على رغم أن أياً من عمليات السطو المسلح لم تحدث في محافظة ديالى المضطربة منذ انحسار العنف الطائفي فيها، إلا أن الصائغ عبدالله بقي متوجساً وسلاحه الشخصي لا يبتعد عنه سوى سنتمترات قليلة، لأن «مهنتنا أصبحت محفوفة بالمخاطر مع الانفلات الأمني الذي عاد مجدداً الى المحافظة». وأضاف، وهو يُطل من الواجهة الزجاجية لمحله على السوق: «لا نعلم أي منهم ينوي سرقتنا... هكذا أصبح شعور بائعي الذهب جميعاً بعد حادثة البياع في بغداد أخيراً حيث قُتل عدد من أصحاب محلات الصاغة فيها وغيرها من المناطق الأخرى». أما سعد الملقب ب«أبي بكر» فتحدث عن مخاوف جدية تنتشر وسط زملائه في المهنة. وقال: «على رغم أن أولادي الثلاثة يؤدون مهمة حمايتي والحفاظ على المصوغات الذهبية. إلا أن المجموعات المسلحة وعصابات السطو أصبحت تملك خبرة في السرقة، ولا يمكن أن تحول التدابير الأمنية دون نجاحها». وزاد: «كنت أملك ثلاثة محلات لبيع الذهب، إلا أن عملي اقتصر على محل واحد بعدما ساد الخوف». وأكد الناطق باسم قيادة الشرطة في ديالى الرائد غالب عطية الكرخي «اتخاذ إجراءات مكثفة للحيلولة دون وقوع عمليات سطو مماثلة لعمليات شهدتها بغداد أخيراً». وأشار إلى أن «الخطة شملت أيضاً مكاتب الصيرفة ومؤسسات مصرفية أخرى». وأضاف أن «التنظيمات المسلحة تعاني من انعدام الدعم، وندرك أنها تخطط لشن عمليات سطو لتمويل عملياتها الإرهابية». ويفرض أصحاب المهنة على أسرهم نظاماً صارماً، خشية أن تطاولهم عمليات خطف للمساومة عليهم مادياً. ويقول صادق الغري ل«الحياة» إن «أسرتي تخضع لنظام صارم بسبب التهديدات التي قد نتعرض لها مع وجود (العلاسة)»، أي مخبرو العصابات والتنظيمات المسلحة. تخشى فخرية محمد (36 سنة) وقوع عملية سطو مسلح خلال فترة وجودها في السوق. وتضيف: «بالتأكيد أخشى أن يحصل ذلك لأن المواجهات المسلحة محتملة مئة في المئة، ما يعني أن نسبة نجاتي ستكون معدومة». وكان مالكو محلات الصاغة اضطروا الى مغادرة ديالى بسبب الحرب الأهلية التي شهدتها. ويروي «أبو سلمان» الذي يملك مقهى قريباً من سوق الصاغة أن «الميليشيات المسلحة اتخذت عدداً من المحلات مخبأ لها أثناء المواجهات، ما أدى الى تدمير غالبيتها. إلا أن الأوضاع الأمنية التي شهدت استقراراً نسبياً شجعت تجار المهنة على العودة وترميم محلاتهم التجارية وممارسة أعمالهم». ولا يخفي الحارس الخوف يسود عبد القادر خليل وهو يرتدي زياً رسمياً، مخاوفه من تنفيذ عملية سطو مسلح بعدما لجأت عصابات متخصصة وأخرى تنتمي الى التنظيمات المسلحة الى أساليب المباغتة والتفجيرات بعبوات صوتية لإشغال الحراس ورجال الأمن. ويضيف أن المواجهات ستحدد نجاح العملية من عدمها، «لكننا في جاهزية ويقظة تؤهلانا لإحباط مثل هذه الهجمات المتوقعة».