انفجرت الأوضاع الأمنية في دارفور وتصاعدت المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية ومتمردي «حركة العدل والمساواة» ما أوقع عشرات الضحايا من الطرفين. وتوعد زعيم الحركة خليل إبراهيم أمس بنقل المعارك من الريف إلى المدن الكبرى في الإقليم، كما خطف مسلحون ألمانيين من داخل مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور. وقالت وزارة الخارجية السودانية بعد ظهر أمس إن «حركة العدل والمساواة» اختارت الحرب بدل السلام وإن وجود رئيسها خليل إبراهيم في الجماهيرية الليبية «أصبح غير مرغوب فيه» من قبل الحكومة. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد للصحافيين إن وجود خليل في ليبيا صار غير مرغوب فيه من قبل حكومته بعد أن اختار حركته الحرب على رغم من انه توافرت لديه الفرصة لتوقيع اتفاق سلام لكنه تخلى عن منبر الدوحة. وكشف عن اتصالات مع أعلى المستويات في ليبيا للحد من تحركات خليل ابراهيم «لأنه اختار طريق الحرب وفضله على السلام». وعن تهديدات ابراهيم بالعودة الى الخرطوم، قال خالد: «هذا توجه عدائي نرفضة ولا نريد لمثل هذه التوجهات أن تخرج من الاراضي الليبية لذلك نعمل على ابلاغ الجانب الليبي (ضرورة) الحد من هذه الآثار والتحركات المعادية التي يقوم متمردو حركة العدل والمساواة». وقال الجيش السوداني إن معارك ضارية تدور بينه وبين مقاتلي «حركة العدل والمساواة» في منطقة عزبان في ولاية جنوب دارفور. وقال الناطق باسم الجيش المقدم الصوارمي خالد سعد إن الحركة التي يتزعمها خليل إبراهيم تكبدت خسائر فادحة في الأرواح وصلت الى 43 قتيلاً و 90 جريحاً إضافة إلى بعض المفقودين. وأكد أن القوات الحكومية استطاعت تدمير 28 سيارة والاستيلاء على 5 سيارات أخرى بحالة جيدة و3 مدافع وقاذفة للصواريخ. وأقر الصوارمي بسقوط 7 قتلى من الجيش و 11 جريحاً. وأضاف إن «حركة العدل والمساواة» اقتحمت منطقة عزبان وأحدثت فيها الكثير من الفوضى وعدم الاستقرار بين المواطنين ما دفع القوات الحكومية الى استهدافها. وزاد: «القوات المسلحة تبسط حالياً سيطرتها على المنطقة تماماً بعد أن أجلت منها المتمردين بصورة نهائية». لكن خليل إبراهيم أكد أمس أن قواته هزمت القوات الحكومية في تسع معارك كبيرة منذ أيار (مايو) الماضي في مهاجرية وأم سعونة وسكة حديد وعدولة وآخرها في منطقة عزبان وكبدت الجيش خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وغنمت دبابات ومركبات وأسلحة وذخائر، كما أسر العشرات من جنود القوات الحكومية وسلم بعضهم الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأكد إبراهيم أن قواته تسيطر حالياً على ميدان القتال ومساحة واسعة من الريف وستنتقل الى مرحلة ثانية من الحرب باقتحام المدن الكبيرة في دارفور، متوعداً بالسيطرة على الفاشرونيالا أكبر مدينتين في الإقليم قبل أن يتحرك الى الخرطوم لإطاحة نظام الحكم. ووصف منع تشاد له بالعبور الى دارفور الشهر الماضي بأنها مؤامرة إقليمية ودولية، وأعلن رفضه الانضمام الى محادثات السلام مع الحكومة. ورأى أن منبر الدوحة غير محايد ولن يذهب إليها إلا في حال إصلاح المنبر. واعتبر ما يجري حالياً من مفاوضات بين الحكومة و «حركة التحرير والعدالة» تزويراً لإرادة مواطني دارفور، لافتاً إلى انه لا سلام من دون حركته لأن من يتفاوضون لا صلة لهم بالإقليم ولا يملكون قوات على الأرض. وطالب إبراهيم بنقل محادثات السلام من الدوحة إلى دولة أخرى قريبة من دارفور لا يسافر لها بالطائرات وانما بالسيارات حتى لا يتكرر ما حدث له عندما سافر الى الدوحة والعودة عبر القاهرة الى تشاد فمنع من الانتقال الى قواته في دارفور. وذكرت تقارير شبه رسمية في الخرطوم أن خليل إبراهيم اجتمع بمجموعة من قواته في جنوب مدينة سرت الليبية وأخطرها أن قواته بعد خروجها من قاعدتها الرئيسية منطقة جبل مون في ولاية غرب دارفور أعدت موقعاً جديداً وصفه بالاستراتيجي وأكثر تحصيناً في منطقة عدولة في ولاية جنوب دارفور. ولمح التقرير إلى أن الدولة التي تستضيفه (في إشارة إلى ليبيا) وعدت بدعمه بالمال والسلاح. إلى ذلك اختطف مسلحون مجهولون اثنين من الألمان العاملين في منظمة ألمانية تعمل في مجال إصلاح السيارات من وسط مدينة نيالا. وطالبت وزارة الخارجية الخاطفين باطلاق الرهينتين بصورة سلمية. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد في تصريحات صحافية إن حكومته تبذل جهودها لتأمين الأجانب في دارفور سواء كانوا من القوة الأممية الأفريقية المشتركة «يوناميد» أو من المدنيين الذين يعملون في تنفيذ بعض المشروعات التنموية في الإقليم. وكشف خالد أن هناك تنسيقاً في كافة ولايات دارفور للحد من هذه الظاهرة، وطالب الخاطفين باطلاق الرهائن بسلام. وأكد مفوض العون الإنساني في ولاية جنوب دارفور جمال يوسف أن المخطوفين الألمان لا يعملان في الحقل الإنساني. وقال ل «الحياة» إن المخطوفين هما اثنان من الألمان وإن لديهما ورشة لصيانة السيارات في نيالا. من جهة أخرى، بدأ وفد أميركي رفيع المستوى يضم مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية جوني كارسون ووكيل الخارجية لشؤون الإدارة باتريك كندي زيارة للخرطوم تستمر ثلاثة أيام. وقال مسؤول الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السودانية السفير نصرالدين والي إن الوفد الأميركي سيحضر احتفال السفارة الأميركية في الخرطوم بالانتقال إلى مقرها الجديد الذي بات من أكبر السفارات الأميركية في المنطقة ويضم قسماً لوكالة الاستخبارات الأميركية وقسماً قنصلياً لمنح تأشيرات للسودانيين بعدما كان الإجراء يحدث في القاهرة. تقسيم السودان وفي القاهرة، رفض الرئيس التشادي إدريس دبي فكرة «تقسيم» السودان «لأنه سيؤثر على القارة الأفريقية بأكملها ويمس دولاً أخرى». وكان دبي التقى أمس الرئيس المصري حسني مبارك وعقدا قمة تناولت سبل تعميق وتوسيع نطاق العلاقات بين البلدين، فضلاً عن التشاور وتبادل الآراء إزاء التطورات على الساحة الأفريقية، خصوصاً في القرن الأفريقي والسودان بما في ذلك إقليم دارفور. وعقب انتهاء جلسة المحادثات الثنائية امتدت المحادثات إلى جلسة موسعة على غداء عمل أقامه الرئيس مبارك تكريماً لضيفه بحضور أعضاء وفدي البلدين. وأكد دبي لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، في رد على سؤال حول الاستفتاء المقرر على مصير جنوب السودان بداية العام المقبل، رفضه تقسيم السودان. ورأى أنه يمكن الوصول إلى حلول أخرى في ما يتعلق بالسودان كإقامة دولة فيديرالية على سبيل المثال. ودعا إلى ضرورة العمل الجاد في أفريقيا لتجنب الوقوع في فخ ووصف القارة بأنها «قارة المآسي». من جانبه، صرح الناطق باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد بأن محادثات الرئيسين مبارك ودبي تركزت حول متابعة الوضع في السودان، إذ أعرب مبارك عن ارتياحه للتطور الإيجابي في علاقات تشاد والسودان.