أعلنت هيئة النزاهة العامة في العراق أمس، تسلم المتهمين في قضية اختلاس أموال أمانة بغداد من السلطات اللبنانية، تمهيداً لمحاكمتهم في بغداد وسط ترحيب سياسي واسع بالحدث الذي اعتُبر الأول من نوعه في العراق. وفي بيان لهيئة النزاهة حصلت «الحياة» على نسخة منه، أكدت أن العراق «وللمرة الأولى في تاريخه الحديث تسلّم اليوم (أمس) مطلوبين فروا الى دول أخرى». وأشار الى أن الهيئة تسلمت «المطلوبين الرئيسيين في قضية اختلاس كبيرة شهدتها امانة بغداد قبل شهور فروا الى لبنان». وأضاف البيان: «من بين المطلوبين المتهمة الرئيسة زينة، إضافة إلى عدد من مساعديها في العملية ووالدتها وأحد اشقائها وصهرها»، لافتاً إلى أن «هذه هي المرة الأولى في تاريخ البلاد نتسلم مطلوبين فارين إلى الخارج». وكانت السلطات اللبنانية أعلنت قبل أيام توقيف مواطنة عراقية تدعى زينة متهمة بقضية فساد، لدى محاولتها دخول مطار بيروت الدولي، والمغادرة إلى تركيا بجواز سفر مزور يعود للمتهمة سرى وهي زوجة شقيقها، بموجب مذكرة صادرة عن الانتربول وفي اطار التنسيق الأمني بين العراق ولبنان. وأعلنت هيئة النزاهة أنها تمكنت من تجميد خمسة ملايين دولار في المصارف اللبنانية والأردنية من الأموال المختلسة من أمانة بغداد وتقدر ب11 مليون دولار تتهم زينة وأربعة موظفين في الأمانة بسرقتها في تشرين الثاني (نوفمبر) السنة الماضية. من جهته، أشاد رئيس لجنة النزاهة السابق صاح الساعدي، بتسلم المتهمين في قضية أمانة بغداد، واعتبرها سابقة تاريخة. وقال ل«الحياة» إن «هذه هي المرة الأولى التي يستطيع العراق استعادة متهمين في الخارج، والسبب هو تعاون الحكومة اللبنانية. ونتمنى أن تتمكن الحكومة المقبلة ومن خلال علاقات سياسية جيدة مع دول العالم، من تسلم عشرات المتهمين بقضايا فساد وإرهاب». واستبعد الساعدي أن يكون الانتربول هو السبب الرئيس في استعادة المهمين، مؤكداً وجود عدد من مذكرات الاسترداد لدى الشرطة الدولية ولم تتمكن من تنفيذها حتى اليوم. وأكد القيادي في «ائتلاف دولة القانون» كمال الساعدي أن تقليص اشكال الفساد الاداري سينعكس ايجاباً على دخل الفرد، ويعطي دعماً معنوياً لجهات الرقابة في تطويقه. وقال «إن الفساد ما زال يؤثر في العدالة التوزيعية والفاعلية الاقتصادية، نظراً لارتباطه باعادة توزيع أو تخصيص بعض السلع والخدمات، إذ اسهم في اعادة تخصيص الثروات لمصلحة الأكثر قوة». وأضاف الساعدي أن التشهير برموز الفساد أحد الحلول لإبعاد مستخدمي المال العام عن صنع القرار بعدما استنزفت هذه الظاهرة أموالاً خُصصت لاعادة إعمار العراق على رغم الخطط الرسمية للجهات المسؤولة. ولفت الى ضرورة العمل على ايجاد صيغة قانونية تنص صراحة على منح عفو من العقوبة ومكافأة مالية لمن يبلغ عن حدوث صفقة فاسدة أو أعمال محظورة في أي مؤسسة حكومية. وكان رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي وصف في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عملية اختلاس رواتب موظفي المحافظة التي قدرت حينها ب11 مليون دولار، بأنها «أكبر عملية سرقة في تاريخ الدولة العراقية». يشار الى أن وفداً من النزاهة ومكتب الشرطة الدولية (الانتربول) توجه الأسبوع الماضي الى لبنان لتسلم المتهمين الأربعة في قضية الاختلاس، تنفيذاً لقرار لبناني. وأعلنت الحكومة العراقية أنها ستطالب باستعادة الأموال التي حُجز عليها في لبنان والأردن، موضحة أن المتهمة الرئيسية المدعوة زينة سعود فريج، كانت أودعت جزءاً منها باسم زوجة شقيقها المدعوة سرى رحمن كريم التي انتحلت شخصيتها لدى هروبها من العراق، اضافة الى توزيع باقي المبلغ على المتهمين الآخرين وهم كل من والدة زينة وشقيقتها وزوج شقيقتها.