احتفت مجلة «الثقافة الجديدة» التي تصدرها الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة في عددها الأخير ب «ألف ليلة وليلة»، وتصدرت الغلاف صورة لفتاة تجمع ما بين الملامح الهندية والعربية والفارسية في زيها، وتجلس على رقعة تشبه البساط السحري في حديقة توحي بأجواء الكتاب الأشهر في الأدب الشعبي العربي. ويواكب هذا العدد اللغط الذي أثير أخيراً في شأن طبعة أصدرتها الهيئة المصرية العمة لقصور الثقافة من «ألف ليلة وليلة»، والذي لم ينته بعد، إذ أن مجموعة «محامون بلا حدود» قررت الطعن في قرار النائب العام المصري القاضي بحفظ بلاغ كان تلقاه من المجموعة نفسها لمصادرة تلك الطبعة. العنوان الرئيسي على غلاف العدد «لا تبكي يا شهرزاد»، مع أنه بدا وكأنه مواساة لشهرزاد في مأساتها الجديدة، غير أن الملف الذي شكَل غالبية مواد العدد جاء متجاوزاً لنقطة الرثاء والمواساة. يكتب سليمان العطار عن الخيال الذي اشتملت عليه مخيلة مؤلفي الليالي، حتى أن ما نعيشه من منجزات تكنولوجية في العصر الحديث يمكن رد بذرته الأولى إلى مخيلة هؤلاء المبدعين الذين لا نعرف اسماً لأي منهم. ويرصد العطار كيف كانت الليالي أساساً استفاد منه كتّاب المسرح والسينما والتلفزيون في ما بعد. ويكتب محمد حافظ دياب عن الجنس في التراث العربي، متخذاً من الليالي نموذجاً لحديثه عن علاقة الإسلام بالجنس، وكيف كان الأئمة والفقهاء أمثال السيوطي وابن حزم والنفزوي والتيجاني وغيرهم يتعاملون مع الجنس على أنه جانب مهم من جوانب الحياة الإنسانية، ويجب البحث فيه وفي طرائق أدائه ومقوياته ومحظوراته كي لا يصاب الإنسان بمضار تؤثر في المجتمع ومدى فاعليته فيه. وفي هذا الإطار جاء البحث الذي قدمه عمرو رضا عن علم القضاة والأئمة «الجنس في التراث الإسلامي». وفي محاورة فنية كتب نفيسة عبدالفتاح من وجهة نظر مسرور، سيَاف شهريار، لماذا تستحق الليالي والكتب التي على شكلها الحرق. وكتب هشام عبدالعزيز عن شهرزاد ورواة المقاهي، وكتب حسين عيد عن كبار الكتاب العالميين الذين تأثروا بجماليات «ألف ليلة» وطرائق حكيها وفي مقدمهم الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز. ويمكن القول إن قاسم مسعد عليوة ويوسف القعيد اقتربا من شكل الأزمة الأخيرة، فالقعيد قدم رصداً تاريخياً لما شهدته «ألف ليلة» من أزمات أثناء صدورها، أما عليوة فقدم في بحثه الذي حمل عنوان «آخر دعاوى الحسبة» نص البلاغ الذي قدمته مجموعة «محامون بلا حدود» ضد مسؤولي «قصور الثقافة». وتضمن الملف تحقيقين أجراهما مصطفى سليم ورشا حسني، حمل الأول عنوان «الاقتراب من جسد شهرزاد فعل فاضح»، وحمل الثاني عنوان «ألف ليلة ملهمة الأدباء». وفي النهاية قدمت فادية البامبي توثيقاً لأزمة الليالي في منتصف ثمانينات القرن الماضي. ويمكن القول إن هذا الملف طغى على ملف آخر يخص رحيل الكاتب المصري محمود السعدني، فلم تفرد له المجلة غير مقالة واحدة رصدت فيها رانيا هلال ما قاله كبار المثقفين المصريين في وداعه. وكتب حسين عيد «قراءة في قصيدة الجنوبي» في ذكرى ميلاد أمل دنقل السبعين. وكتبت ياسمين فراج عن الفنانة هدى سلطان في ذكرى وفاتها الرابعة. وتضمن العدد أيضاً نص محضر الاجتماع الأول للجنة التحضيرية لمؤتمر المثقفين الذي يتوقع عقده في القاهرة قبل نهاية العام الحالي.