طرح رئيس اللقاء الديموقراطي اللبناني، وليد جنبلاط قضية الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين، فتغيرت التحالفات السياسية بين اللبنانيين. ظهر الانقسام الطائفي على نحو مثالي. حقوق الفلسطينيين في لبنان، جمعت الأحزاب والتكتلات التي تفرقت على الشأن الداخلي. عاد اللبنانيون الى معابدهم لمواجهة الفلسطيني. الحقوق المدنية للفلسطينيين شعار كبير، أهم ما فيه، حقا العمل والتملك. فلبنان يسمح لكل سكان الأرض بالعمل والتملك ويستثني الفلسطينيين. لكن الضجة هذه المرة، وتغير التحالفات، ليسا بسبب الحقوق المدنية، بل خوف ان يفضي هذا التطور الى التوطين. فغالبية السياسيين اللبنانيين ترى ان اندماج الفلسطينيين في المجتمع اللبناني يفضي في النهاية الى إغلاق ملف حق العودة. قصة التوطين في لبنان اكبر كذبة سياسية مرت على هذا البلد. وذلك في مرحلتين مرحلة المارونية السياسية، أي ما قبل الحرب الأهلية، حين شهد لبنان توطين جميع المسيحيين الفلسطينيين، وأغنياء الفلسطينيين. أما المرحلة الثانية فهي مرحلة ما بعد الحرب والتي يمكن تسميتها مرحلة الشيعية السياسية، في هذه المرحلة صدر مرسوم التجنيس وجرى توطين الشيعة الفلسطينيين سكان القرى السبع. ومع ذلك تجد اليوم ان الطرفين يقفان ضد التوطين. التوطين في لبنان يشبه بيتاً من طابقين. الطابق الأول حقيقي، والآخر وهمي. وهذا الوهمي تتبدل دوافعه وألوانه بحسب الظروف، وهو يخدم غايات سياسية لا علاقة لها بالحقوق الوطنية للفلسطينيين أو الحقوق الوطنية للبلد، أي ان الرفض ليس من اجل التمسك بحق العودة بل من اجل تهجير الفلسطيني عن لبنان وطرده الى المنافي البعيدة. أما سكان الطابق الأول الذين يرفضون التوطين من اجل حماية حق العودة والحقوق الوطنية اللبنانية، فإن عددهم وتأثيرهم في لبنان لا يختلف عن عدد وتأثير الأحزاب اليسارية في إسرائيل. لكن لا بد من الإشارة هنا الى حقيقة مهمة وسط مزاد التوطين، هي ان القول ان قضية التوطين جعلت التيارات المسيحية في مواجهة التيارات الإسلامية كذبة جديدة، ومن يعرف تاريخ لبنان يدرك ان الشيعة والموارنة يتحالفون أمام هذه القضية في الصدور وإن اختلفوا تحت قبة البرلمان. مصلحتهم من التوطين انتهت. أما الآخرون فمصلحتهم آتية. بالعربي: السنّة لم يأخذوا نصيبهم من التوطين. أعطوهم فرصة، فربما أصبحت فرصة للبلد والمنطقة.