اجرت قوات الأمن العراقية التي استلمت على امتداد الاسابيع الماضية مسؤولية حماية المنطقة الخضراء تعديلات على اساليب التفتيش التي كانت تتبعها القوات الاميركية. وعلى رغم ان قيادة العمليات في بغداد تؤكد ان المنطقة لن تتأثر بالانسحاب الاميركي الا ان سياسيين يعتقدون أن تقاعس بعض الجنود واستخدام اساليب تفتيش غير دقيقة، بالاضافة الى الخلافات السياسية، قد تهدد الأمن في المنطقة التي تضم، بالاضافة الى كبريات المؤسسات الحكومية، مباني عدد كبير من السفارات والشركات ومنازل المسؤولين. وكان من يقصد المنطقة من الصحافيين او الموظفين والعاملين فيها، يبكر ساعة او اكثر عن موعده تحسباً لتأخير متوقع وروتيني في اجراءات التفتيش المعقدة التي كان يشرف عليها الجيش الاميركي، فيما بدت هذه الاجراءات اليوم تحت اشراف العراقيين أكثر سهولة. ولا يبدو الجنود العراقيون المنتشرون عند المداخل الستة المحاطة بجدران عالية اكثر انضباطاً من الاميركيين في عملية التفتيش، فاحياناً يومؤون برؤسهم من داخل غرف صغيرة مبردة للزائر المعروف لديهم من دون تفتيش سيارته او التدقيق في هويته. وكثيراً ما يتبادل الجنود مع الزائرين احاديث حول اعمالهم ويستثنون البعض، لا سيما في اوقات الظهيرة حين يكون الحر على اشده في بغداد. ويقول أحد السياسيين: «كان الجنود الاميركيون يخضعون من يدخل المنطقة الخضراء من الزائرين او الموظفين الى اجراءات امنية مشددة تبدأ بإبراز وثيقتين شخصيتين ثم التفتيش اليدوي ثم السونار وانتهاء بالكلاب البوليسية لتفتيش الحقائب الكبيرة». والمنطقة الخضراء هو الاسم الشائع للحي الدولي في بغداد، أنشأتها القوات الاميركية بعد دخولها بغداد في اذار (مارس) عام (2003) وتبلغ مساحتها10 كيلومترات مربعة وكانت تضم القصر الجمهوري وعدداً من قصور الرئيس الراحل صدام حسين. ويثير تسلم القوات العراقية أمن المنطقة المخاوف من امكان تسلل السيارات المفخخة والانتحاريين بعد ان اقتصرت اعمال العنف التي طاولتها في السابق على القصف الصاروخي، وما يعزز المخاوف هو عدم ضمان ولاء الأجهزة الخاضعة لنفوذ الأحزاب، فيما كان الجيش الاميركي يعتبر عنصراً محايداً بين السياسيين المتصارعين. ويؤكد بعض المقيمين داخل المنطقة الخضراء انهم يشعرون بأمان اقل لكنهم مضطرون للترحيب بهذه الخطوة كي لا يقال إنهم يدعمون بقاء الاحتلال ولا يثقون بالجنود العراقيين. وقال الناطق باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا ل «الحياة» ان «القوات العراقية قادرة على حفظ الأمن في المنطقة الخضراء والسيطرة على المداخل والمخارج ونقاط التفتيش». وأضاف ان «المخاوف من اختراق المنطقة في غير محلها كون القوة تم تدريبها بشكل جيد وتسلمت مهام نقاط التفتيش وهي الآن تحت سيطرة العراق بالكامل». وزاد ان «القوات العراقية هي التي ستتولى الأمن لدى عقد جلسات البرلمان الجديد». وكانت عمليات التفتيش تحت اشراف الجيش الاميركي تشمل جميع النواب. لكن حتى تلك الاجراءات لم تمنع حصول تفجير داخل مبنى البرلمان ادى الى مقتل نائب وجرح آخرين. ويلاحظ ان نقاط التفتيش المؤدية الى مقر السفارة الاميركية لم تسلم الى الجانب العراقي بل واصل جنود اميركيون الاشراف عليها على المداخل المؤدية الى السفارة التي تعد الاكبر في العالم. وانسحبت القوات الأميركية الثلثاء الماضي من آخر نقاط التفتيش في المنطقة الخضراء، بعد أكثر من سبع سنوات وحل محلها اللواء 56 التابع للجيش العراقي. لكن مسؤولا امنياً رفيع المستوى طلب عدم الاشارة الى اسمه قال ل «الحياة» ان «تسلم القوات العراقية ستعزز مخاوف السياسيين المتصارعين القابعين داخلها من حدوث انقلاب عسكري». واضاف ان «قيام قوة عسكرية مدعومة بالدبابات بالسيطرة على بوابات المنطقة الخضراء يعني انها حاصرت المسؤولين».