طالب السفير الفلسطيني لدى السعودية باسم الآغا في تصريح ل«الحياة» الفلسطينيين بترك الانقسام وتطبيق اتفاق مكة والوفاء للقَسَم الذي تم على أستار الكعبة المشرفة، وذلك بمناسبة الذكرى ال 68 ليوم النكبة. وقال السفير الفلسطيني: «منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين الذي سمي انتداباً عام 1917 توطئة لتسليم فلسطين للصهاينة من ساسة بريطانيا الآثمين، عانى الشعب العربي الفلسطيني ما عانى من الاحتلال البريطاني قتلاً وتشريداً، ومن السجون الجماعية، وتعليق أبناء الشعب الفلسطيني على المشانق. ولا يمكن أن ينسى الشيخ فرحان السعدي ذو الثمانين حولاً بريطانيا التي صنعت مأساة بلاده تحقيقاً لوعد بلفور، وما زالت أسلحة الدمار والموت الصهيوينة الأميركية تلاحق شعبنا للقضاء عليه بالفسفور الأبيض والقنابل المنضبة، وبكل وسائل الإبادة للمعتقلين في السجون، وحصار غزة هاشم غزة المكلومة، والحواجز العسكرية في الضفة الغربية حيث الاحتلال». وأضاف: «في زمن عندما سئل وزير خارجية أميركا جون فوستر دلاس ماذا عن الشعب الفلسطيني قال مسكين الشعب الفلسطيني وقع تحت أقدام الفيلة، الكبار يموتون، الصغار ينسون، ألم يعرف دلاس أن الكبار قبل موتهم يضعون الأمانة في صدور أبنائهم أن يا أبناءنا لا تنسوا الوطن إياكم والنسيان، وها هم أبناء فلسطين الجيل الثالث والرابع الذي أريد له النسيان يقاوم الاحتلال - صحيح أن بعضنا مات وبقي البعض، ولكن معظمنا لم يولد بعد». واستعاد باسم الذاكرة التاريخية، قائلاً: «نعود قليلاً لأيام النكبة أيام التشرد والهوان، يوم لفظنا العالم ورحب بهم وجعل من الغزاة القتلة حملة رسالة إنسانية، قذفتنا رياح الصحراء والغياب. خيام اللاجئين كانت للفرجة وبطاقة التموين، ماذا كان يقول السياح لبعضهم البعض: استعجلوا الحقوا لالتقاط الصور التذكارية مع اللاجئين في الخيام قبل أن ينقرضوا، هذه كانت حالنا، نمضغ قساوة الأيام، وننتزع الأوكسجين لنحيا بكرامة - معجزة الشعب العربي الفلسطيني أنه دائماً يتحرك في اللحظة التاريخية، إذ اتجه نحو الوطن المعنوي «العلم»، إلى أن انطلقت طلائع الشعب الفلسطيني طلائع الثورة الفلسطينية تودع الضعف الإنساني على أبواب المخيمات، ولإنقاذ قضيتنا رداً على اليوم الذي انتصروا فيه علينا، وأقاموا كيانهم الصهيوني، رداً على مخططات الغرب بأن نزول ونتلاشى ونهاجر عبر أصقاع العالم». وواصل: «منذ العام 1917 وإلى يومنا هذا شلال الدم الفلسطيني والدم العربي نازف، وعذاب المنافي والغربة والاغتراب والقتل ونسف البيوت وهدمها ومصادرة الأراضي والاستيطان، وجدار الفصل العنصري، ومحاولات تهويد القدس، والأنفاق والحفريات تحت المسجد الأقصى، والمواد الكيماوية على أساساته لينهار المسجد الأقصى عند أول اهتزاز أو هزة أرضية، معاناة الشعب الفلسطيني تنوء عن حملها الجبال، ولكن الشعب الفلسطيني يثبت على مدارالوقت جدارته دفاعاً عن أرض الرسالات وأرض الآباء والأجداد، إن قضية فلسطين بالنسبة إلى العربي المسلم لم تكن موضوعاً خارجياً فاتراً، بل فلسطين جزء من موضوع الحرية والصراع الدامي المر المرير، اغتصاب فلسطين وانتزاعها من شعبها بفعل التآمر والمعادلة الدولية، ليس عدواناً مجرداً للجغرافيا، أو انتهاكاً عابراً عليها، بل هي بالنسبة إلى المواطن العربي المسلم عدوان على حريته وتماسكه وبهجته الإنسانية، لذا فإن المواطن العربي يتماهى مع عناصر نكبة فلسطين وضياع القدس، ليتكلم عن فجيعته هو في وطنه وعلى امتداد الوطن العربي». واستطرد السفير: «القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس تكابد مجاهل الأيام لانتزاع حقوقنا بتضحيات شعبنا بحثاً عن السلام والعدالة، وها نحن نقاتل غزاة العصر ليس حباً في الموت ولكن من أجل الحياة، إنه اختيار الحر الوحيد الذي بقي لنا لإعلان الجدارة، وأول هذه الجدارة الكرامة، إنهم يقتنصون الأطفال، هؤلاء قتلة الأطفال، هذا الكيان الصهيوني الذي لا مهنة له إلا القتل». وتابع: «أعطينا المزيد من الوعود الكثيرة في خطاب الرئيس أوباما في جامعة القاهرة، وكم أسعدنا عندما قال لنا: «السلام عليكم، وعندما أعلن في الأممالمتحدة منذ سنوات خلت أننا سنرى في العام المقبل دولة فلسطين هنا في الأممالمتحدة دولة كاملة العضوية، ولكن للأسف أنها الوعود الكذابة من رئيس أكبر دولة في العالم، على العموم ليس هو فقط الكاذب الوحيد، ألم تعط بريطانيا وعوداً ووعوداً. وتوصد الأبواب في وجوهنا بالفيتو تلو الفيتو ممنوع، أنتم محرومون من حق الحياة، بل وتفتخر الإدارة الأميركية الحالية بأنه لا توجد إدارة أميركية قدمت لإسرائيل أكثر مما قدمت إدارتهم، ومنها منع فلسطين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة - طبعاً أيضاً من صفقات السلاح المتقدمة والدعم المادي وكل وسائل إبقاء إسرائيل على قيد الحياة، لأنه لو توقف شريان واحد لتوقفت الحياة في إسرائيل، إسرائيل دائماً فوق القانون الدولي، هكذا تعاملها أميركا، وإسرائيل ترى نفسها هكذا، ولعلنا نقول دائماً كما قال الرئيس الراحل ياسر عرفات نحن لا نطلب القمر، نحن نطلب العدالة، وتطبيق الشرعية الدولية، وتطبيق القرار 194 وحق اللاجئين في العودة، وهذا حق تكفله المواثيق والشرائع الدولية لعودة القدس، مفاوضات إثر مفاوضات، ومبادرات إثر مبادرات، ليس بوسع السلام أن يظهر إلا إذا بزغت شمس فلسطين بتطبيق الشرعية الدولية، بعودة اللاجئين إلى ديارهم عندما ينتهي الظلم والقهر والإجحاف. هناك أصوات لدى الكيان الصهيوني بأن وطن الفلسطينيين شرق نهر الأردن أي الأردن، القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني قالها ويردد دائماً الأردن لأهله. وبالنسبة إلى فلسطين لا للوطن البديل لا للتوطن والتوطين، لا يعوض الوطن إلا الوطن، ولن يضمن فولاذهم الثقيل القوي النجاح الدائم لفكرة ميتة أصلاً». وأكد السفير الفلسطيني باسم الآغا أن الطريق إلى السلام يبدأ بعودة الفلسطينيين إلى وطنهم لينزعوا عنهم ثوب المأساة الذي فرض عليهم، ويمارسوا حقهم في تقرير مصيرهم، وقال: «من يقول لنا تنازلوا عن القدس وحق اللاجئين في العودة، لأن إسرائيل حقيقة ونحن نقول بأنها واقع قائم بحق القوة وليست حقيقة قائمة بفعل قوة الحق، ولا يوجد لذلك لإسرائيل حق تاريخي أو ديني أو وطني في فلسطين أو القدس، الكيان الصهيوني صناعة غربية، هكذا تقول وثيقة كاميل فبرمان، ومن صنع إسرائيل ومن يتنازل عن جزء من وطنه لا يستحق الجزء الآخر أن يعيش فيه، ومن يتنازل عن وطنه لا يستحق أي وطن يعيش فيه، بحثاً عن السلام والعدالة واستقرار المنطقة مبادرة الملك فهد - طيب الله ثراه - للسلام رفضتها إسرائيل رفضاً قاطعاً، والإدارة الأميركية لم تهتم بها استناداً للموقف الإسرائيلي، مبادرة السلام العربية اعتمدت من القمة العربية في بيروت، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - طيب الله ثراه - اعتمدت بالإجماع في قمة بيروت 2002، كل المبادرات تقابل بمزيد من الاستيطان والاعتقالات ونسف البيوت وهدمها، ومحاولات العدو الصهيوني فرض سياسة التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى، والاحتلال الإسرائيلي يراهن في تنفيذ سياسته على الظروف الدولية والإقليمية، حيث الفتن والحروب المستشرية في الوطن العربي وهي هدية لإسرائيل. وكذلك الانقسام الفلسطيني يساعد العدو في هذا السلوك، كل الذي نريده ونتمناه هو تطبيق اتفاق مكة، والوفاء للقسم الذي تم على أستار الكعبة المشرفة، لكي يكون الموقف الفلسطيني في أبهى صوره، وفي مواجهة العدد الذي يستفيد من الانقسام. إن التحرك باتجاه المبادرة الفرنسية أو الأفكار الفرنسية هو محاولة فتح آفاق جديدة للسلام لحل الدولتين». وواصل: «على رغم المعارضة الشديدة والفتور الأميركي، فإن أهم المرجعيات قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام وغير متروكة للزمن. إن هذا التحرك لكي نسقط أمل القادة الصهاينة في تجميد قضيتنا، والقيادة مستمرة في تعزيز مكانة فلسطين في العالم والمنظمات الدولية، والحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل، والحصول على شهادة ميلاد دولة فلسطين في الأممالمتحدة، والانضمام إلى أكثر من 35 منظمة دولية، منها محكمة الجنايات الدولية، واتفاق جنيف الرابع، واليونيسكو، واستمرار صمود وتجذّر الشعب الفلسطيني في أرضه على امتداد فلسطين وفي القدس. وما دعم السعودية على كل الصعد سياسياً واقتصادياً وإعلامياً ومالياً إلا تعزيز لصمود شعبنا، ومواقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حامل الهم الفلسطيني والعربي والإسلامي، ومواجهة من يترصد لمنطقتنا بالسوء، معزز لمواقف فلسطين السياسية وعلى كل الصعد».