بدأ اهتمام الجمهور العريض من الجزائريين بالكرة بعد فوز منتخبهم على المنتخب المصري خلال مقابلتهما الأولى في الجزائر. فمنذ ذلك التاريخ بدأ الجميع يكتشف زياني ومطمور وبلحاج وعنتر يحبي ويبدة وغيرهم من نجوم الفريق الذين انتشرت صورهم على التلفزيون والملابس والإكسسوارات والسيارات والهواتف وكل شيء حتى قوالب الجبنة! وانتشعت صناعة الاعلام الوطنية إلى درجة طغا اللون الأخضر بشكل غير مسبوق مع التأهل للمونديال... لأن الجزائر تنظر إلى المونديال «بعيون الخضرا». ولا يمر يوم منذ ذلك الفوز من دون أن تطالعك الصحف بأخبار المنتخب، وحياة أفراده الشخصية، حياتهم داخل أنديتهم، فيديوات على مواقعها الإلكترونية لكل أهدافهم في أنديتهم، ونشاط المدرب الوطني سعدان وما تقوله المحطات الإعلامية عن الفريق، إلى درجة أنك لا تحتاج إلى البحث عن أية معلومات لأنها تأتي وحدها. ومنذ أشهر والسوق غارقة بملابس الخضر. فيمكنك أن تشتري بدلة حليش أو مطمور أو مغني أو غيرهم من محاربي الصحراء بثمن بسيط ولكل الأعمار من الجنسين. وهنا للمشتري الخيار بين اقتناء بدلة الراعي الرسمي للفريق الوطني «بوما» بثمن يبلغ حوالى 45 يورو أو شراء البدلات المقلدة التي ينخفض سعرها إلى النصف أو حتى أقل. ويعيش صانعو الأعلام وبائعوها أحسن أوقات حياتهم التجارية، فالعلم الوطني يباع بكل الأحجام والاشكال ويشترى مهما كان سعره. وكثيرة هي الاحياء التي تشتري أعلاماً تغطي المسافة بين عمارتين بأسعار قد تزيد عن 100 يورو. ولأن المونديال تحول مناسبة تجارية فريدة لا تهلع إذا طلع لك أحد اللاعبين من علبة الجبنة كجني المصباح أو صحوت صباحاً على رسالة في هاتفك النقال تقول «شجع الخضرا... معاك يا دزاير» بالعربية والفرنسية، أو أن تفتح الراديو في الصباح على أمل العثور على أغنية لفيروز فتجد بدلاً منها «وان تو ثري... فيفا لالجيري». وهذه أغنية لواحدة من الفرق الكثيرة التي ينسى الجمهور اسمها ولكنها تثير الحماسة فتنتشر وترتفع مبيعاتها ويشتريها التلفزيون وتستعملها الشركات للإعلانات. ومن لا يحب الكرة في الجزائر يشعر بأنه منبوذ ووحيد. ولكن من لا يحب الساحرة المستديرة ؟ لا أحد إذا ما استطلعت المحيط وسألت بائع بطاقات «الجزيرة» و «كنال بلوس» الفرنسية. «هل أجد عندك بطاقة؟» تسأل بائعاً، فيجيبك مستهجناً «تأخرت! وين راك عايش؟» فالجميع اقتنى هذه البطاقات التي تفك شفرة القنوات وكأن من لا يملكها ضيع عمره! وكأن الصراع على أشده بين التلفزيون والإذاعة الجزائرية وبين قناة «الجزيرة» في شأن بيع حقوق البث، ولكن بعدما أعلنت «الجزيرة» نقل مباريات الخضر على القنوات المفتوحة فمتابعة المباريات ستكون في الأماكن العامة إذ عودت البلديات مواطنيها على وضع شاشات عملاقة في الشوارع. ولكن ماذا لو خسر محاربو الصحراء معاركهم وعادوا من بلاد نلسون منديلا بخفي حنين؟ سألت «الحياة» بعض الشباب فكانت الردود على اختلافها تنتهي ب «المهم رانا في المونديال». وقال محمد ابن ال23 ربيعاً: «أتمنى أن ننتقل إلى الدور الربع النهائي لأني أريد لهذا العرس أن يستمر. ولكن حتى وإن خسرنا مع سلوفينيا فالمهم أننا في المونديال» متمنياً أن تفوز البرازيل بكأس العالم. أما عدلان الذي يبلغ 29 سنة فقال: «سافرت إلى ألمانيا لمتابعة مقابلة فريقنا ضد الإمارات وكانت تجربة رائعة، ولا أعتقد أن الخضر سيتخطون الدور الأول لكن لا بأس فالمونديال حدث عالمي ولنا فيه نصيب جميل...أتمنى فوز الألمان».