تكشفت معلومات جديدة عن نتائج المواجهات العرقية في قرغيزستان وتحدثت مصادر امنية عن حصيلة قتلى تناهز ال 1800 شخص، فيما وصل عدد اللاجئين والنازحين الى 400 ألف. وصعدت بشكيك لهجتها في مطالبة لندن بتسليم مكسيم باكاييف نجل الرئيس المخلوع كرمان بيك باكاييف والذي تحمله مسؤولية دوامة العنف في البلاد. ولمح مسؤول قرغيزي الى احتمال مناقشة ملف اغلاق قاعدة «ماناس» الاميركية، اذا لم تمارس واشنطن ضغوطاً لتسليم باكاييف الابن لمحاكمته في بلاده. ونقلت وكالة انباء «نوفوستي» الروسية عن مصدر وصفته بأنه «من الاجهزة الخاصة التابعة لإحدى الجمهوريات السوفياتية السابقة» معطيات جديدة عن حجم الكارثة التي ضربت جنوب قرغيزستان بعد تفجر موجة عنف عرقية استهدفت مواطنين من اصول اوزبكية. وقال المصدر ان المعلومات المتوافرة تشير الى سقوط اكثر من 1800 قتيل في الاعتداءات مع الاشارة الى ان الرقم ربما يكون مرشحاً لتجاوز سقف الالفي قتيل. وعزا المصدر التفاوت الكبير بين هذه الحصيلة والرقم الذي اعلنته السلطات المختصة في قرغيزستان الى «اسباب موضوعية» بينها قيام كثير من اهالي الضحايا بدفن قتلاهم مباشرة ومن دون ابلاغ السلطات وكذلك صعوبة الوصول الى المناطق التي وقعت فيها المواجهات. وقال المصدر إن الأجهزة الخاصة توصلت الى هذه المعطيات بعد رصد الوضع واستطلاع آراء شهود وبنتيجة جمع معلومات ميدانية من المنطقة. وكان عدد من ذوي الضحايا ابلغ وسائل اعلام ان «مئات القتلى ظلوا لفترة طويلة تحت انقاض البيوت المحروقة وكان الوصول اليهم صعباً بسبب نشاط القناصة». وفي حال ثبتت صحة هذه المعطيات فإن حصيلة موجة العنف في قرغيزستان تكون الأسوأ في المنطقة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. إلى ذلك، أعلنت السلطات القرغيزية انها إعتقلت عدداً من «المرتزقة» الذين عملوا على تفجير الموقف بدعم من خارج البلاد، وأوضحت ان بينهم أجانب. وقال مصدر قرغيزي ل «الحياة» أن بعض المعتقلين يحملون جنسيات طاجيكية. في الوقت ذاته، مفوض الأممالمتحدة الأعلى لحقوق الإنسان نافي بيلاي أعلن أمس، عن وجود «أدلة دامغة على أن الاضطرابات التي شهدتها قرغيزستان تم التخطيط لها». كما أشار نائب وزير خارجية أوزبكستان المجاورة لقرغيزستان عبد العزيز كاملوف، إلى «تعزيز انطباع مفاده أن قوة ثالثة تقف وراء ما يجري في قرغيزستان». ومعلوم ان بشكيك تتهم انصار الرئيس المخلوع كرمان بيك باكييف بالوقوف وراء اندلاع موجة العنف ومحاولة جر البلاد الى حرب اهلية واسعة النطاق. وكانت السلطات تقدمت بطلب الى لندن لتسليم نجل باكاييف مكسيم، المتهم بادارة الاحداث الدموية وتمويل منفذيها. وكررت بشكيك أمس، إرسال مذكرة إلى الحكومة البريطانية في هذا الشأن بعدما رفضت لندن الاستجابة لطلب سابق. واللافت أن نائب رئيسة الحكومة الموقتة عظيم بيك بيكنازاروف ربط أمس، هذا الملف مع مسألة التواجد العسكري الأميركي في قاعدة «ماناس» القرغيزية، وقال إن حكومته قد تلجأ لمناقشة مسألة إغلاق القاعدة في حال أصرت لندن على رفض الطلب القرغيزي، في مسعى اعتبره مراقبون موجهاً للتأثير على واشنطن من اجل ممارسة ضغوط على السلطات البريطانية للإستجابة للطلب القرغيزي. إلى ذلك اكدت الحكومة القرغيزية ان الوضع في مناطق الجنوب بدأ يعود الى طبيعته تدريجياً على رغم اعترافها بوجود «بؤر توتر». وأفادت جهات امنية أن الاجهزة المختصة بدأت عملية واسعة النطاق للقضاء على ظاهرة القناصة المنتشرين في المنطقة، لكن بيك نازاروف حذر من احتمال استئناف اعمال العنف في مناطق أخرى و «هناك خطر أنهم سيحاولون تحويل قواهم إلى الشمال». وأضاف أن أشخاصاً مقربين من باكاييف، خصوصاً ابن أخيه سانجار، يشرفون مباشرة على تطور الاحداث. في غضون ذلك، تحول الجدل داخل أروقة الحكم في قرغيزستان إلى مسألة الإستفتاء على الدستور الجديد الذي كان مقرراً ان ينظم في 27 من الشهر الجاري، بالتزامن مع انتخاب رئيس انتقالي للبلاد، وأعرب مسؤولون عن قناعتهم بضرورة تأجيل موعد الاستفتاء بسبب التطورات الأخيرة في حين شدد آخرون على أهمية أن يتم في موعده «لتفويت فرصة تحقيق الهدف السياسي المرجو من تفجير موجة العنف»، كما قال سكرتير مجلس الأمن القرغيزي أليغ أوروزوف الذي اوضح انه «على رغم كل الصعوبات، يتعين علينا إجراء استفتاء وانتخاب رئيس لفترة انتقالية حتى تسود السلطة المشروعة في البلاد». ورأى أوروزوف أنه في حال إتمام الاستفتاء «سيكون هناك جهاز سلطة شرعي واحد على الأقل، وهو رئيس للفترة الانتقالية». ولم يستبعد أوروزوف لجوء معارضي السلطة الجديدة الى محاولة إفشال عملية الاقتراع عبر القيام ب «اعمال استفزازية جديدة». وكانت الحكومة القرغيزية الموقتة اعلنت عن ادخال تعديل على مرسوم الاستفتاء ينص على احتمال إلغاء التصويت في بعض المناطق بسبب اعلان حال الطوارئ فيها. وأشار الموقع الإلكتروني الرسمي للحكومة القرغيزية الى ان شرط المضي في اجراء الاستفتاء العام أن يكون إجمالي عدد المواطنين المسجلين على لوائح الناخبين المقيمين في المناطق المفروضة فيها حال الطوارئ أقل من نصف العدد الاجمالي للناخبين في البلاد.