تعد تقنيات النانو (التقنيات المتناهية في الصغر) من المجالات العلمية الحديثة الواعدة التي تشهد حالياً سباقاً وتنافساً عالمياً هائلاً وتطورات متزايدة ستغير وجه العالم في كل مجالات الحياة، كما ستشكل تحولات هائلة في الاقتصاد العالمي في الحاضر والمستقبل، ومن المتوقع أن يصل حجم إنتاجها من مواد ومنتجات وتقنيات وخدمات إلى نحو 2.6 تريليون دولار عام 2015، كما ستوفر أكثر من 7 ملايين فرصة عمل بحلول العام نفسه. وأدركت السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وهي تتطلع نحو المستقبل، التوجهات العالمية المتزايدة نحو علوم وتقنيات النانو، فكانت سباقة نحو إطلاق ودعم الكثير من المبادرات الرائدة في تقنية النانو، وتعد «مبادرة الملك عبدالله في تقنية النانو» من التجارب العربية المميزة والرائدة، التي تعكس مدى رؤيته واهتمامه ودعمه شخصياً بكل ما من شأنه تطوير ودعم الاقتصاد الوطني. ومن المتوقع أن تدخل تقنية النانو السعودية طوراً جديداً، إذ ستتحول الصناعات المعتمدة على تطبيقات «النانوتكنولوجي»، إلى أحد المصادر الأساسية للاقتصاد الوطني السعودي خلال السنوات القليلة المقبلة. وتبشر جميع المعطيات من الأبحاث والدراسات والتطبيقات التي أجراها معهد الملك عبدالله لتقنية النانو في جامعة الملك سعود بمستقبل واعد في هذه التقنية الحيوية. إذ تم إنتاج سبع براءات اختراع للمعهد منذ تأسيسه وحتى الآن، إضافة لبراءتي اختراع سيتم تسجيلهما في مجال السيلكون، كما أن هناك أكثر من 20 بحثاً متخصصاً في المجالات الكيميائية والفيزيائية والطبية والزراعية ستؤدي لنتائج مهمة على الصعيد التصنيعي، وبالتالي على صعيد الاقتصاد الوطني. وتتركز المشاريع الحالية ل«النانوتكنولوجي»، على أبحاث المياه ومعالجتها ومكافحة التلوث والكشف عن مصادر مائية هي من أولوياتنا، إذ تم تجهيز المختبرات وشراء جهاز لتصنيع ألياف النانو التي يمكن تجريب استخدامها في تحلية المياه، وتم الاتفاق بين المعهد والمؤسسة العامة لتحلية المياه على خطة في أبحاث تحلية المياه، ترتكز على أساس فتح آفاق التعاون بين المعهد والمراكز البحثية والجامعات في المملكة، وكذلك الاتصال بالمراكز العالمية المتطورة في مجال تحلية المياه، لعمل أبحاث ودراسات مشتركة لتطوير تحلية المياه وحل مشكلاتها في السعودية». وتنطلق دوافع الاهتمام بمشاريع المياه تحديداً بالمقارنة بالمواضيع الأخرى وتحظى باهتمام كبير نظراً لحاجتنا الماسة لها، خصوصاً في مجال تحلية المياه وخفض الكلفة المادية فيه، وتم تجهيز مختبرات خاصة بتحلية المياه في المعهد». وعلى رغم أن معهد النانو لم يكمل عامه الثالث، فإن المعهد حقق منجزات خلال هذه الفترة بدأت بتكوين المجلس العلمي العالمي للمعهد الذي يضم في عضويته 12 عضواً، ثلاثة منهم حازوا على جائزة نوبل، وتم تجهيز معامل ومختبرات معهد الملك عبدالله لتقنية النانو بأحدث الأجهزة العلمية المتطورة، وهناك أكثر من 28 مشروعاً بحثياً بكلفة إجمالية تقارب 28 مليون ريال، يشترك فيها 60 باحثاً من جامعة الملك سعود، و20 باحثاً من الجامعات الوطنية، و15 باحثاً من جامعات عالمية مرموقة. وعقد المجلس العلمي العالمي للمعهد اجتماعه الثاني أخيراً في معهد ماكس بلانك في ألمانيا برئاسة البروفيسور هانش وبحضور أعضاء المجلس الذين تم اختيارهم من عدة دول وجامعات علمية مرموقة ومنهم من هو حائز على جائزة نوبل ومجموعة من أعضاء مجلس المعهد، وكان هذا اللقاء استكمالاً للقاء الأول في مدينة الرياض والذي تم خلاله التشرف بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتمت مناقشة ما تم خلال الفترة السابقة من انجازات على مستوى تسجيل براءات الاختراع والأبحاث المنشورة، ومن ثم مناقشة الخطة المستقبلية للمعهد الكفيلة بوضعه في مصاف مراكز البحث العالمية.