في محاولة لكسر الجمود السياسي في العراق، التقى رئيس الوزراء السابق إياد علاوي مرشح تيار الصدر لرئاسة الحكومة، واتفق معه على «تبادل الرسائل ووجهات النظر لبلورة رؤية مشتركة لتشكيل الحكومة». وتتجه الأزمة السياسية في العراق نحو مزيد من التعقيد، مع بروز بوادر تصدع في «التحالف الوطني» الشيعي على خلفية الأزمة المتصاعدة حول منصب رئاسة الوزراء. وفيما تصر كتلة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي على ترشيحه ، تحذر كتلة «الائتلاف الوطني» من ضياع فرصة تشكيل الحكومة على أعضاء التحالف. وكان المالكي وجه انتقادات شديدة اللهجة إلى كل الجهات خلال تصريحات أول من أمس، واتهمها بالتنازل «للخارج»، ورفض الجلوس معها للتفاوض أو تقديم تنازلات لحلفائه، ما أثار استياء هؤلاء وعكس حجم الخلاف المستحكم على اختيار مرشح رئاسة الوزراء. وقال القيادي في «الائتلاف الوطني» محمد مهدي البياتي ل «الحياة»: «نحن أمام مشكلة حقيقة، فكل الأفكار المقترحة لاختيار مرشح رئاسة الوزراء يتم رفضها من هذا الطرف أو ذاك، ولم نجرب أية طريقة أو آلية حتى اليوم». وتكشف ردود فعل أوساط شيعية بارزة على تصريحات المالكي أن التحالف الهش الذي أعلن بين أكبر كتلتين شيعيتين مؤهل للتصدع سريعاً. ويقول البياتي: «يبدو لنا من تصريحات رئيس الوزراء أن كتلته (ائتلاف دولة القانون) كانت تريد التحالف معنا فقط لتحقيق الكتلة الأكبر، على أن يكون اختيار رئيس الوزراء حكراً عليها، ونخشى أن يؤدي ذلك إلى نفاد الوقت وضياع فرصة تشكيل الحكومة». وأبدى استغرابه من دعوة المالكي «الائتلاف الوطني» إلى تقديم مرشح واحد على غرار قائمته. وتساءل البياتي: «ما الفارق إذا قدمنا مرشحاً أو أكثر إذا كانت هناك آليات ولجان حقيقية لاختيار واحد منهم». وكان المالكي اعتبر أن «فكرة أن نذهب إلى مجلس النواب بمرشحين متعددين ونعرضهم على الكتل الأخرى مرفوضة لا يمكن قبولها». ورداً على سؤال عن «الطاولة المستديرة» التي يطالب بها رئيس «المجلس الإسلامي الأعلى» عمار الحكيم، أجاب: «سيكون مصيرها الفشل من دون ملامح اتفاق، لذلك لا نؤيد عقد الطاولة المستديرة لأنه سيزيد القضية تعقيداً حين تفشل هذه الطاولة، وهي فاشلة مئة في المئة بسبب عدم وجود اتفاق أولي». وأكد القيادي في «المجلس الأعلى» طه درع أمس أن «الجلوس إلى الطاولة المستديرة هو الحل الأمثل للخروج من أزمة تشكيل الحكومة». وقال: «تجربة اللقاءات الثنائية بين الكتل السياسية لم تثمر اتفاقاً على آليات تشكيل الحكومة المقبلة، والحل يكمن في جلوس جميع الأطراف إلى الطاولة المستديرة للبحث في الملف». من جهتها، رفضت الناطقة باسم «القائمة العراقية» ميسون الدملوجي اتهام المالكي الكتل السياسية بالتنازل للخارج، وشددت على رفض قائمتها التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي أي تدخل خارجي. وكان المالكي قال إن «الذين كانوا على رأس العملية السياسية تنازلوا بملء إرادتهم للخارج». وقالت الدملوجي ل «الحياة»: «هذه اتهامات مرفوضة ونعتقد أن قائمة المالكي تعقّد الأمور، وهي تقوم بعزل نفسها سياسياً عندما ترفض الجلوس إلى الطاولة المستديرة والتحاور مع الآخرين». وشددت على أن كتلتها تتعامل مع «دولة القانون» و «الائتلاف الوطني» باعتبارهما «كتلتين مستقلتين، وليستا تحالفاً واحداً، وتصر على أنها (القائمة العراقية) الكتلة الأكبر المكلفة تشكيل الحكومة الجديدة، وتعمل في هذا الاتجاه بجدية». لقاء علاوي والجعفري وفي خطوة لافتة، زار علاوي مرشح «تيار الصدر» لرئاسة الحكومة إبراهيم الجعفري مساء الثلثاء. وقال بيان عن اللقاء إن الرجلين «تطرقا إلى مستجدات العملية السياسية والسبل الكفيلة بالإسراع بتشكيل الحكومة المقبلة وبمشاركة جميع الكتل والمكونات، احتراماً لإرادة الشعب العراقي». ونقلت وكالة «أصوات العراق» عن القيادي في «القائمة العراقية» جمال البطيخ وصفه اللقاء بأنه «إيجابي». وقال البطيخ إن «الزيارة تمت في أجواء إيجابية وتم عرض شكل الحكومة المقبلة ومواصفاتها، وتمخضت عن اتفاق بين الجانبين على تبادل الرؤى من خلال تبادل رسائل تدرسها لجنة مشتركة». وأضاف: «قدمنا رسالة إلى الجعفري وقدم رسالة لنا، وسنقرأ الملاحظات لتتبلور الآراء في رسالة واحدة يمكن أن نتعامل مع باقي الكتل والأحزاب السياسية في ضوئها». إلى ذلك، شدد علاوي أمس على أحقيته في تشكيل حكومة جديدة، مبدياً مخاوف على حياته بعدما قال إنه تلقى تحذيرات من مخططات لاغتياله. ونقل الموقع الرسمي ل «القائمة العراقية» عن علاوي قوله ان «الاعتراف بحقه في رئاسة الحكومة أساسي، إذا كان لا يُراد إقصاء السنة من المسار السياسي... وكل ما هو دون ذلك سيتسبب في شحن طائفي». واعتبر أنه «ليست ديموقراطية أن تحكم أقلية الجميع»، مؤكداً أن «جنرالات أميركيين وعراقيين أبلغوه بتفاصيل مخططات لاغتياله». وأشار إلى أن «القوات الأميركية نصبت حواجز اسمنتية إضافية في محيط منزله».