التراث الموسيقي لصنعاء، إذ سجّل أكثر من 300 لحن صنعاني مع كلمات الأغاني»، كما يفيد رفيق العكوري من مركز التراث الموسيقي الذي قاد المشروع. وغالباً ما تكون جلسات مضغ القات هي أجواء غناء الشعر التقليدي اليمني والذي يعود إلى القرن الرابع عشر، ويخشى كثيرون أن يندثر مع رغبة قلة من الشباب اليمني في إتقان فن يتطلب جهداً. ويمكن للمستمعين في مثل هذه الجلسات أن يكونوا جمهوراً متفاعلاً، فينشدون مع المغني ويصفقون بإيقاعات معقدة لكنهم في بعض الأحيان يكتفون بالجلوس والاستماع إلى القصص التي تروى بالغناء. والمجتمع اليمني المحافظ بشدة بطيء في الانفتاح على العالم. ويعيش نحو 70 في المئة من اليمنيين البالغ عددهم 23 مليون شخص في الريف الذي يتكون معظمه من سلاسل جبال وعرة وصحراء. وحال انعدام الاستقرار والفساد دون وجود استثمارات أجنبية كبيرة خارج صناعة النفط المتراجعة في اليمن، كما لم تترك العولمة أثراً كبيراً على اليمن الذي يعيش أكثر من 40 في المئة من سكانه بأقل من دولارين في اليوم. لكن العدد المتنامي من القنوات الفضائية وكذلك الانترنت يعني أيضاً أن اليمنيين معرضون في شكل متزايد إلى تأثيرات خارجية. وأصبحت الأذواق تدريجاً أكثر تنوعاً وحققت الموسيقى الغربية أو الموسيقى العربية الحديثة شعبية. واندثرت بعض الآلات الموسيقية التقليدية اليمنية مثل الطربي أي العود اليمني التقليدي، والصحن وهي آلة إيقاعية على شكل طبق معدني، أو أصبحت على وشك الاندثار. وقال عبدالباسط الحارثي وهو لاعب كمان وقائد الفرقة الموسيقية الوطنية اليمنية «للأسف يجري هذا الجيل الآن وراء الفيديو كليب والأغاني الصريحة فحسب... لا يوجد من ينقل تراثهم إليهم. والنتيجة هي اختفاء ثقافة». ولا يدير الشباب اليمني كله ظهره للتراث الموسيقي لبلاده وإن كان كثيرون الآن يتحركون أساساً بدافع من المصالح التجارية ويبحثون عن كسب رزقهم بالعزف في حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات. وقال عماد السويدي (25 سنة) الذي يعمل في محل لبيع الآلات الموسيقية ويعزف العود، «يفعل كثيرون من الفنانين ذلك الآن ليحققوا دخلاً، لكن هناك بعض المتحمسين». ويقول السويدي إن معظم أصدقائه يفضلون الموسيقى الحديثة لكنهم يخشون من أن يؤدي ضياع التراث الموسيقي اليمني بالتدريج إلى فقدان الهوية. وأضاف: «بالطبع يساورني قلق في شأن هذا الأمر. إذا لم يكن لديك ماض فلا حاضر لك».