حط وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر فجأة في مطار شرم الشيخ أمس برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال زيارته لمصر أمس، ما أثار استياء ذوي أسرى مصريين اتهم بن اليعيزر بقتلهم بدم بارد خلال حرب عام 1967، فيما طالب محاموهم باعتقاله والتحقيق معه في البلاغات المقدّمة ضده على خلفية إذاعة التلفزيون الإسرائيلي في آذار (مارس) عام 2007 الفيلم الوثائقي «روح شكيد» الذي يستعرض اعترافات ضابط في وحدة «شكيد» مفادها قتل 250 جندياً من وحدة «كوماندوز» مصرية في مدينة العريش، ويعرض مقاطع من إطلاق النار عليهم وهم عزّل خلال حرب حزيران (يونيو). وثارت ضجة في مصر قبل سنتين بعد بث الفيلم الذي أعدّه وأخرجه دان اديلست للقناة الأولى (رسمية) في التلفزيون الإسرائيلي، وفُتحت ملفات كانت طويت قبل سنوات، واستنفرت الدوائر الرسمية في محاولة لاحتواء الموقف بعد أن ووجهت بانتقادات حادة من صحف معارضة ومستقلة، كما سعت الدوائر الإسرائيلية أيضاً إلى احتواء الموقف بعد توتر العلاقات مع مصر، إذ ألغيت زيارة كانت مقررة في حينها لبن اليعيزر للقاهرة، كما أُلغي اجتماع بين رئيس الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان ورئيس الهيئة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس غلعاد، فضلاً عن رسالة وصفت ب «شديدة اللهجة» وجهها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إلى نظيرته الإسرائيلية في ذلك الوقت تسيبي ليفني يطالب فيها بمحاكمة قتلة الأسرى المصريين. وحرك محامون وأحزاب وجمعيات حقوقية دعاوى قضائية عدة اختصموا فيها بن اليعيزر بصفته قائد وحدة «شكيد» وطالبوا فيها بمحاكمته على الجرائم في حق الأسرى المصريين، كما قاضى ذوو أسرى مصريين مفقودين الحكومة الإسرائيلية وطالبوها بكشف مصير أبنائهم ودفع تعويضات عن انتهاكات الجيش الإسرائيلي ضدهم. وبدا أن نتانياهو سعى الى مصالحة بن اليعيزر مع المصريين، إذ قال في بيانه الصحافي مخاطباً الرئيس حسني مبارك عقب محادثاتهما: «يسرني أن أراكم مرة أخرى ومعي صديق قديم لكم وهو بن اليعيزر». وقال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة ل «الحياة» إن مكتب النائب العام استدعاه مرتين للتحقيق في بلاغ المنظمة ضد بن اليعيزر «ومن المفترض ألا يسمح لبن اليعيزر بمغادرة الأراضي المصرية من دون التحقيق معه في هذا البلاغ المتهم فيه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق أسرى مصريين». ولفت إلى أن العرف القانوني الدولي اتجه إلى «عدم الاعتبار بالحصانة السياسية التي يكفلها القانون للمسؤولين في حال ارتكابهم مثل هذه الجرائم، وبالتالي لا مجال للاعتداد بالحصانة لعدم توقيفه». وأضاف: «فوجئت بقدوم بن اليعيزر، ولو أنه كان معلوماً لدينا أنه سيرافق نتانياهو، لتحركنا في اتجاه المطالبة بتوقيفه، ويبدو أن الزيارة أريد لها أن تتم بشكل مفاجئ (...) لكن هذا لا يعفي مكتب النائب من المسؤولية عن التحقيق مع بن اليعيزر لأنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية على أرض مصرية، وهو الآن على أرض مصر». وقال مصدر قضائي ل «الحياة» إن 6 بلاغات مقدّمة ضد بن اليعيزر تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق أسرى مصريين، وأن مكتب النائب العام حقق فيها ولم يحفظ أياً منها، لكنه رفض التعليق على وجود بن اليعيزر في مصر. كما قال المحامي نبيه الوحش الذي تقدم ايضا ببلاغ ضد بن اليعيزر: «المفترض ألا يسمح له بدخول الأراضي المصرية، وإن دخلها يتم توقيفه للتحقيق معه، لكن هذا الأمر لم ولن يحدث لأسباب سياسية»، مضيفا انه «طلب من مكتب النائب العام إدراج بن اليعيزر على قوائم ترقب الوصول، ولا أعرف لماذا لم يحدث هذا الإجراء». وأكد أن «لا حصانة سياسية أو ديبلوماسية مع الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم (..) هناك دول أوروبية ترفض دخول مسؤولين إسرائيليين لأراضيها بسبب اتهامهم بارتكاب مثل هذه الجرائم». وقضت محكمة مصرية باختصاصها في نظر الدعوى المقامة أمامها من قبل إحدى أسر الأسرى المصريين، وانتدبت المحكمة لجنة من خبراء اتحاد الإذاعة والتلفزيون لتفريغ شريط فيلم «روح شاكيد»، وأكدت أن «هذه الدعوى خارج نطاق الحصانة وتقع في نطاق اختصاص القضاء المصري لأن الوقائع تتعلق بوقائع حرب وحشية على أرض مصرية». وأكدت أنه «لا ينال من اختصاصها بنظر الدعوى ما كفله القانون من حصانة قضائية للدولة الأجنبية ضد القضاء الوطني». وقالت إنها «ترى معاقبة هذه الفئة من مجرمي الحرب لما ارتكبته بحق البشرية من جرائم نكراء لا تقرها جميع الأديان»، معتبرة أن «الملاحقة القضائية والمعاقبة لهم تعد عنصراً مهماً لتفادي وقوع مثل هذه الجرائم مستقبلاً».